إذا ما نظرنا أدبياً الى مصطلح «الكلاسيكية» أو «الأدب الكلاسيكي»، أو ما يعرف بالأدب القديم، نجد المصطلح تتقاسمه معظم الآداب العالمية، كغيره من المصطلحات والمفاهيم.
ولكن السؤال المركزي هل مصطلح ومفهوم ودلالة ووظيفة الأدب الكلاسيكي الأوروبي يماثل الأدب الكلاسيكي العربي أو غيره من الآداب الأخرى؟ وهذا يدخلنا في نطاق تخصص «الأدب المقارن»، وهو ما لم أكن أقصده في هذه المراجعة، ولكن ما قصدته هو الوقوف على مصطلح المذهب أو الأدب الكلاسيكي الأوروبي، الذي واجه امتحاناً قاسياً مع اللهجات المحلية الأوروبية.
ظهرت المذاهب الأدبية في أوروبا مطلع القرن 17 مع بداية نشوء العالم الحديث، وكان المذهب الكلاسيكي الحلقة الأولى في سلسلة المذاهب الأدبية، وتتالت من بعده سلسلة المذاهب الأدبية الأخرى «المذهب الرومانتيكي والواقعي والطبيعي والرمزي والسريالي» وغيرها من المذاهب الأدبية الأخرى، وأصبحت تلك المذاهب الأدبية معالم بارزة في حركة الأدب الأوروبي الحديث. ولكن ما يعنينا الآن من تلك المذاهب الأدبية، المذهب الكلاسيكي لأسباب أدبية تتعلق بنشأته ووظيفته الأدبية.
فكما هو معروف تاريخياً فإن فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وبقية دول أوروبا الغربية، تفتق ذهنها عن فكرة جديدة تقوم على تطوير اللهجات المحلية الأوروبية، لإحلالها محل اللغة الرسمية أو القومية، بمعنى أن تطور كل دولة لهجتها المحلية، لتصبح في ما بعد اللغة الرسمية لتلك الدولة تستخدم كلغة للشعائر الدينية في الكنائس ولغة التعليم في المدارس والمعاهد، ولغة الآداب، وعلى إثر ذلك زاحمت تلك اللهجات المحلية المطورة، اللغة اللاتينية التي هي في الأصل لغة إغريقية ورومانية وأزاحتها من المشهد، بعد تبنيها من تلك الدول كلغة قومية.
ولاحظ نقاد اللغة- بعد دراساتهم للنصوص المكتوبة لمفردات اللهجات المحلية المطورة واللغة اللاتينية- فرقاً فنياً وأدائياً واضحاً بينهما، عند ذلك قرروا التصدي لتلك اللهجات المحلية المطورة، بسبب ضعف أدائها اللغوي ووقفوا إلى جانب اللغة اللاتينية، وأطلقوا على آداب هذه اللغة الأدب الكلاسيكي، وهو في الأصل مصطلح لاتيني ويعني الأدب القديم «الإغريقي والروماني» وهو الأدب الذي كان يدرس في أوروبا والذي ينظر إليه على أنه الأدب الحقيقي الذي بقي على مر العصور الأوروبية، محافظاً على عراقته الأدبية، وصامداً في وجه التحولات والتغيرات الأدبية، وينظر إليه على أنه الوسيلة الأفضل للتربية والتثقيف، وأطلق عليه الأدب القديم أو الكلاسيكي، لتميزه عن اللهجات المحلية المطورة التي تجاهلها النقاد.
ولذلك يرون أن كل أدب يقوم على صفات وخصائص تمكنه من الخلود الأدبي، يجب أن يطلق عليه «أدب كلاسيكي» ويرون أنه الأدب المناسب للتدريس في المدارس والمعاهد.
ويذكر الدكتور جميل نصيف (أن في منتصف القرن السابع عشر ظهرت مدرسة أدبية، في فرنسا رفضت الآداب المحلية في أوربا ولم تعترف إلا بالأدب القديم، «الأدب الكلاسيكي»)، مطالبة بمحاكاته والسير على نهجه، معتبراً إياه امتداداً للأدب القديم، وظهر في ذلك الوقت أدباء أطلقوا على أنفسهم «الكلاسيكيون».
وفي عصر لاحق لاحظ المعنيون بالآداب، أن الأدب الكلاسيكي الفرنسي خلال القرن السابع عشر تميز عن غيره من الآداب الأخرى، ويرونه المدرسة الجديدة للأدب، مطلقين عليه مصطلح «الكلاسيكية الجديدة».
فبعد ظهور الكلاسيكية الفرنسية منتصف القرن السابع عشر، أصبح مصطلح «كلاسيكية» يستخدم للدلالة على إحدى حالتين: عامة وخاصة. ففي الحالة الأولى: يطلق على العمل الأدبي: مسرحية أو رواية أو مجموعة شعرية، أو على أي عمل فني آخر، بعد أن يبرهن هذا العمل الأدبي أو الفني على جودته، وبذلك استحق أن يتخذ وسيلة للتربية والتثقيف. والحالة الأخرى: يطلق هذا المصطلح للدلالة على أدب بعينه وهو الأدب الفرنسي الذي ظهر في القرن السابع عشر، أو على أي أدب يسير على نهجه.
لقد عرفت النزعة الكلاسيكية في الأدب قمة نضجها وازدهارها في فرنسا، منتصف القرن السابع عشر. ويأتي هذا العصر الذهبي، على مستوى الأدب مطابقًا تمامًا للعصر الذهبي السياسي في فرنسا.
إلا أننا في أدبنا العربي نلاحظ انقساماً حاداً ما بين الأدب القديم «الكلاسيكي» والأدب الحديث، الذي وصف بأسماء مختلفة قصد بها التمايز عن الأدب القديم والذي ينظر له بدونية من قبل أنصار الحديث، نتيجة للتقليد وحالة الانبهار التي أصابت المثقف بكل جديد. كان الشعر الغنائي الصنف الأدبي تقريبًا البارز في نزعة الحداثة وربما نافسته الرواية، وشكل هذا حالة جدل ونقاشات وتناولات حادة لدى جيل كامل من الأدباء. فإذا ما نظرنا إلى العلاقة ما بين الأدب الكلاسيكي والذي يوصف بالأدب القديم وما يعرف بالأدب الحديث، نرى أن الأدب القديم يتصف بالوضوح المطلق والتعبير عن الحقيقة بموضوعية، في حين أن الجديد يتصف بالغموض المطلق وبتعابير ينقض أحدها الآخر، حتى أصبح في نظر البعض لغزًا محيرًا وغامضًا، لوجود تعارض في المضمون والمنهج، والأسلوب ما بين القديم والجديد، فيما يتصل بالعمل الفني والشكل وبناء الصورة حيث يواجه الحديث انتقادًا فنيًا من دعاة القديم، باعتبار أن الأدب انعكاس للواقع الموضوعي، وإن كان هذا الحكم يصعب تعميمه، فمعظم التيارات والمذاهب الأدبية وحتى الفنون تداخلت مع بعضها، فتغير الأداء، والذوق الجمالي والمزاج الأدبي، وحتى موقف الإنسان من الأدب والفن تغير.
ولكن السؤال المركزي هل مصطلح ومفهوم ودلالة ووظيفة الأدب الكلاسيكي الأوروبي يماثل الأدب الكلاسيكي العربي أو غيره من الآداب الأخرى؟ وهذا يدخلنا في نطاق تخصص «الأدب المقارن»، وهو ما لم أكن أقصده في هذه المراجعة، ولكن ما قصدته هو الوقوف على مصطلح المذهب أو الأدب الكلاسيكي الأوروبي، الذي واجه امتحاناً قاسياً مع اللهجات المحلية الأوروبية.
ظهرت المذاهب الأدبية في أوروبا مطلع القرن 17 مع بداية نشوء العالم الحديث، وكان المذهب الكلاسيكي الحلقة الأولى في سلسلة المذاهب الأدبية، وتتالت من بعده سلسلة المذاهب الأدبية الأخرى «المذهب الرومانتيكي والواقعي والطبيعي والرمزي والسريالي» وغيرها من المذاهب الأدبية الأخرى، وأصبحت تلك المذاهب الأدبية معالم بارزة في حركة الأدب الأوروبي الحديث. ولكن ما يعنينا الآن من تلك المذاهب الأدبية، المذهب الكلاسيكي لأسباب أدبية تتعلق بنشأته ووظيفته الأدبية.
فكما هو معروف تاريخياً فإن فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وبقية دول أوروبا الغربية، تفتق ذهنها عن فكرة جديدة تقوم على تطوير اللهجات المحلية الأوروبية، لإحلالها محل اللغة الرسمية أو القومية، بمعنى أن تطور كل دولة لهجتها المحلية، لتصبح في ما بعد اللغة الرسمية لتلك الدولة تستخدم كلغة للشعائر الدينية في الكنائس ولغة التعليم في المدارس والمعاهد، ولغة الآداب، وعلى إثر ذلك زاحمت تلك اللهجات المحلية المطورة، اللغة اللاتينية التي هي في الأصل لغة إغريقية ورومانية وأزاحتها من المشهد، بعد تبنيها من تلك الدول كلغة قومية.
ولاحظ نقاد اللغة- بعد دراساتهم للنصوص المكتوبة لمفردات اللهجات المحلية المطورة واللغة اللاتينية- فرقاً فنياً وأدائياً واضحاً بينهما، عند ذلك قرروا التصدي لتلك اللهجات المحلية المطورة، بسبب ضعف أدائها اللغوي ووقفوا إلى جانب اللغة اللاتينية، وأطلقوا على آداب هذه اللغة الأدب الكلاسيكي، وهو في الأصل مصطلح لاتيني ويعني الأدب القديم «الإغريقي والروماني» وهو الأدب الذي كان يدرس في أوروبا والذي ينظر إليه على أنه الأدب الحقيقي الذي بقي على مر العصور الأوروبية، محافظاً على عراقته الأدبية، وصامداً في وجه التحولات والتغيرات الأدبية، وينظر إليه على أنه الوسيلة الأفضل للتربية والتثقيف، وأطلق عليه الأدب القديم أو الكلاسيكي، لتميزه عن اللهجات المحلية المطورة التي تجاهلها النقاد.
ولذلك يرون أن كل أدب يقوم على صفات وخصائص تمكنه من الخلود الأدبي، يجب أن يطلق عليه «أدب كلاسيكي» ويرون أنه الأدب المناسب للتدريس في المدارس والمعاهد.
ويذكر الدكتور جميل نصيف (أن في منتصف القرن السابع عشر ظهرت مدرسة أدبية، في فرنسا رفضت الآداب المحلية في أوربا ولم تعترف إلا بالأدب القديم، «الأدب الكلاسيكي»)، مطالبة بمحاكاته والسير على نهجه، معتبراً إياه امتداداً للأدب القديم، وظهر في ذلك الوقت أدباء أطلقوا على أنفسهم «الكلاسيكيون».
وفي عصر لاحق لاحظ المعنيون بالآداب، أن الأدب الكلاسيكي الفرنسي خلال القرن السابع عشر تميز عن غيره من الآداب الأخرى، ويرونه المدرسة الجديدة للأدب، مطلقين عليه مصطلح «الكلاسيكية الجديدة».
فبعد ظهور الكلاسيكية الفرنسية منتصف القرن السابع عشر، أصبح مصطلح «كلاسيكية» يستخدم للدلالة على إحدى حالتين: عامة وخاصة. ففي الحالة الأولى: يطلق على العمل الأدبي: مسرحية أو رواية أو مجموعة شعرية، أو على أي عمل فني آخر، بعد أن يبرهن هذا العمل الأدبي أو الفني على جودته، وبذلك استحق أن يتخذ وسيلة للتربية والتثقيف. والحالة الأخرى: يطلق هذا المصطلح للدلالة على أدب بعينه وهو الأدب الفرنسي الذي ظهر في القرن السابع عشر، أو على أي أدب يسير على نهجه.
لقد عرفت النزعة الكلاسيكية في الأدب قمة نضجها وازدهارها في فرنسا، منتصف القرن السابع عشر. ويأتي هذا العصر الذهبي، على مستوى الأدب مطابقًا تمامًا للعصر الذهبي السياسي في فرنسا.
إلا أننا في أدبنا العربي نلاحظ انقساماً حاداً ما بين الأدب القديم «الكلاسيكي» والأدب الحديث، الذي وصف بأسماء مختلفة قصد بها التمايز عن الأدب القديم والذي ينظر له بدونية من قبل أنصار الحديث، نتيجة للتقليد وحالة الانبهار التي أصابت المثقف بكل جديد. كان الشعر الغنائي الصنف الأدبي تقريبًا البارز في نزعة الحداثة وربما نافسته الرواية، وشكل هذا حالة جدل ونقاشات وتناولات حادة لدى جيل كامل من الأدباء. فإذا ما نظرنا إلى العلاقة ما بين الأدب الكلاسيكي والذي يوصف بالأدب القديم وما يعرف بالأدب الحديث، نرى أن الأدب القديم يتصف بالوضوح المطلق والتعبير عن الحقيقة بموضوعية، في حين أن الجديد يتصف بالغموض المطلق وبتعابير ينقض أحدها الآخر، حتى أصبح في نظر البعض لغزًا محيرًا وغامضًا، لوجود تعارض في المضمون والمنهج، والأسلوب ما بين القديم والجديد، فيما يتصل بالعمل الفني والشكل وبناء الصورة حيث يواجه الحديث انتقادًا فنيًا من دعاة القديم، باعتبار أن الأدب انعكاس للواقع الموضوعي، وإن كان هذا الحكم يصعب تعميمه، فمعظم التيارات والمذاهب الأدبية وحتى الفنون تداخلت مع بعضها، فتغير الأداء، والذوق الجمالي والمزاج الأدبي، وحتى موقف الإنسان من الأدب والفن تغير.