أحمد الغامدي

"بكيتَ من الفؤاد على الفؤاد..

وأيقظتَ المشاعر في الجماد..

وأسبلتَ الدموع مزمجرات..

على خدٍّ تجمّر باتقاد"..

لم أجد أقوى من هذه الكلمات الشعرية التي كتبها الدكتور يوسف العارف - أطال الله عمره- لأودع بها رفيق الدرب، صاحب القلب الكبير، وبهجة المجالس، الأديب والشاعر الدكتور أشرف سالم، الذي وافته المنية أمس في مستشفى اندلسية بجدة، بعد صراع مع المرض، حيث لم يستطع قلبه الطيب تحمل المزيد من المآسي والآلام.

قصيدة "بكيت من الفؤاد على الفؤاد التي تقطر كلماتها ألماً وحسرة، أهداها العارف قبل شهور قليلة إلى الدكتور أشرف سالم بعد وفاة ابنه (أسامة)، الأمر الذي فاقم أحزانه وزاد أوجاعه، حتى وصل إلى مراحل صعبة من المرض، وصلت إلى حد أن أبلغني المدير الطبي بالمستشفى التي يرقد به، أن قلبه المرهق لن يستطع التحمل طويلاً، فعضلة القلب نزلت تحت سقف الـ 30% ، ما يعني أنه يواجه خطرا داهما، وسبحان من بيده الدوام، لم يتأخر الأمر طويلاً، فقد جاءني النبأ الصادم مساء أمس، واختار الدكتور أشرف أن يبكي أفئدتنا جميعاً على فراقه بعد أن أطربها بأشعاره وكلماته المبهجة على مدار سنوات طويلة.

قابلت الدكتور أشرف سالم للمرة الأولى في حياتي قبل 25 عاماً في اثنينية عبد المقصود خوجة، عاصرنا الاثنينة والمجلس الخاص، وكان هناك أدباء كبار من خارج المملكة يشاركون الاستمتاع بأشعاره، بينهم الدكتور محمد سعيد العوا والدكتور عايض القرني وعدد من الشخصيات الكبيرة، حيث كان "رحمه الله" حاضراً بأشعاره وكلماته العذبة التي تطرب حضور المجلس.

قبل أيام قليلة تحدثت معه هاتفياً ودعوته لحفل تكريم السفير عبد الله المعلمي في منزلي الشهر المقبل، ذكرته بتشريفي لحفل تكريم الشيخ عيد الجهني، وحفل زواج إبنتي شيماء وكثيراً من المناسبات الخاصه والعامه ...

وعلاقتنا الممتدة لأكثر من عقدين من الزمن، تحدثت معه وكأني أدرك أنه اللقاء الأخير، بعد مسيرة امتعنا فيها في الأدب والنقاش وأسلوبه الشيق في الحوار.

لقد فقدت جدة أحد نجومها الساطعين، ورحل عنا رجلٌ فاضلٌ كريم، سوف نفتقده كثيراً، فقد كان قدوة لأجيال من الأدباء والمفكرين، وسيشكل رحيله خسارة كبيرة للعلم والأدب في هذا الوطن، وسنظل نذكره بكل خير، داعين الله أن يسكنه فسيح جناته.

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، ننعي إلى الأمة العربية والإسلامية، وإلى أهل العلم والأدب في مدينة جدة الحبيبة، الأديب والشاعر الدكتور أشرف سالم، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد صراع طويل مع المرض، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.