تركي الخريجي

باتت المملكة العربية السعودية قاب قوسين أو أدنى المرشح الأكثر والأوفر حظاً في الفوز باستضافة معرض إكسبو الدولي في إصداره لعام 2030، فما هذا المعرض، ولماذا تتسابق الدول في طلب الترشح لاستضافته، وما المكتسبات التي ستحققها من إقامته على أرضها؟ يعتبر إكسبو مناسبة عالمية مهمة يتم تنظيمه كل خمس سنوات في إحدى مدن دول العالم، وهو أحد أكبر وأهم الأحداث العالمية شهرة ومنفعة على الإطلاق. ويُشارك في أحداثه وفعالياته الدول والحكومات في المقام الأول ثم المنظمات والقطاعات الأخرى.

ويبلغ عمر هذا المعرض الدولي «إكسبو» 172 عاماً، عندما أُقيم أول معرض دولي في لندن عام 1851م تحت شعار «المعرض العظيم» بهدف استعراض التقدم والاختراعات التي صنعها الإنسان، والتي أُطلق عليها «الثورة الصناعية» في تلك الحقبة من الزمن. ومنذ ذلك التاريخ لا تزال معارض إكسبو من أكبر وأهم الأحداث الدولية. وتتبع عند نشأتها سياسة وأنظمة البلد المستضيف المُنظم للمعرض، ولكن بعد إنشاء المكتب الدولي للمعارض (Bureau International des Expositions - BIE) في عام 1928 ومقره في باريس؛ أصبح هذا المكتب الجهة المشرفة والمسؤولة عن مثل هذه المعارض الدولية وذلك من خلال الاتفاق الدولي على اتفاقية الإطار التنظيمي للدول المنظمة لعضوية هذا المكتب البالغ عددها 170 دولة، وقد دخل في إطاره التنفيذي في عام 1931م.

أُنشيء هذا المعرض لأهداف سامية ونبيلة تتمحور حول الإنسان والتقدم الذي يُحرزه بما يخدم مصالح البشرية من خلال الموارد المتاحة للإنسان في هذا الكون، ولتقديم أحدث الإنجازات والتقنيات، والترويج للتعاون الدولي في جميع المجالات والقطاعات، وتعزيز حوار التآلف والتكامل، ومد جسور التسامح والتعاون والوعي بين البشرية بمختلف ألوانها وأشكالها ومعتقداتها، ونشر العلوم والمعارف والتقنيات والابتكارات، ولتلبية حاجات الأمم بمختلف حضاراتها وثقافاتها، ووضع الحلول المناسبة للتحديات التي تواجهها البشرية، والوصول إلى الآفاق المستقبلية التي تخدم تطلعات وآمال الإنسان على هذه البسيطة.

وعادة ما ترتبط إقامة هذه المعارض بمناسبة خاصة للدولة المستضيفة للمعرض، كما هو الحال في طلب السعودية استضافة هذا المعرض الدولي في عام 2030، حيث يأتي الطلب من خلال رؤية السعودية 2030 المستشرفة للمستقبل، التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، وفي 29 أكتوبر من عام 2021 تقدمت السعودية بطلب رسمي إلى المكتب الدولي للمعارض (BIE) لاستضافة معرض إكسبو 2030 في العاصمة الرياض تحت شعار «معاً نستشرف المستقبل»، ونجحت الدبلوماسية والسياسة الخارجية السعودية في حشد الجهود الدولية وكسب تأييد ودعم المجتمع الدولي لاستضافة الرياض للمعرض، وأصبح مؤشر بوصلة مكان استضافة هذا المعرض يتجه نحو الرياض حيث يبلغ عدد الدول الداعمة والمؤيدة لطلب الرياض استضافة إكسبو 2030 إلى 90 دولة من أصل 170 دولة عضو في المكتب الدولي للمعارض، وضمن إطار الحملة الترويجية والجهود الوطنية المختلفة المتعلقة بملف مشروع طلب الاستضافة زار السعودية في وقت سابق وفد رفيع المستوى والتمثيل من المكتب الدولي للمعارض (BIE) يضم رئيس المكتب الدولي للمعارض باتريك سبيشت والأمين العام للمكتب الدولي للمعارض ديمتري كيركنتزس وآخرين من أعضاء وممثلي المكتب. ودامت الزيارة خمسة أيام بهدف استعراض الدوافع والمبررات، ومناقشة وتقييم مشروع ملف طلب استضافة الرياض لإكسبو 2030. والتقى الوفد عرّاب رؤية المملكة 2030 الأمير محمد بن سلمان، وجرى على هامش هذه الزيارة عقد ورش عمل مكثفة ومختلفة مع الجهات الوطنية ذات طبيعة الاختصاص، وإجراء الزيارات الميدانية، فضلاً عن الالتقاء بكبار المسؤولين، للتشاور والتباحث، واستعراض مدى جاهزية الرياض لاستضافة هذا المعرض الدولي، وضمان تغطية وتلبية الجوانب المختلفة لضوابط ومعايير شروط المكتب الدولي للمعارض للاستضافة. وغادر الوفد المملكة بانطباع إيجابي ومبشر فاق التوقعات حيث أكد رئيس المكتب الدولي للمعارض والأمين العام للمكتب الدولي للمعارض أن المملكة والرياض لديهما جميع الممكنات والمقومات لاستضافة هذا الحدث العالمي، وأن مشروع إكسبو متوافق مع الخطط التنموية لمدينة الرياض والمملكة، وأن إكسبو 2030 يتناسب مع البرنامج الذي اطلع عليه الوفد أثناء الزيارة المشار إليها لا سيماً بأننا سنُقدم نسخة سعودية تاريخية وتجربة عالمية غير مسبوقة بأعلى مراتب الابتكار في تاريخ تنظيم ذلك المحفل العالمي.

ومن المقرر في حال استضفنا إكسبو 2030 أن يكون تنظيمه خلال الفترة من أول أكتوبر 2030 إلى الأول من أبريل 2031، وذلك تزامناً مع عام نحتفل فيه بتتويج الجهود الوطنية المختلفة الرامية إلى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

ويتنافس حتى هذا التاريخ مع الرياض كل من مدينة بوسان (كوريا الجنوبية)، ومدينة روما (إيطاليا)، ومدينة أوديسا (أوكرانيا). وباعتبار أن دولة إيطاليا قد نظمت سابقا معرض إكسبو 2015 في ميلانو، ونظام المكتب الدولي للمعارض يشترط عدم تنظيم أي دولة نفس المعرض خلال 15 عاما، وبالنظر إلى الأحداث الجيوسياسية في شرق قارة أوروبا؛ فإنه من المتوقع أن يقتصر التنافس للفوز بالاستضافة بين الرياض وبوسان الكورية.

تنعقد الجمعية العمومية 173 للمكتب الدولي للمعارض، ويجري فيه التصويت النهائي بشكل رسمي من قبل الدول الأعضاء على اسم المدينة التي ستستضيف إكسبو 2030 وذلك عن طريق اقتراع سري بنظام قانون الصوت الواحد.