هادي اليامي

في غمرة نجاحاتها، ووسط إنجازات غير مسبوقة تستقبل المملكة الذكرى السابعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وهي مناسبة عزيزة على قلوب كافة أبناء شعبها الذين تمتلئ جوانحهم بالفخر وهم يرون بلادهم تنتقل من نجاح إلى آخر، وتقطع كل يوم خطوات واسعة نحو مراقي التطور وقمم المجد.

ما تحقق خلال السنوات السبع الماضية من إنجازات يستحيل حصره في مثل هذه المساحة، ولا يمكن وصفه بالكلمات لأنه أبلغ من كل وصف. فهو سلسلة متكاملة من النجاحات التي شملت كافة المجالات ولم تقتصر على جانب دون غيره.

بدءًا فإن المملكة اتخذت لنفسها خطًا متميزًا باتباع سياسة الدبلوماسية الناعمة التي تحقق الأهداف بسلاسة، ورسخت مكانتها الدولية عبر سلسلة من الأدوات العصرية التي شملت تعزيز العمل الخيري والإنساني بزيادة مساهماتها للدول الشقيقة والصديقة، إضافة إلى الإسهام الفعال في قضايا العالم، وهو ما أكده خادم الحرمين الشريفين في كلمته أمام قمة المناخ الأخيرة عندما أكد مواصلة المملكة تفاعلها الإيجابي مع قضايا العالم ومشكلاته الملحة.

على الصعيد الاقتصادي حققت السعودية قفزات تنموية هائلة تمثلت في المشاريع العملاقة التي يجري تنفيذها وشارف بعضها على الانتهاء، وهي مشاريع نوعية جاءت في سياق رؤية المملكة 2030 التي هدفت لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد. وهذه المشاريع يتوقع أن تؤدي إلى حدوث تغييرات جذرية في بنية المجتمع، عطفًا على ما تمتاز به من رؤية اقتصادية متكاملة سوف تسفر عن تحقيق الإضافة الإيجابية المطلوبة التي تؤدي في الآخر إلى تحسين حياة المواطن ورفع مستواه المعيشي.

على المستوى السياسي تبوأت بلادنا مكانة رفيعة بين الأمم ونالت عضوية مجموعة العشرين وتبوأت داخلها مكانة رفيعة، كما أصبحت محطة رئيسية في صناعة القرار العالمي لا يمكن تجاوزها، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالدول العربية والإسلامية، وباتت تلقب بكبيرة العرب وقائدة العالم الإسلامي.

أما على الصعيد الاجتماعي فالمملكة تشهد حراكًا كبيرًا لتطوير واقعها والاندماج مع محيطها الإقليمي والعالمي، وشهدت الفترة الماضية صدور قرارات كثيرة هدفت إلى تمكين المرأة ومساعدتها على الانطلاق في ميادين العطاء والإنتاج، وإزالة العوائق التي كانت تعترض طريقها. كذلك تولي الدولة عناية كبرى لقطاع الشباب وتعمل على مساعدتهم لتطوير قدراتهم ورفع كفاءتهم ليتولوا مسؤولياتهم بوصفهم نصف الحاضر وكل المستقبل.

كذلك فإن الحملة التي تستهدف دوائر الفساد المالي والإداري هي إحدى أكبر الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الأخيرة، لأنها تقضي على آفة لم تسلم منها دولة من الدول، لذلك يجري تطهير كافة مرافق الدولة من العناصر التي كانت تستحل لنفسها الاستيلاء على المال العام وتجييره لمصلحتها، وتستأثر بالمنافع دون بقية أفراد الشعب، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى وجود حالة من الإحباط وسط العامة، لأنه لا جدوى من أي جهود وإصلاحات، ما دامت هذه الفئة موجودة.

هذه الجهود المتواصلة لاقتلاع جذور الفساد تحظى بتأييد شعبي واسع، لأنها لم تستثن أحدًا وطالت كل المرافق والقطاعات الحكومية، ونجحت خلال الفترة الماضية في تحقيق نتائج باهرة واستطاعت استعادة أموال طائلة تمت إعادة ضخها في شرايين الاقتصاد من جديد، ويتوقع أن تسرع من عملية التنمية وزيادة القوة الشرائية وإنعاش الأسواق.

أما أكبر الإنجازات -من وجهة نظري- فهي تلك الجهود التي تهدف إلى استكمال المنظومة التشريعية، والتي شملت سن قوانين جديدة وتعديل كثير من القوانين الموجودة، إضافة إلى تطوير المنظومة القضائية عبر تأهيل وتدريب القضاة، وهذه الجهود كان لها دور كبير في تحسين التصنيف المالي للمملكة، ويتوقع أن تسهم كذلك في جذب المزيد من المستثمرين الأجانب الذين يحرصون بطبيعة الحال على العمل في ظل وجود قوانين شفافة وواضحة تضمن حقوق جميع الأطراف.

إضافة إلى ما سبق تتواصل مساعي التحول إلى اقتصاد المعرفة وتوطين التقنية وتطوير التعليم، وذلك لتحويل المملكة إلى بيئة جاذبة لأصحاب القدرات المتميزة بحيث تصبح مركزًا للموهوبين والمخترعين، لا سيما بعد تزايد التوجه نحو مخرجات الذكاء الاصطناعي على نحو ما يجري العمل في مدينة نيوم.

كل هذه الإنجازات تحققت -بعد توفيق الله- على هدي رؤية المملكة 2030 التي يقف وراءها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لصنع واقع جديد، حيث راعت الأوضاع الحالية ووضعت خططًا مدروسة لتحقيق الأهداف المرصودة وفق أساليب علمية حديثة وآجال زمنية موضوعة بدقة.

وهذه المكاسب والجهود التي تبذلها الدولة لتطوير واقع شعبها واستشراف آفاق لمستقبل أفضل أوجدت نوعًا فريدًا من التلاحم بين القيادة الكريمة والشعب الوفي.

وحتى نواصل مسيرة التميز والإنجاز، فإن الواجب يقتضي تعزيز اللحمة الوطنية، والمزيد من الالتفاف حول قيادتنا الرشيدة، وتفويت الفرصة على المتربصين بأمننا واستقرارنا، الذين لا همّ لهم سوى بث الإشاعات المغرضة ومحاولة شق الصف الوطني، وهي محاولات يائسة وبائسة لن يكتب لها سوى الفشل الذريع.

التهنئة في هذا المقام أرفعها لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وللأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي النبيل بهذه المناسبة، سائلا الله عز وجل أن يعيدها أعوامًا مديدة وبلاد الحرمين تواصل مسيرتها القاصدة نحو الازدهار والنماء.