عواجي النعمي

قبل أيام أعلنت وزارة الموارد البشرية البدء في تطبيق قرار توطين أنشطة المقاهي والمطاعم والتموينات والأسواق المركزية. وهو قرار سيوفر الآلاف من الفرص الوظيفية للشباب السعودي، بعد أن كانت هذه الوظائف يتم إشغالها من قبل العمالة الوافدة. ويأتي قرار وزارة الموارد البشرية امتدادًا لقرارات سابقة تعنى بالتوطين في القطاع الخاص وهي قرارات تدعم بشكل كبير مواجهة البطالة ومساعدة الشباب في توفير فرص العمل. وربما ما يحصل حاليًا يجيب على السؤال الأهم وهو في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يواجهها العالم هل نستطيع خلق بيئة تنموية أفضل؟ وتأكيدًا فإن الإجراءات المتسارعة والتي تعمل عليها الحكومة تساهم بشكل كبير في تحسن الوضع الاقتصادي لاسيما في مرحلة التعافي بعد الجائحة. إن قرارات التوطين بالقطاع الخاص تأتي بعد تجربة ناجحة وثرية في توطين وظائف القطاع الحكومي والتي واجهت بعض التحديات. ولعل أول الإدارات التي حظيت بمشروع سعودة كبير ومتكامل كان التعليم على مستوى ما قبل الجامعة أما التعليم الجامعي فلا يزال يواجه بعض التحديات لبعض التخصصات الهامة قبل استكمال مشروع إحلال وظائفه بالسعوديين. إن عملية الإحلال والتوطين في التعليم ليست عملية إحلال شخص بآخر أو موظف بآخر، وإنما إحلال كفاءة بكفاءة لاسيما والمستهدف هو تنمية عقول أطفالنا وقدراتهم. ولقد شهد التعليم خلال السنوات الماضية جهودًا كبيرة في عملية تطوير المناهج العلمية والمعلمين رغبة في الوصول إلى نموذج تعليمي مثالي. ويظل التحدي الحقيقي الذي يواجه وزارة التعليم هو التعليم الأهلي والذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على المعلمين الأجانب وأصبح خيارًا للكثير من المواطنين والمقيمين والذين يرغبون في مخرجات تعليمية أفضل لأبنائهم وبناتهم في ظل اختلاف المناهج.

أما القطاع الصحي فهو أكثر تعقيدًا فعملية السعودة لا تزال أقل من المأمول ويشكل الأطباء السعوديون نسبة لا تزيد عن %20، وتزداد عملية التحدي في ظل شح التخصصات النادرة وعزوف الكثير من الخريجين عن الالتحاق بها لا سيما بعد ثبوت العلاقة بين بعض الأمراض وبين التخصصات التي تتطلب جهدًا وعطاءً أكبر. كذلك فإن عملية إحلال الوظائف الصحية الأخرى واجهت نفس التحدي لاسيما في عملية إحلال العاملين بالأقسام الحرجة، فالتمريض الأجنبي تم إحلاله بتمريض سعودي واجه بعض الصعوبات في المراحل الأولى من عملية الإحلال وهو أمر تنبهت له الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وبدأت في اعتماد برامج الزمالة للتخصصات الحرجة للممارسين الصحيين غير الأطباء بعد أن كانت برامج الزمالة حصرًا على الأطباء.

ولعل تحديات القطاع الصحي الخاص هي من الأهمية بمكان لا سيما في ظل توجه بعض المنشآت في توفير القوى العاملة قليلة التكاليف على حساب الجودة وسلامة المرضى، ومع ارتفاع كفاءة الممارسين الصحيين السعوديين أصبح لزامًا العمل على توطين القطاع الصحي الخاص.

لا شك أن عملية التوطين مهمة جدًا، وأبناء الوطن هم الأمل بعد الله في نهضة البلد وتقدمها، وتقع عليهم مسؤولية وضع المملكة في مصاف الدول الأكثر كفاءة على مستوى العالم، ولكي يتحقق ذلك لا بد من العمل على تطوير المهارات والإمكانيات. فالموظف السعودي حاليًا يحصل على الوظيفة لأنه الأفضل والأميز في أداء المهمة. ولهذا نحتاج إلى عملية استثمار حقيقي في عمليات التعليم العالي والصحة حتى يصبح مستوى المواطن في هذه المؤسسات هو الخيار الأفضل. بل نريد أن نصل إلى مرحلة أن يكون السعودي مطلوبًا ومرغوبًا داخل وخارج الوطن عطفًا على كفاءته وخبرته وأدائه المميز.