حمزة شحاتة

لا تتزوج متعلمة إذا كنت جاهلا ولا جاهلة إذا كنت متعلما فإن الحب وحده لا يصلح أساسا لعشرة يفرض لها البقاء الطويل، ولكن القرابة الفكرية بين الزوجين أمتن أساسا، ألسنا نهرب من الحب إلى الصداقة؟!

سمعت أحدهما يقول: إنها تحبني وتخلص لي.. ما في ذلك ريب.. ولكنها لا تقدم غذاء لفكري وإحساسي بالحياة.. فالعيش معها كزوجة لا يكون إلا محدودا كعيش البهائم والحب وحده لا يستطيع أن ينهض بأعباء الدوام لعشرتنا وقال لآخر: هناك من تلهب فكرك وإحساسك ولكنها تهب قلبها غيرك فهي صالحة لأن تكون صديقة أو حبيبة كل شيء إلا الزوجة المخلصة الأمينة فهل يكفيك هذا لدوام العشرة..؟!

وزفر الأول زفرة كانت صك اعترافه بحيرته.. وقال: ألا ليت الزواج لم يكن ضروريا..!!

ليس في الدنيا تجارة يكثر فيها التغابن كالزواج!!

ما تم من الاكتشافات العلمية صدفة؛ أعظم مما تم بالتتبع والأمر في العثور بزوجة تسعدك لا بد أن يكون كذلك..

إن الزوجة الكاملة لا تقل قيمة عن اكتشاف علمي عظيم فإذا جاء يوم تغدو فيه الحياة سخية بالاكتشافات العلمية العظمى، فإنه لن يأتي اليوم الذي تغدو فيه سخية بالزوجات الكاملات لا، هذه سعادة لا يستحقها نقصنا البشري فيما يظهر.

تتقدم قابليتنا للتسامح بتقدمنا في السن لا لأن التسامح مظهر فتورنا الحيوي؛ ولكن لأننا غدونا أكثر فهما للحياة ونقائصها المضروبة عليها، ولكن حتى هذه الحقيقة البسيطة الواضحة تحتاج إلى قابلية خاصة لفهمها لا يهيئها لنا سن الشباب.

في اللغة كلمات فقدت حرية الحركة في غير مناسباتها التي لا تتغير فكلنا يعرف القدر ويؤمن به ويسميه «المكتوب» فكلمة «المكتوب» هذه تعيش في الجو الذي تشيع فيه النقائض الخلقية وكلمة «النصيب» تتردد حيث يدور حديث عن الزواج مع أن المكتوب والنصيب والمقدر كلمات تترادف معانيها تقريبا.

كنت أنفر من الزواج وأهابه فلما تزوجت كرهته ولكني راغب في أن أتزوج مرة أخرى أو أكثر لأكتشف الزوجة التي تطابق رغائبي الفكرية والنفسية.

ليس الكتاب الجيد هو الذي يسرنا ولكنه الكتاب الذي يروقنا، وكما أننا لا نعرف ما يروقنا إلا بالاختيار والممارسة أو بالصدفة فإننا يستحيل أن نظفر بالزوجة الهانئة في بلاد تخطب فيها المرأة للرجل دون أن يراها أو في بلاد يخطب فيها الرجل قبل أن يعاشر.

يخلع الناس على حبهم لأطفالهم ثيابا ضافية من التهويل والمبالغة، إن الذي أعتقده أن حبنا لأولادنا لا ينبثق من قلوبنا بمجرد وجودهم بيننا، ولكنه يتكون ببطء كتكوينهم وينمو ويتأصل كلما اكتسب من عادات حياتنا بفهم ودوام رعايتنا لهم أسبابا جديدة للنمو والتأصل، ومعقول أن يصبح حبنا إياهم شاغلا قويا بعد ذلك لشعورنا بالحاجة إليهم كجزء متمم لحياتنا وفي بعض الأحيان كضوء ينير جوانبها المظلمة.

أصبحت أعتقد أن للزواج - كالزمن - كرة على الفكر والنفس تفعل الأعاجيب.. فكرة الزمن كفيلة بأن تنسينا أعظم أرزائنا وأن تجعلنا نألف ما كنا ننفر منه.

بعض الحلول يرفض بإصرار على أنه أسوأ الحلول في وقت، وقد يقبل بعد قليل على أنه الحل الممكن أو أنه الحل المعقول، وأظن أن كرة الزواج وإن كانت هي كرة الزمن نفسه أقدر على تطويع الفكر لهضم الصعاب والاستعداد للتسامح.

المطالب التي تتحقق كاملة تكاد تندر في حياة الأمم والأفراد، وهذا علته أن الصراع في الحياة لا ينتهي..

بعض الناس يكون أكثر احتمالا للمشاق، لا لأنهم أقوى، بل لأنهم أقل شعورا بالألم...

قد يكون احتمال المشاق دليل البلادة..

أي إنسان لا ينقلب إباحيا شريرا عندما تتحطم كل مجهوداته الشريفة في سبيل العيش والنجاح ؟!

إن الصبر على مثل هذا الصراع القاتل لا تطيقه إلا قوى الأنبياء فقط.. حتى الأنبياء.. ألم يكن متوقعا أن يملوا الكفاح، لو لم يكونوا واثقين من النتائج.

كيف أبقى فاضلا إذا استحال أن أنتفع في حياتي بأية محاولة شريفة.

أعذب أيام الإنسان تلك التي يكون فيها محدود المطالب..

أي رجل لا ينقلب طفلا على الأقل في باطن نفسه عندما يعشق.

كم نرثي لفهم الآخرين إذا لم يشاطرونا الإعجاب بجمال نهواه.

التلاعب بالألفاظ قديم وإلا فما هو الفرق بين الجشع والطموح والتهور والشجاعة؟!