أبها: فوزية سلامي

تواجه 43% من لغات العالم، البالغ عددها حوالي 7 آلاف لغة، خطر الاندثار، لا سيما اللغات المحلية منها، وذلك حسب تقرير حديث نشرته منظمة الأمم المتحدة.

واللغة المندثرة أو المنقرضة أو الميتة هي اللغة التي لا تستخدم الآن، حيث يحدث أن تمر اللغة بمرحلة موت، بسبب نقص عدد متكلميها، أو إجبار شعب أو عرق ما على تغيير لغته إلى لغة أخرى.

ولا يعد انقراض لغة ما حدثاً عادياً، فقد ذكر المدير العام لليونسكو، كويشيرو ماتسورا «اختفاء لغة من اللغات يؤدي إلى اختفاء عدد من أشكال التراث الثقافي غير المادي، لا سيما القائم على التقاليد وعلى أشكال التعبير الشفهي من قصائد وأساطير وأمثال ونكات لدى المجتمعات التي تتداولها.

كما أن فقدان اللغات يجري على حساب العلاقة التي يقيمها الإنسان مع التنوع البيولوجي حوله لأن اللغات تنقل في الحقيقة كثيراً من المعارف عن الطبيعة والكون».

اللغة الأم

لفت التقرير إلى أن 40% من سكان العالم لا يتلقون تعليمهم بلغتهم الأم، مشيرا إلى اضطرار قرابة 370 مليونا من سكان العالم للهجرة لتحسين ظروف المعيشة، ما يسبب نسيانهم لغات الأم.

كما يوضح أن هناك لغات كثيرة مهددة بالاندثار، من أبرزها اللغة الليغورية المتداولة في بعض المناطق الإيطالية، ولغة التاماشيك في إفريقيا، إضافة إلى اللغة التركية الخراسانية في القوقاز.

ومن بين اللغات التي انقرضت منذ فترة وجيزة لغة (جزيرة مان) التي اندثرت عام 1974 مع وفاة نيد مادريل، ولغة (آساكس) في تنزانيا التي اندثرت عام 1976، ولغة (أوبيخ) في تركيا التي انطفأت مع رحيل توفيق إسينش عام 1992، ولغة (إياك) في ألاسكا التي ماتت عام 2008 مع موت ماري سميث جونز.

اللغات الحية

يُطلق على اللغة التي تكتسب دارسين أو متحدثين جُددا لغة حية أو مزدهرة، لكن ليست هناك لغة تعيش إلى الأبد، فهي مثل النباتات والحيوانات، تظهر وتختفي.

ومقابل اللغات التي تزدهر وتنمو فإن ثمة لغات أخرى تنقرض أو تضمحل، أو تحل محلها لغة مُشتقةً منها، كما ظهرت اللغة الإيطالية من رحم اللاتينية.

التنوع اللغوي

منذ عام 2000، تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) سنويا باليوم العالمي للغة الأم في 21 فبراير، بهدف ترقية التنوع اللغوي والثقافي، إضافة إلى التعددية اللغوية. وتم اختيار هذا التاريخ تكريما للطلاب الذين قتلوا على يد الشرطة في دكا (عاصمة بنغلاديش)، بينما كانوا يحتجون على لغتهم الأم، البنغالية.

وقالت المنظمة في تقريرها «هناك لغة من الـ7 آلاف تتعرض بشكل دوري للاندثار كل أسبوعين»، موضحة أن اللغات تحظى بثقل إستراتيجي مهم في حياة البشر، بوصفها من المقومات الجوهرية للهوية وركيزة أساسية في الاتصال والاندماج الاجتماعي والتعليم والتنمية، ومع ذلك، فهي تتعرض جراء العولمة إلى تهديد متزايد أو إلى الاندثار كليا.

بلا استثناء

يشير العمل الذي قام به لغويون مشاركون في أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار، إلى أن ظاهرة اختفاء اللغات تطال جميع المناطق دون استثناء، وتمتد في ظروف اقتصادية متباينة، وينبه إلى أن الهند والولايات المتحدة والبرازيل وإندونيسيا والمكسيك، وهي بلدان تعرف بتعددها اللغوي، هي أكثر البلدان احتواء للغات المعرضة للخطر. وفي أستراليا هناك 108 لغات مهددة بدرجات متفاوتة. أما فرنسا، ففيها 26 لغة مهددة، 13 منها عرضة لخطر كبير و8 عرضة للخطر، و5 منها لغات هشة.

اهتمام وإحياء

توجد بعض المعلومات التي يكشف عنها الأطلس تحمل أنباء إيجابية، كدولة بابوا غينيا الجديدة مثلاً والتي تضم أكبر تنوع لغوي على سطح المعمورة (أكثر من 800 لغة متداولة) تعتبر بين أقل الدول نسبياً انطواء على اللغات المهددة (88 لغة مهددة).

ونجد هذه اللغات موضع اهتمام وإحياء نشيطين في بعض الأحيان مثل اللغة الكورنية (في كورنوال) أو لغة سيشي (في كاليدونيا الجديدة)، ومن المحتمل جداً أن تصبح تلك لغات حية من جديد.

إضافة إلى ذلك، شهدت كثير من لغات السكان الأصليين ارتفاع عدد الناطقين بها، والفضل يعود إلى السياسات اللغوية المتبعة في هذا الشأن. مثل لغات أيمارا الوسطى وكيتشوا في بيرو، وماوري في نيوزيلندا، وغاراني في باراغواي.

ويرى عالم اللغة الأسترالي ومدير تحرير أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار كريستوفر موصلي: أنه من السذاجة والتبسيط القول إن اللغات الرئيسية التي كانت أيضاً لغات الاستعمار كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية، هي المسؤولة عن انقراض اللغات الأخرى في شتى أنحاء العالم. لأن المسألة أكثر تعقيداً من ذلك وخاضعة لتوازن قوى يساهم الأطلس في تسليط الضوء عليه.

لغات مهددة

من بين اللغات المهددة بالانقراض قائمة قصيرة توشك أن تختفي من ألسنة المتحدثين:

Resígaro

في عام 2016 قُتلت روزا أندرادي أوكاجان آخر امرأة تتحدث اللغة الأمازونية النادرة في البيرو عن عمر يناهز 67 عامًا، ويعد شقيقها بابلو آخر المتحدثين المعروفين بلغة ريسيجارو حاليا، مما جعلها واحدة من أكثر اللغات المهددة بالانقراض.

Chulym

كشف إحصاء روسي لعام 2010 عن وجود 44 متحدثا فقط بلغة تشوليم التركية، ويسمي سكان قرى سيبيريا الشعبية أنفسهم باسم لغتهم، وتم سحب الاعتراف بهم كمجموعة عرقية من قبل الحكومة السوفياتية عام 1959، ثم استعادوا الاعتراف بهم عام 1999.

Patwin

اعتبارًا من عام 2011، ربما كان هناك شخص واحد فقط يتحدث لغة باتوين كلغة أصلية، وتحدثها أمريكيون أصليون في ولاية كاليفورنيا الأمريكية قديما، ويحاول البعض الآخر إحياء اللغة المهددة بالانقراض بإنشاء كتاب قواعد وبناء فصول تعليمية للأطفال من مرحلة ما قبل المدرسة وحتى المدرسة الثانوية باللغة النادرة.

Ainu

يعد شعب أينو من السكان الأصليين لجزيرة هوكايدو في اليابان، وتم حظر لغة عينو وتقاليدها الثقافية في أواخر القرن 19، واندمجوا إلى حد كبير في الثقافة اليابانية، وشهدت الثمانينيات انتعاشا في الثقافة الأصلية، لكن لغتهم تضم ​​حاليا أقل من 20 متحدثًا «أصليًا»، وكلهم أكبر من 64 عاما.

Chemehuevi

قبل وصول الأوروبيين إلى أمريكا، من المحتمل أنه كان هناك ما بين 500 و800 شخص من الأمريكيين الأصليين يتحدثون لغة شيمويفي، التي نشأت في صحراء موهافي في أمريكا الشمالية، ولكن هناك أقل من 20 متحدثا فقط يجيدون هذه اللغة النادرة الآن.

أرقام مقلقة

7000 لغة متداولة في العالم

200لغة اندثرت خلال الأجيال الثلاثة الأخيرة

502 لغة معرضة للخطر الشديد

632 لغة معرضة للخطر

607 لغات هشة

199 لغة يتكلمها أقل من 10 أشخاص في العالم

178 لغة أخرى ينطق بها ما بين 10 و50 شخصا