الحياة العصرية هي كما يقول عنها الكثير الأكثر من الكتاب، ليست في التمتع بالمواد الجتمانية فحسب. بل هي حياة مزدوجة من ذلك ومن صبغ الفكر الإنساني بصباغ الآراء الصحيحة المنقحة التي اكتشفها العلم الحديث أو أنتجتها الآداب الراقية. وكانت ثمرة من ثمرات اللياقة البسيطة في الحياة اليومية المتداولة!
عش حرا
كن مفكرا
اعمل لتعيش
اترك التقعر وحب الظهور الكاذب
ميز ما تراه
اندفع إلى التقدم
هذه هي دساتير الحياة العصرية التي يريدها منا الفكر الإنساني العالي. والتي هي آخر ما وصل إليه فكر الإنسان من وضع سنن الحياة الكاملة بحذافيرها. وإنها علاوة على كونها أكمل الأنظمة التي اختارتها عقول المفكرين للعيشة السعيدة، فهي أيضا أنظمة طبيعية خلق عليها الإنسان الفطري وارتقى إليها الإنسان المدني في أعظم أدواره حضارة وارتقاء، ولا جديد تحت الشمس.
الأدب في الحجاز
بعض من شبابنا الأدباء وبعض من قراء الكتب الدارجة يقرض القطع الشعرية البديعة الناصعة - ناصعة والحق يقال - ولكن ماذا يضمنها من الأفكار.
ينظمها في الخمريات حتى يسابق أبا نواس
وفي الغزل حتى يغلب الشاب الظريف
وفي المديح حتى يفوق البحتري
وفي الحماسة حتى ينسينا ذكر عنترة
وفي الحكمة حتى لا يضاهيه أبو العتاهية
وكل هذه من الأفكار المائتة التي دفنت مع عصور أبي نواس والشاب الظريف، والبحتري، وعنترة، وأبي العتاهية، فلا تصلح لنا. أما إذا لم نستطع أن نأتي بفكر جديد - ولدينا من الأفكار والمقاصد والأغراض الشعرية ما يكمم أفواهنا عجزا وقصورا عن استيعابه - فأحر بنا أن نحطم أقلامنا ونسكت.
أمامنا الوطن بحاجاته المادية والمعنوية وما يتطلبه الشعر فيها، أمامنا العادات والأخلاق بما فيها من فساد يتطلب النقد، أمامنا الحرية بأنواعها، وما يجب من تمكينها في النفوس، أمامنا الشرق الكسول الخامل وما يجب من تنشيطه، أمامنا التغني بأمجاد الشرق ومفاخر الشرق.
أمامنا العرب بحالتهم السياسية وواجب الشعر العصري بهذا الصدد.
أمامنا الغرب باختراعاته ومدهشاته وأعماله وما يتطلبه المقام في ذلك من تمثيله والحث على متابعته إلخ إلخ...
إذن: فما لنا نرجع إلى الوراء حتى في الأدب؟
جناية جناها على أفكارنا وأقلامنا الأقدمون فطأطأنا لها الرؤوس.
كفى يا أدباء الحجاز! ألا نزال مقلدين حجريين إلى الممات.. وأقسم لولا حركة عصرية في الأدب قائمة الآن في الحجاز بهمة لفيف من أحرار الأدب العصري لما عرف العالم شيئا في الحجاز يدعى الأدب الصحيح.
* خواطر مصرحة 1926.
عش حرا
كن مفكرا
اعمل لتعيش
اترك التقعر وحب الظهور الكاذب
ميز ما تراه
اندفع إلى التقدم
هذه هي دساتير الحياة العصرية التي يريدها منا الفكر الإنساني العالي. والتي هي آخر ما وصل إليه فكر الإنسان من وضع سنن الحياة الكاملة بحذافيرها. وإنها علاوة على كونها أكمل الأنظمة التي اختارتها عقول المفكرين للعيشة السعيدة، فهي أيضا أنظمة طبيعية خلق عليها الإنسان الفطري وارتقى إليها الإنسان المدني في أعظم أدواره حضارة وارتقاء، ولا جديد تحت الشمس.
الأدب في الحجاز
بعض من شبابنا الأدباء وبعض من قراء الكتب الدارجة يقرض القطع الشعرية البديعة الناصعة - ناصعة والحق يقال - ولكن ماذا يضمنها من الأفكار.
ينظمها في الخمريات حتى يسابق أبا نواس
وفي الغزل حتى يغلب الشاب الظريف
وفي المديح حتى يفوق البحتري
وفي الحماسة حتى ينسينا ذكر عنترة
وفي الحكمة حتى لا يضاهيه أبو العتاهية
وكل هذه من الأفكار المائتة التي دفنت مع عصور أبي نواس والشاب الظريف، والبحتري، وعنترة، وأبي العتاهية، فلا تصلح لنا. أما إذا لم نستطع أن نأتي بفكر جديد - ولدينا من الأفكار والمقاصد والأغراض الشعرية ما يكمم أفواهنا عجزا وقصورا عن استيعابه - فأحر بنا أن نحطم أقلامنا ونسكت.
أمامنا الوطن بحاجاته المادية والمعنوية وما يتطلبه الشعر فيها، أمامنا العادات والأخلاق بما فيها من فساد يتطلب النقد، أمامنا الحرية بأنواعها، وما يجب من تمكينها في النفوس، أمامنا الشرق الكسول الخامل وما يجب من تنشيطه، أمامنا التغني بأمجاد الشرق ومفاخر الشرق.
أمامنا العرب بحالتهم السياسية وواجب الشعر العصري بهذا الصدد.
أمامنا الغرب باختراعاته ومدهشاته وأعماله وما يتطلبه المقام في ذلك من تمثيله والحث على متابعته إلخ إلخ...
إذن: فما لنا نرجع إلى الوراء حتى في الأدب؟
جناية جناها على أفكارنا وأقلامنا الأقدمون فطأطأنا لها الرؤوس.
كفى يا أدباء الحجاز! ألا نزال مقلدين حجريين إلى الممات.. وأقسم لولا حركة عصرية في الأدب قائمة الآن في الحجاز بهمة لفيف من أحرار الأدب العصري لما عرف العالم شيئا في الحجاز يدعى الأدب الصحيح.
* خواطر مصرحة 1926.