الصينيون منذ 4 آلاف سنة يحتفلون في مثل هذه الأيام بعيد الربيع الصيني، وهو أهم الاحتفالات والمناسبات الصينية، ويسميه الصينيون عيد «نيان»، ويعني حصادا وافرا من كل محاصيل الحبوب، ورغم استعدادات الشعب الصيني لهذا العيد الذي يحرص كل الصينيين على تمضيته مع الأقارب في المنطقة التي ينتمون لها، سواء كانت في القرى أو الغابات والأرياف البعيدة، حيث يعودون بعد قضاء أشهر طويلة في العمل لمسقط رأسهم، يجتمعون حول مائدة واحدة مع جدتهم وجدهم ووالديهم وهي الفرصة الكبرى، وقد تكون الوحيدة التي تجمع كل الأقارب تحت سقف واحد، يسرقون وقتا خاصا بهم بعيدا عن كل انشغالاتهم التي فرقتهم طوال أشهر العام، ورغم أهمية هذا العيد وأهمية تواجدهم بين أقاربهم، إلا أن أكثر من 100 سيدة ورجل أعمال من الصين، حرصوا على حضور حفل وضع حجر أساس مشروع المجمع الصيني العملاق «بان آسيا» في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، هذا المشرع الذي يعتبر من إحدى ثمرات مؤتمر دافوس الصحراء الذي أقيم قبل 3 أشهر تقريبا في الرياض برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتم توقيع اتفاقية بين شركة أرامكو وشركة بان آسيا الصينية بإنشاء مجمع بتروكيماويات في جازان، ولم تمض أشهر قليلة من توقيع الاتفاقية حتى أعلنت الشركتان وضع حجر أساس مجمع بان آسيا العملاق للبتروكيماويات، الذي دخل السوق السعودي كمنافس جديد لشركة سابك، واختارت الاستثمار في السعودية، للجدوى الاستثمارية العالية في ظل انخفاض الضرائب وتكاليف الأرض والطاقة، بما في ذلك الغاز الطبيعي. ولتميز موقع المصنع بقربه من أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي تستورد وحدها 3 ملايين طن سنويا.
ويهدف المشروع إلى إنتاج 2,500,000 طن متري من حمض التريفثاليك النقي ومليون طن بولي إيثيلين تيرفثالات و200 ألف أغشية البوليستر الرقيقة، وغيرها كثير من البتروكيماويات الأساسية المستخدمة في صناعة الدواء وصناعة عبوات البلاستيك والأواني المنزلية والمنسوجات الاصطناعية وأقمشة المفروشات وإطارات السيارات والسيور وأحزمة الأمان، وتوفر فرص عمل 2500 شخص بميزانية 14 مليار ريال تقريبا.
دخول منافس لسابك يمنح السوق قوة تنافسية إيجابية تنعكس على أهمية موقع السعودية كمركز لصناعة البتروكيماويات، وكمصدر رئيس لأهم المنتجات الأساسية في صناعات العالم، ويعطي أيضا المصانع التحويلية الأخرى ميزة الحصول على منتجات أساسية بتكلفة منخفضة، ويشجع مزيدا من الاستثمارات الأجنبية داخل السوق السعودي.
وهذا ما يراه المستثمر الصيني في السوق السعودي الذي اختطف 100 منهم في أوقات مهمة من عيدهم السنوي، لقدومهم إلى السعودية والمشاركة في حفل وضع حجر الأساس للمشروع، قبل أن يعودوا مسرعين إلى بلداتهم قبل أن يفوتهم اجتماع العائلة الكبير، على مائدة شهية، تعدها لهم جداتهم وأمهاتهم، في أيام حميمة لا تحدث في السنة إلا مرة واحدة.