التغيير مفهوم مقلق ومرغوب بنفس الوقت لكثير من المنظمات، والمؤسسات والشركات، وأحيانا الإنسان نفسه، والسبب في ذلك يكمن في الخوف من المجهول والمغامرة التي عادة ما تُحف بكثير من المخاطر والعقبات، وتحتاج إلى صبر ومثابرة وإصرار لتصل إلى التغيير الذي تريده، والذي سيكون للأفضل حسب ما نريد، فقد شهد عالمنا في العصر الحديث تغييرات واسعة، وعميقة في كثير من المسارات منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموجرافية، وأصبحت ظاهرة التغيير تؤثر على المجتمعات البشرية وسلوكياتها ومنهج حياتها لحتميتها، والتي لا يمكن قياسها بثرواتها المادية، بل بقدرة أبنائها على تحمل المسؤولية ورسم مستقبلها وأهدافها العظيمة والانطلاق في نهر التغيير، ومواجهة الضغوطات بإستراتيجيات مناسبة لقدراتهم تحقق أحلامهم.
يقول برنارد شو «معظم الناس لا يعلمون ما الذي يحدث، وبعض الناس ينظرون إلى أشياء كما هي ويتساءلون لماذا؟ أنا أحلم بالأشياء التي لم تحدث بعد وأتساءل: لمَ لا»، لأن التغيير كمفهوم متطلب، ولكن عادة ما يرتبط بالحلم والمأمول والتطلع، لكن ما إن يبدأ هذا المفهوم للتحول من مجرد مطلب إلى تنفيذ حتى يصطدم بمعوقات نفسية أو معوقات إدارية أو معوقات خارجة عن السيطرة تجعل الإنسان يتردد بالاستمرار أو التوقف.
«كثير من الفاشلين أناس لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما استسلموا»، وهذا ما تحدث به أديسون بعد سيل من الإخفاقات في حياته قبل أن ينجح في ابتكاراته، وكذلك أوضح تشارلز نوبل أنه «إذا كان لديك أهداف عظيمة طويلة المدى فلن تؤثر فيك الإخفاقات المؤقتة»، فالتغيير هو جسر الوصول إلى الحلم، وإلى الأهداف العظيمة والتغيير سمة من سمات الحياة.
فلا يهم من نكون، أو أين نعيش، وسواء كنا شيوخا أو شبابا، فجميعنا نصنع التغيير في حياتنا. ويناضل معظمنا من أجل التغيير، فالعالم العربي (ابن خلدون) أول عالم اجتماع قبل غيره في القرن الرابع عشر الميلادي خلص إلى اكتشاف علم قائم بذاته يهتم بدراسة الاجتماع الإنساني، وهو علم العمران البشري، وتقوم نظريته على الصراع ما بين البداوة والحضارة، اللتين تشكلان في رأيه القاعدة التي ينشأ منها التغيير، ولكن قد يكون التغيير بأيدينا للوصول إلى أهدافنا التي رسمناها، أو يكون بيد غيرنا لنكون نحن من أدوات التغيير، وسبيلا للوصول إلى أهداف غيرنا، فالطريقة التي نتغير بها، والتحول الذي نمر به للمستقبل يحدث نتيجة للتغيرات التي تقع في حياتنا، والتي نكون نحن جزءا من صانعيها، فأفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هو أن نصنعه حتى وإن كان المستقبل محفوفا بالمخاطر والأزمات.
فالتغيير سبيل التطور والنمو عندما تكون أهدافنا مرتبطة بأحلامنا، وأن نبدأ رحلة التغيير والنهاية مرسومة في أفكارنا ومخيلتنا.