من أجمل الأشياء التي تلاحظها عند وصولك إلى الصين، أنك لن تتكبد عناء حمل المبالغ النقدية، أو البطاقات البنكية أو البطاقات الائتمانية، وتستطيع أن تنجز كل تعاملاتك عبر جوالك، خلال برنامج الـWeChat، أو برنامج Alipay. وفي تجربة أجرتها صحفية بريطانية -إذا لم تخني الذاكرة في تذكر جنسيتها- قدمت إلى بكين لأسبوعين، لم تنفق خلال تلك الفترة حتى لو يوان صيني نقدا، كانت تنجز كل شيء عبر هاتفها، تستيقظ صباحا، وتطلب الإفطار عبر خدمة إلكترونية، تخرج إلى الشارع وتدفع عبر هاتفها مبلغا لا يتجاوز 40 هللة، وتختار الدراجة التي تريدها من الدراجات التشاركية التابعة لشركات متعددة، وتنطلق إلى محطة المترو، ثم تدفع هناك أيضا عبر هاتفها لتحصل على بطاقة صعود المترو، وهكذا حتى قبل العودة إلى المنزل في المساء تمر على عربات الطعام المتجولة، وتدفع لهم مقابل وجبة العشاء المتواضعة.
أنا أيضا -بحكم إقامتي في الصين- لم أعد أستخدم أبدا المبالغ النقدية، أدفع مقابل كل شيء عبر تقنية الهواتف الذكية، من: تذاكر الطيران والقطارات وسيارات الأجرة، حتى أبسط الأشياء مثل قارورة ماء من بائعة تجر عربتها على قارعة طريق حي شعبي في قرية بعيدة.
إنه حقا شيء رائع ومريح، أتمنى أن أراه يوما ما يطبق في السعودية، وأسعدني جدا أن أرى بوادر قدوم هذه الخدمة تتحقق في السوق السعودية.
تابعت خلال الفترة الماضية عدة شركات تتنافس للدخول إلى هذا السوق، منها شركة STC التي تحظى بقاعدة عملاء كبيرة، وهي المرشح الأكبر للاستحواذ على أكبر حصة في السوق، لسهولة تقديمها خدمة الدفع الإلكتروني لعملائها الحاليين، ولديها القدرة على كسب العملاء المحتملين في الشركات الأخرى. السوق السعودي مهيأ تماما لاستقبال هذه الخدمة، مجتمع سعودي شاب الأكثر استخداما للهواتف الذكية في العالم العربي، بل أصبح لعبة في يد الأطفال رغم مضاره الكبيرة، ولكنه زمن التقنية، يجب أن نتواءم بأقل الأضرار، المتاجر بخطوات صغيرة تستطيع فتح محفظة نقدية إلكترونية تستقبل خلالها مدفوعات العملاء، مما يوفر لهم حماية أكبر من مخاطر تراكم المبالغ النقدية داخل الخزانة، ونقلها إلى البنوك، ويقلل عمليات الاختلاس والسرقة، ويقلل احتمالات السطو المسلح. منصات المتاجر الإلكترونية تنتعش وتصبح العمليات بينهم وبين عملائهم أسهل من أي وقت مضى.
يستخدم خدمات الدفع الإلكتروني في الصين أكثرُ من 500 مليون شخص وبمدفوعات تتجاوز 100 تريليون يوان، ما يقارب الـ15 تريليون دولار.
كل هذه المدفوعات تحتاج إلى منصة مقاصة ضخمة تستوعب كل هذه العمليات الهائلة.
ولذلك، مع بداية هذه الخدمة، نحتاج إلى بنك رقمي يقوم بدور المقاصة بين مقدمي خدمات الدفع الإلكتروني، ويجعلنا نقفز إلى مرحلة متقدمة وسريعة في مجال هذه الخدمة التي ستغير خريطة الدفع المالي في السعودية، وأعتقد أنه حان الوقت لنقول وداعا لعناء حمل المبالغ النقدية والبطاقات البنكية.