إن المتابع لبعض نشرات الأخبار والمحللين والكتاب وبعض منصات التواصل الاجتماعي وبعض الهشتاقات التي تخرج بين الفينة والأخرى يجد أن الشائعات لها موطئ قدم بين الأخبار، وتتناقل بين العقول وبعض الآراء، فيبنى عليها التحليلات والسيناريوهات البعيدة عن الواقع والمنطق، مما يجعلنا أمام تساؤل منطقي حول ما إذا كانت الشائعات أمرا طبيعيا، وهل ممكن أن يوجد مجتمع لا يوجد به هذا الأمر، في اعتقادي أنه لا يوجد مجتمع خال من الشائعات في وقتنا الراهن أو حتى الماضي، لأن الشائعة تعد إحدى الظواهر الاجتماعية، بل تعتبر أهم وأخطر هذه الظواهر التي لا يمكن أن تختفي في مجتمع. فهي موجودة منذ الأزل، وعرفت في أوقات الحروب والأزمات، فشكلت فترة الحربين العالميتين الأولى والثانية مرتعا خصبا لانتشار الشائعة. واستخدمت على نطاق واسع من قبل الدول المتحاربة أثناء الحربين العالميتين، وكان هدف كل طرف من الأطراف المتحاربة بلبلة الرأي العام. ولذلك غدت الشائعة فيما بعد إحدى الأدوات المهمة والمساعدة للحرب النفسية، وقد أدى التطور الذي أصاب الدعاية والحرب النفسية دورا مهما في بلورة مفهوم الشائعة.. والذي يتمثل في الترويج لخبر مختلف لا أساس له من الواقع، أو تعمد المبالغة أو التهويل أو التشويه في سرد خبر فيه جانب ضئيل من الحقيقة، أو إضافة معلومة كاذبة أو مشوهة لخبر معظمه صحيح، أو تفسير خبر صحيح والتعليق عليه بأسلوب مغاير للواقع والحقيقة، وذلك بهدف التأثير النفسى في الرأي العام المحلي أو الإقليمي أو العالمي، تحقيقا لأهداف سياسية أو اقتصادية أو عسكرية على نطاق دولة واحدة أو عدة دول، أو على النطاق العالمي بأجمعه. ولعل البورت وبرستان أوضحا في كتابهما سيكولوجية الشائعة: أن الإشاعات تمتلك خاصيتين وهي الغموض والأهمية،وبالتالي تنتقل من شخص إلى آخر، دون أن يتطلب ذلك البرهان والدليل، وهذا ما نجده واقعا من أعداء المملكة، فهم يسعون ويحاولون إطلاق الشائعات على سياسات المملكة، والتشكيك في بعض القرارات والإصلاحات التي تقوم بها، وذلك لما لها من أهمية لدى المجتمع، وتعتبر بالنسبة لهم أمرا لا يمكن إدراكه، وعلى الرغم من وعي ومعرفة المجتمع السعودي بمصدر الإشاعات المغرضة، والمتمثلة في قناة الجزيرة والمرتزقة العاملين بها، والتي تحاول جاهدة إثارة بلبلة في الرأي العام السعودي، واستغلال الأزمات والأحداث، واختلاق أوهام للتضليل بدون براهين أو أدلة للأخبار التي يروجون لها أو مصادر مسؤولة، وفي كل مرة يروجون لتك الشائعات نجدهم يتلقفون صفعات متتالية تعريهم أمام أنفسهم وضمائرهم إن بقيت لهم ضمائر ولم تشتر من قبل مستضيفيهم، ولعل قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي وإثارة الرأي العالمي بتضليله والبعد عن الحقائق وبناء سيناريوهات وتحليلات وتنجيم وإصدار شهادة وفاة لمواطن سعودي، وكأنهم شهود عيان للقضية، أكبر دليل على أن الإعلام القطري لا ينقل الحدث، بل يصنع الفتن ويجند مرتزقة الدول أصحاب الأبواق المستأجرة لينفذوا أجندتهم المضللة للرأي العام. إن جمال خاشقجي مواطن سعودي والدولة السعودية تهتم برعاياها، وهي أحرص من إعلام مرتزق على كشف الحقائق ومعرفة مصيره والتأكد من سلامته. فالأخبار التي تخرج بشكل متتالٍ والروايات البوليسية التي تستند في طرحها على أحاديث محرفة لمسؤولين. وتقارير مختلقة لا أساس لها من الحقيقية. وأخبار وصور لبعض السائحين على اعتبار أنها جزء من الحقيقة غير الحقيقية، وتداولها بتفصيلات مغايرة للواقع وأخبار مجهولة المصدر تحاول استدراج الرأي العام للتصديق رواياتهم جميعها، محاولات هزيلة ويائسة باءت بالفشل والصدمات، إن آخر أسلحة الإعلام القطري هو إطلاق الشائعات واستعطاف الرأي العام بعد أن فشلوا في كل محاولاتهم في التشكيك والتخوين والتضليل، على الرغم من الصفعات التي تفند ادعاءاتهم وفضحهم على مستوى الرأي العام العالمي والعربي، في كل مرة يتعرضون للمملكة، ولعل قضية اختفاء خاشقجي ستبرهن للعالم على نموذج الزيف الإعلامي، وتصدي أبواق المرتزقة من الإعلاميين المأجورين بعد انكشافها.