قبل عدة أسابيع دعاني صديقي السيد نيه رو يوي، المستشار في مشروع حزام واحد طريق واحد الصيني للقاء السيد يانق، أحد المسؤولين الأكاديميين في المشروع، تحدثنا كثيرا عن التعاون السعودي الصيني، وعن مقالاتي في هذا الشأن، وعندما سألته عن دوره في هذا المشروع وما مهامه الوظيفية، قال لي نحن ندعم المشروع كبحوث أكاديمية.. نبحث عن سبل إنجاح المشروع وتذليل المشاكل التي تواجهه، وبحث سبل استمراره وتحقيق أهدافه، ونحميه من الخارج كطوق يحميه ويأمنه.
وفي الأسبوع الماضي بينما كنت في مكتب الطلاب الدوليين بالجامعة التي أدرس بها في الصين وجدت الكثير من الطلاب الدوليين الذين يدرسون على حسابهم الخاص يطلبون من المكتب التقارير الدراسية لرفعها إلى مشروع الحزام والطريق التي أعلنت عن منح دراسية كاملة مع مكافأة شهرية للطلاب الأجانب المتميزين في الجامعات الصينية. وفي مدينة أيوو نقطة انطلاق قطار الشحن الذي يصل إلى لندن خلال سبعة أيام، أتابع الكثير من الفعاليات التي يقيمها مسؤولو المشروع لسكان تلك المدينة التي يغلب فيها الأجانب من كافة الجنسيات للتجارة والصناعة والتصدير، فعاليات تهدف إلى التعريف بأهداف المشروع، وفتح المجال للأجانب للشراكة فيه بكافة الطرق.
وفي باكستان التي تحد الصين من الغرب قامت الحكومة الصينية بعقد شراكات قوية مع الحكومة الباكستانية لمد الحزام والطريق عبر باكستان نحو الدول العربية، وبالذات السعودية ومن ثم إلى أفريقيا، وتعتبر باكستان هذا التعاون فرصة هائلة للتنمية إذا بدأ بناء الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني في عام 2013، كجزء مهم من مبادرة «الحزام والطريق»، لتعزيز التبادل والتعاون بين البلدين في مجالات النقل والطاقة والأعمال البحرية، بهدف تعميق الترابط بين البلدين. الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني ممر تجاري، يشمل الطرق العامة والسكك الحديدية وأنابيب نقل النفط والغاز الطبيعي وقناة الكابل. يبدأ هذا الممر من كاشغر بمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم في الصين شمالا، ويمتد إلى ميناء جوادر في باكستان جنوبا، بطول أكثر من 3 آلاف كيلومتر. ومن المتوقع أن يستفيد من هذا الممر مئات الملايين من سكان البلدين. تتخذ الصين وباكستان ميناء جوادر والطاقة وبناء البنية التحتية للنقل والتعاون الصناعي كأربعة مجالات رئيسية لتطوير هذا الممر، لتعزيز الترابط والتنمية الاقتصادية لباكستان.
بعد الاتفاق على بناء الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني، بدأ العمل في إنشاء مجموعة من المناطق والحدائق الصناعية ومناطق التجارة الحرة وغيرها من المشروعات الرئيسية بين البلدين، وبدأ البلدان التعاون في بناء البنية التحتية وموارد الطاقة والزراعة وأعمال الري وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغيرها. في عام 2015 وقع البلدان أكثر من 50 اتفاقية تعاونية، قيمتها الإجمالية 46 مليار دولار أميركي. النقل والطاقة والبنية التحتية، تمثل «عنق الزجاجة» للتنمية الاقتصادية الباكستانية، وهي أيضا النقاط الرئيسية التي تركز عليها مبادرة الحزام والطريق، وفي مجال الطاقة، بدأ بناء أو تشغيل مجموعة من مشروعات الطاقة الكهربائية في باكستان، منها مشروعات الكهرباء الحرارية والكهرباء الهيدروليكية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية.
وفي مجال النقل، تم بناء المرحلة الأولى لمشروع توسيع طريق كاراكورام السريع. وبدأ بناء طريق سريع يربط بين كراتشي في جنوبي باكستان ولاهور في شمالها، وسيتم بناء أول خط سكك حديدية حضرية في مدينة لاهور، ثاني أكبر مدينة في باكستان. كل هذه المشروعات لا تحسن البنية التحتية في باكستان فحسب، وإنما أيضا تقدم فرصا تنمية هائلة للمناطق على طول هذه الطرق، كل هذا جزء بسيط فقط مما تفعله الحكومة الصينية لإنجاح مشروعها الحزام والطريق، وقد تصبح السعودية شريكا مباشرا في هذا المشروع بعد الدعوة التي قدمتها الحكومة الباكستانية مؤخرا للسعودية بأن تسهم كشريك في هذا الممر.