الأمن هو جوهر الحضارات، ولبنة الاستقرار، ومصدر الطمأنينة لبناء مستقبل زاهر، فلا بناء ولا حضارة تُشيّد في غياب الأمن، أو في ظل فوضى وعدم استقرار.
فعدم الاستقرار دائما يذهب بعناصر الأمن وأركانه. هذا ما أوضحته تجارب السابقين ورأيناه حولنا في الدول التي تعاني ويلات انفلات الأمن.
ومن بين أركان الأمن وعناصره الأساسية، نجد رجل الأمن باعتباره ممثلا لمؤسسة اجتماعية إنسانية أمنية كاملة، أُوكِل إليها شرف السهر والسعي على راحة وأمن المجتمع التي هي وحدة من وحداته، وبما أن المملكة العربية السعودية قد شرّفها الله بخدمة ضيوف الرحمن وخدمة حجيج بيته العتيق، فإن رجل الأمن السعودي يختلف اختلافا كليا عن رجال الأمن في أي بقعة على وجه الأرض، فلا نبالغ في ذلك، لأن الله شرّفهم بخدمة ضيوف الرحمن في أفضل وأقدس بقعة على وجه المعمورة. فعدسات المصورين من أصقاع الأرض، والذين أتوا إلى الحج وقاموا بالتقاط مواقف لرجال الأمن بشكل عفوي، أبرزت الجوانب الإنسانية والأخلاقية الرفيعة، النابعة من سماحة الدين وصدق المعتقد ونبل القيم، وهو ما دأبت علية قيادات هذا البلد العزيز. فالرأي العام العالمي والإسلامي يجمع على تميز رجل الأمن السعودي في خدمة ضيوف الرحمن، شاهدٌ على ذلك ملايين الحجيج الذين لمسوا هذا الإخلاص في العمل، ولم يتأثروا بمحطات التشويه والتسييس في فريضة وركن من أركان الإسلام، ألا وهو الحج العظيم.
كما أن دور رجل الأمن لم يقتصر على ضبط النظام وعدم السماح بإخلاله، ليتسنى لضيوف بيت الله أداء مناسكهم، وإنما زيادة حرص منهم تجدهم يحملون الضعيف على أكتافهم ويعالجون المريض، ويسقون الكهل الكبير ويرشدون الحاج، ويسهمون في تخفيف حرارة الشمس برش الماء على الحجيج، وإطعامهم ومعالجتهم، كل ذلك وهم يتنافسون على تقديم الخير، ويسارعون في كسب الأجر من الله.
إن العلاقة بين الحاج ورجل الأمن علاقة ذات نوع خاص، خاضعة لقداسة الزمان والمكان. فالأول يطلب الاستقرار والحماية لأهله وماله، وأن يعود إلى أهله سالما، بحج مبرور وسعي مشكور، وهو قد أدى مناسك الحج.
والثاني، يوفر له مناخا وبيئة يشعر فيهما بطمأنينة، والاستقرار النفسي، ويوفر له كل سبل الراحة بوجه بشوش، مستمتعين بأداء عملهم، على الرغم من أن رجل الأمن الذي يزاول عمله ميدانيا، وخلال الجمهور، يواجه مسؤولية في غاية الحساسية والصعوبة، تتمثل في تعامله مع مجموعات من البشر مختلفين في الأنماط والاتجاهات والعادات، وكذلك الأجناس، ويتعامل معهم في موضوع في غاية الخصوصية والدقة، يتمثل في تحقيق الخدمة الأمنية والمساعدة الإنسانية التطوعية لهم بشكل فعّال.
فرجال الأمن مدركون نوع الخدمة، ومدركون عظم الأجر العظيم، بإذن الله، ومستشعرون دعاء المسلمين لهم، وبمختلف لغات العالم، فهنيئا لهم شرف العمل وشرف الخدمة، فهم مُغبَطون على عملهم، ونحن فخورون بهم، فهم الإخوة والأبناء والآباء، فلهم منا الدعاء.