يقول المثل العربي: «الأعمال أثمار والأقوال أوراق».
هكذا قالها الرئيس الصيني «شي جين بينغ» أثناء إلقاء كلمته في افتتاح منتدى التعاون العربي الصيني الذي عقد في دورته السادسة مؤخرا في الصين، والذي اقترح تأسيسه الرئيس الصيني السابق «هو جينتاو» عام 2004 أثناء زيارته لجامعة الدول العربية في القاهرة.
منتدى التعاون العربي الصيني رغم عمره القصير إلا أنه تم تحقيق العديد من الإنجازات التاريخية، لو نظرنا لبنود هذا المنتدى سنجد أن من أهم بنوده في المجال السياسي أن تكون العلاقات ذات تبادل رفيع المستوى، وهذا ما نراه في العلاقات السعودية الصينية، حيث تم تأسيس المجلس السعودي الصيني السنوي الأعلى الذي يرأسه من الجانب السعودي ولي العهد محمد بن سلمان، ومن الجانب الصيني نائب الرئيس الصيني، وأن يتم تعزيز التواصل بين الجهات التشريعية، وهذا ما تم ما بين السعودية والصين وبين الدول العربية والصين خلال السنوات الماضية بشكل كبير ومؤثر.
ومن أهم بنود التعاون العربي الصيني هو الاستثمار في المجال الاقتصادي والتجاري، وهذا ما رأيناه يتعزز خلال فترة وجيزة في مجالات عدة مثل الاستثمار بناء البنية التحتية، تشجيع ودعم الشركات الصينية والمؤسسات المالية الصينية لتوسيع دائرة مشاركتها في التعاون مع الدول العربية في مجالات السكك الحديدية والطرق العامة والموانئ والطيران والكهرباء والاتصالات ومنظومة «بيدو» للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية والمحطات الأرضية للأقمار الاصطناعية وغيرها من البنية التحتية والأساسية، وتوسيع التعاون في تشغيل المشاريع بخطوات تدريجية. والعمل على إجراء التعاون في المشاريع الكبرى في الدول العربية وفقا لمجالاتها واحتياجاتها ذات الأولوية للتنمية، من مترو وقطارات ومطارات وطرق وكبارٍ وأنفاق، والاستثمار في مجال الطاقة، حيث قامت السعودية والصين بعقد أكبر الشراكات في مجال صناعة النفط إذا تم عقد العديد من الاستثمارات المشتركة في رابغ وجازان وغيرها، فتحت العديد من الفرص الوظيفية الواعدة لشباب الوطن في المجال الهندسي والإداري ومجالات مهمة أخرى، كما أنه تم عقد العديد من الاتفاقيات بخصوص برنامج الحزام والطريق الذي وضعته الصين كأهم أولياتها في كل علاقاتها مع الدول الأخرى، وبالخصوص مع الدول العربية التي تعتبر حلقة الوصل ما بينها وبين القارتين الأوروبية والأفريقية، ومن أهم الاتفاقيات التي عقدت بخصوص الحزام والطريق هو العقد الذي تم توقيعه ما بين الرئيس المصري والرئيس الصيني أثناء جولة الأخير التي بدأها بزيارة للسعودية، وافتتح خلال الزيارة أكبر المشاريع النفطية تحت شرف وحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه.
سرد مجالات التعاون العربي الصيني تطول للغاية، ولكن قوة هذا التعاون جعلت للعالم العربي، والخليجي بالذات، حليفا وصديقا قويا يجعل من الاعتماد على الحليف الأكبر أميركا يستمر، لكنه يرسل رسالة بأن هناك حلفاء أقوياء يمكننا التعاون معهم لتحقيق مصالحنا المشتركة، ولا يمكن الاعتماد على حليف واحد، خاصة دولة انتخابية مثل أميركا، تتغير سياستها الخارجية كل ما تغير الرجل الأول في البيت الأبيض، والبون الشاسع بين سياستي أوباما وترمب تجاه إيران والدول العربية يجعلنا نصرّ على تنويع الحلفاء وتقوية المصالح المشتركة معهم التي تدفعهم لحماية مواقعها في العالم العربي ضد أي تهديد قد يلحق بها، سواء كان من الطرف الإيراني أو أي جهة أخرى.