في ظل التغيرات المؤسسية التي تقوم بها مؤسسات الدولة والتحول الوطني لتحقيق الرؤية 2030، والجهود المبذولة إلى التحسين والابتكار على المهارات والأدوات أو المداخل المعروفة، في كل قطاع ومؤسسة تكمن هناك نقاط أساسية وإستراتيجية، في نفس الوقت عملت بها شركات كبرى على المستوى العالمي عليها، وهي التركيز على ما يسمى بــ«المهارات الناعمة». والتي تسهم بشكل فعال في بناء ثقافة تقوم على التغيير المستمر والمبادرات التي تدعم التغيير، وهو ما نجحت فيها بعض القطاعات من خلال تبني مبادرات مجتمعية واقتصادية مكتملة الأركان من حيث الفكرة والأثر والاستدامة التطويرية، وقد نجحت هذه المؤسسات في اتخاذ إستراتيجية إشراك ودمج الموظفين في المؤسسات ليكونوا جزءا من عملية التغيير. ومن خلال استعراض بعض التجارب وجدنا أن أهم الابتكارات الناجحة والمبادرات المتطورة جميعها اشتركت بعناصر ثقافية جوهرية متعددة من ضمنها.

الخطوة الأولى: أن تكون مبادرات التغيير ذات صلة بالأمور الإستراتيجية والمهم:

فعملية تطوير النوعية لا يمكن أن يكون لها نهاية، وهو أمر حتمي ويجب أن تكون مرتبطة مع الأهداف الكبرى للمؤسسة أو القطاع، فعلى سبيل المثال أن زيادة مستوى رضا الشركاء جميعها مداخل للتطوير والمبادرة، وممكن أن تكون مفيدة في تطبيق الأهداف المرتبطة بالخطط الإستراتيجية. وبالتالي من المهم أن تكون نظرة الأشخاص الموجودين في المؤسسات أن تنظر إلى عملية التطوير والمبادرة على أنها مداخل من شأنها الارتقاء بالمؤسسة من مكانتها التي هي عليها إلى المكانة الذي ترغب في الوصول إليها. إن نقل مثل هذه الرسائل يخلق المزيد من الطاقة والحماس مقارنة باستعمال عملية التطوير والمبادرة كطرق لحل المشاكل. كما يمكن للنظرة المتمركزة حول المستقبل (نحن هنا نتحدث عن القيادة والنظرة نحو القيادة) يمكن لها ربط الأفراد بمؤسستهم وخلق صلة وممر بين العمل اليومي الذي يقوم به الأفراد في المؤسسة وبين الأهداف العليا التي تطمح المؤسسة إلى تحقيقها.

الخطوة الثانية: تذكر أن المؤسسات مصممة بشكل تام للحصول على النتائج التي تريدها:

إذا أردت الحصول على النتائج التي ترغبه بها، لا بد لك من تغيير النظام، فالمثل الاقتصادي والتحفيزي يقول «إذا قمت دائما بعمل ما اعتدت على القيام به دائما، فإنك ستحصل على ما اعتدت الحصول عليه دائما». انظر دائما إلى قيم المؤسسة، المكافآت التي تقدمها وقم بتقديرها. واعلم أن الاتكاء على نظام المؤسسة دون تفحص دقيق لعملية التوظيف، تقييم الأداء، ونظام المكافآت والترقيات لن يقود إلى تغييرات مهمة في المؤسسة. يجب أن يتغير النظام وعلى أثره يتبعه العديد من التغيرات في السلوك. إن التطوير النوعي المستمر يجب أن يكون جزءا جوهريا من العمليات التي تجري داخل المؤسسة. فكيف يتم التوظيف، ماهية أسس المكافآت، كيف تجري عمليات التواصل، كيف يتم قياس الأهداف، وكيف يتم تطوير العمل والموظفين؟ جميعها أمور تحتاج إلى التطوير المستمر.

الخطوة الثالثة: النوعية هي مسؤولية الجميع

يجب أن تقوم القيادة بتعزيز ودعم المبادرات الهادفة إلى التغيير. وتحتاج إلى استثمار الوقت والمصادر، وتوظيف قواها في دعم هذه الرسالة (المبادرات الهادفة إلى التغيير والارتقاء بنوع الخدمة). إن وجود جهود لا تحظى بالدعم من الإدارة العليا والتي تقوم فقط على النوايا الحسنة بأن الموظفين يقومون بعمل الأمور بشكل جيد هي أمور لا يمكن الاعتماد عليها. كما يجب أن يتم تزويد الموظفين المعنيين بتنفيذ الإستراتيجيات داخل المؤسسة بالتعليم والتدريب والاستشارات المستمرة والأدوات المناسبة التي من شأنها تيسير عملية التغيير وفق خطط مربوطة بزمن معين فكلما تم تحديد الزمن كان الإنجاز أفضل. فهؤلاء الموظفون هم الأفراد الذين يعلمون ما هي الأمور التي تعمل وما هي الفرص المتوافرة لإحداث التطوير. كما يملك كل من المستهلكين والشركاء المعرفة الخاصة بالفرص الممكن أن تدعم التغيير، ويجب أن تكون لهم مساهمة في صناعة هذا التغيير المنشود.

فالمنظمة موجودة حتى تقوم بالاستعمال الفعال للموارد البشرية والمالية والمادية حتى تزود المستهلكين بالخدمة أو المنتج الذي يطمحون إليه.

الخطوة الرابعة لا يوجد هناك مدخل واحد جيد يمكن اعتماده/ كن مستجيبا ومرنا:

على مبادرات التغيير أن تحترم وتأخذ بالاعتبار تقاليد المؤسسة والمنظمة وتاريخها. فالمؤسسات تتميز بالتعقيد والاختلاف، ومن المهم أن نفهم ثقافة المؤسسة وذلك بسبب التعاقب الإداري والعمل غير المؤسسي، وأعني بالمؤسسي هنا أن القيادات تواصل العمل ضمن أنظمة ولوائح قابلة للتطوير والتغير، لأن المؤسسات الناجحة يكون أحد أهم خطواتها مبادرات التطوير والتغير للأفضل. كما أن هناك العديد من النماذج والمفردات الخاصة بالتغيير. فوجود لغة مشتركة ونماذج مشتركة أيضا من شأنه أن يساعد، لكن هناك العديد من الأدوات التي نحتاج إلى تطويرها وتبنيها في المؤسسات وهي الثقافة والتاريخ الخاصان بكل مؤسسة.

كما أن كل من فهم الأفراد وحب المؤسسات هما مستويان مختلفان في إحداثهما للتغيير. ومعرفة جميع هذه العوامل أمر مهم، ابتداء من المكان الذي تقف عنده كل مجموعة، وتصميم المدخل الذي يناسبها، وبشكل أكثر خصوصية فإننا نتحدث عما يلي:

• الابتداء من حيث المكان الذي يوجد فيه اهتمام بإطلاق مبادرات التطوير.

• الاهتمام في دعم وتنشئة الأفراد الممكن أن يعملوا عليها باختلاف مستوياتهم.

• تجنب تعقيد المبادرات بشكل أكبر مما تستدعي.

• البحث وتضمين التطوير الممكن أن يسرع من نجاح المبادرة. بحيث يتم عمل المبادرة الأولى بشكل صغير ومحدود في نطاقه، بحيث يمكن للمجموعات المختلفة أن تلمس نتائجه في وقت معقول.

• القيام بعمل موازنة ما بين التغيير المنشود والاستقرار، بحيث يتم إعطاء وقت كاف للجولة الأولى من التغيير وبعد مأسستها نسير باتجاه الخطوة التي تليها.

وأخير لا تجعل الجودة معيارا قابلا للنقاش، فهي أساس النجاح والاستمرارية، وعنصر في جميع الخطط وعلى جميع المستويات، أيضا عليك بالاحتفال بالإنجازات مهما كان نوعها وصغر حجمها في الوقت المناسب. واحرص على الذهاب إلى الناس ولا تنتظر قدومهم إليك. امنح الآخرين الطاقة التي تمكنهم من التحرك نحو الأمام بمشاريع أكثر طولا وتعقيدا.