لو سلمنا جدلا أن جميع النساء السعوديات متعلمات، فهل سيكن متساويات في نسب التحصيل؟ أو حتى لديهن الاستطاعة لمجرد أنهن متعلمات أن يفتحن فصولا دراسية لأبنائهن وبناتهن، بحيث يكفين الدولة عبء الوزارة والموظفين والكم الهائل من الكوادر التعليمية، والتي تم تأهيلها لتتولى هذه المهمة بعينها، الإجابة الواقعية ستكون بالنفي، لأن من تخصصت فرضا في الرياضيات لن تستطيع شرح دروس في اللغة العربية، ومن كان مؤهلها في الاجتماع لن تتمكن من شرح معادلات في الكيمياء مثلا أو الفيزياء، وحتى لو كان الأمر يتعلق بمناهج الفصول الدنيا فإن المتخصصة في هذا الأمر هي من لديها القدرة على إيصال المعلومة عطفا على ما تم تدريبها عليه من قواعد وأساليب تدريس، أما غيرها ممن لم تتدرب فستجد صعوبة في عملية ضبط الطالبة والوصول بها إلى منطقة التركيز، واستيعاب ما يتم شرحه لها من دروس، هذا ما نتفق عليه كأغلبية، وأن المدارس لم تفتح عبثا، ومهمة التدريس لها من يقوم بها بعيدا عن تكاسل البعض ورميه بالحمل على غيره بذريعة أن الحصة لا تكفي لإتمام شرح الدرس، فكيف بحل التمارين أو تعزيز المعلومة لدى الطلاب أو الطالبات من خلال الشروح الموجودة في كتاب النشاط الداعم والمساند لكتاب المادة، وحتى تتخلص من هذا الأمر بطريقة لا تؤاخذ عليها، تطلب من الطالبة حل تلك التمارين في المنزل بمساعدة والدتها، وفوق أن هذا العمل مخالف لما تنص عليه قواعد التدريس داخل الفصل، فإن الأم ليست بالضرورة أن تكون قد وصلت في تعليمها إلى المستوى الذي تستطع به تحليل محتوى تجربة علمية أو مسألة حسابية، وبعض المعلمات لا تكتفي بإيعاز حل محتوى نشاط الدرس للأم، بل وتطلب من الطالبة كذلك أن تعد مطوية للدرس القادم وبمواصفات معينة، هي تعلم أن قدرات طالبتها محدودة حيال ما طلبت غير أن هناك الأسرة والأم هما اللتان ستتوليان المهمة، وهذا ما يحدث بالفعل، فالأم بعد أن تقوم بما أوكل إليها من شروح وحلول في منهج بناتها، وبعد أن تطمئن إلى أن الجميع انتظم في النوم لينفضوا نعاسهم باكرا في الغد، تقضي معظم الليل في البحث بين المواقع الإلكترونية عن مواد تصلح أن تكون محتوى مطوية ترضي ذوق أختنا المعلمة، والتي إن أعجبتها فسوف تعطي الإذن للطالبة بوضعها في ملف إنجازها (إنجاز الأم)، وإلا وجهتها قسرا باستبدالها بأخرى أكثر زخرفة وألوانا، وحقيقة هذي معضلة كبيرة تعاني منها الأسر، وعندما يشتكي بعضهم من هذا الأمر يقابل بالإنكار من الإدارات بأن في الأمر تهويلا وهضما لحق المعلمة، وأن الوضع قد عولج سابقا من خلال تعاميم صادرة تحذر المعلمة من تكليف الطالبات بأي أعباء، هذا صحيح لكن من يطبق يا إدارات التعليم ومكاتب الإشراف نص هذه التعاميم، مع الأسف هناك خلل كبير داخل المنظومة كاملة، والهيئة الإدارية في بعض المدارس تشتكي من عدم انصياع المعلمات إلى التعليمات، وآلية الضبط المطبقة حاليا ليست كافية أو رادعة لمثل هؤلاء، ونحن هنا لا نتحامل كما قد يتصور البعض، ولا ننكر أن في الميدان نماذج مخلصة، تؤدي عملها بأمانة، لكن اللواتي لا يراعين الله في أعمالهن كثيرات أيضا، والرقابة عليهن شبه معدومة، بل ويقف بجانبهن جيش من المدافعين المشككين فيما يقال، ولو تناولنا جانب الحل فإن الضرورة تحتم تشكيل لجان من الخبراء لإعادة هيكلة منظومة التعليم، وتهيئة كوادرها بما يواكب طموحات القيادة، وما يعمل على تفكيك ما ترسب في العقول من الفترات الماضية، ويستهدف الكادر التعليمي والإداري بالتأهيل والتدريب على أن تطبق آلية متابعة صارمة لا مجال فيها للمحاباة، المعلمة والمعلم مهمتهما التدريس والتعليم، ويتقاضيان عليه رواتب مجزية، إذًا لابد أن يقوما بالدور كاملا دون التنصل من المسؤولية وتحميل الأهالي ما لا يطيقون، وكما قلنا ليس في كل أسرة من يحمل شهادة عليا، وليس كل الأسر تجيد التعامل مع التقنية الحديثة لتطارد المعلومات والحلول، ولن نقول إن الوزارة قصرت في متابعة كوادرها، لكن يبقى دور الهيئات الإدارية في المدارس والمشرفين والمشرفات في المكاتب، وأيضا وحدات المتابعة والتي من المفترض أن تزور المدارس، وتسمع للطلاب والطالبات، أو تفتح مجالا لشكاوى الأهالي وتتحقق من صدقها، ونعود إلى التكرار أن بعض المعلمات لا تؤدي مهمتها بإخلاص، وإنما لا تستطيع أيضا إيصال المعلومة بشكل صحيح لضعف التأهيل والجهل بالأساليب الحديثة للتدريس، وهنا ننتظر ما تقوم به وزارة التعليم لحل هذه المشكلة، خصوصا أن بعضهن تلقي باللوم على الوزارة في عدم تأهيل المباني المدرسية لما تحتاج من وسائل معينة لشرح الدروس والتجارب، وغيرهن يتذرعن بقلة وقت الحصة، وأن المعلمة يصعب عليها القيام بجميع ما يطلبه شرح الدروس في وقت الحصة، وهذا قد يناقض الاحتجاجات على حصص النشاط المضافة حديثا للجدول الدراسي، ما يهم في النهاية هو أن ينهي الطالب والطالبة فروضهما اليومية داخل الفصل، وتعفى الأسر والأمهات تحديدا من الشرح وحل الأنشطة وتنفيذ التجارب.