عادة ما تكون فوائد المركزية ومنافعها حصرا وحكرا على فئة معينة، قادرة على الوصول إليها والانتفاع بها دون غيرها من البعيدين غير القادرين. ويعود ذلك لأسباب جغرافية واجتماعية، لا يستطيع الإنسان حلها ولا التحكم بها بسهولة، لهذا كانت فكرة اللجان الثقافية التابعة للأندية الأدبية في بعض المناطق فكرة رائدة ومميزة، لكونها تعمم العمل الثقافي في المنطقة، وتبثه في كل الجهات، وبالتالي يأتي دورها الحقيقي، والمهم أنها تخدم مثقفي الأطراف، من حيث تسليط الأضواء عليهم، وتحفيز الشباب وتبني إبداعاتهم، بالإضافة إلى هذا إراحتهم من تكبد عناء المسافات، وتوفير الجهد والوقت واختصاره في بضع دقائق.
فكرة المراكز الثقافية أو كما نعرفها بـ(اللجان)، التي بدأت مبكرا في بعض الأندية على أيدي الرواد، وغرست البذرة من نادي الجوف الأدبي بقيادة الأديب والرائد رئيس نادي الجوف الأدبي السابق، عبد الرحمن الدرعان. الذي رأى ورفاقه في مجلس إدارة النادي أن تستحدث اللجان كهمزة وصل بين النادي والناس في كافة المحافظات والمراكز الفرعية وتنتشر في كل الأطراف.
حينما يكون المسؤول مثقفا حقيقيا وأديبا واعيا، يجد تمركز الثقافة في قلب المكان دون الانتشار في كافة أجزاء المنطقة ضارا جدا، بل يجعلها مشلولة وغير صالحة للحياة، سيما وأن الثقافة والأدب، هما ركيزة أساس في بث الوعي في المجتمع.
وتكرار الفكرة في عدة أندية على سبيل المثال لا الحصر: نادي أبها، وحائل، وجدة، والرياض، يعطينا نقطة مهمة، عن استمرار تأثير الأندية الأدبية، وسريان مفعولها رغم المثبطات والهالة السوداوية التي يحاول البعض وضعها حائلا بين الشباب وبينها، وقدرتها على الاستقلالية قرارا وإدارة وتنفيذا، ومن خلال متابعتي للجان التابعة لنادي أبها الأدبي، وجدت أن لها تأثيرا واضحا على نشاط المحافظات وحضورها وظهورها، من خلال الفعل الثقافي، وكانت لها القدرة على التنوع في المناشط، واستقطاب عدد لا بأس به من الشباب ودعمهم.
وأرى أن هذه اللجان هي البوصلة التي يهتدي بها الباحث عن التنوع والشمول الثقافي. لذلك أتمنى أمرين، الأول يتمثل في رفع ميزانيات اللجان إلى الحد الذي يخولها بالتوسع في المناشط والفعاليات، والثاني، أحلم أن تُشرك المرأة في أعمال تلك اللجان.
قد يقول قائل، لا يوجد مبنى دائم ومستقر للجنة، وأظن الحل أن تعمل المرأة من خلال المدرسة - مكتب الإشراف - في إقامة فعاليات ثقافية تنافسية داخل المجمعات التعليمية.
عمموا خدمة الأندية على محافظاتنا، ففيها جوهر أدب المناطق، وهذا هو النجاح الحقيقي والفعل الثقافي. لا أن أقف على منبر لأقرأ لعدة أشخاص تشبعوا وملوا من المنابر التقليدية.