أفقنا على صيف مختلف بشكله وألوانه وتفاصيله، جاء باختلاف يليق بسمو أبها الشاعرة، والعاشقة الفاتنة والمفتونة، مدينتنا التي ولدت على غناء فلاحيها، ورقص غيماتها وشجرها، عادت هذا الصيف كما كانت جاذبة مرحبة متخضبة، حزامها زاه وجميل، طرقاتها مكتظة بالوجوه المستبشرة، والأرواح المحلقة فوق غيمات العطاء المفاجئ المدهش، هذه العروس التي احتفينا بها في عرسها الصيفي لا نستطيع -نحن أهلها ومحبيها- إلا أن نكون مرآتها، نعكس صورتها، ونسهم لتكون في أبهى صورة وأكمل زينة. مدينتنا الفاتنة تحتاج إلى أن توضع في مقارنة مع كبريات المدن السياحية في العالم، نرى ما ينقصها ويتوافر في غيرها! هنا، الطقس والبيئة علامتا جذب بدرجة أولى، ولكن
لا يكفيان. القادم من مطار أبها أول هبوطه لا يجد وسائل مواصلات، سوى بضع سيارات أجرة محدودة التنقل من المطار وإلى الوجهة المقصودة فقط، ثم بقية الأيام كيف يمكن للمصطاف التنقل هنا وهناك؟!
ينزل في أحد الفنادق ذات الخدمات المتواضعة جدا، أو شقق الإيجار الباهظة الثمن، يريد الخروج للعشاء والتنزه، فأين المطاعم العالمية والمقاهي؟ وفي الحدائق أين المرافق المناسبة الصحية؟! نعم، رأيت باصات جوالة، وتبدو الفكرة جيدة، ولكن تشغيلها بشكل أقوى سيكون له أثر إيجابي، وأقترح توظيف مرشد سياحي يرافق المتجولين، يعرّفهم على معالمنا التاريخية، ويكون ملما بالموروث الشعبي، يحكي لهم ويعرّفهم على الألوان الشعبية واللهجة المندثرة.
هذا العام، أنقص بهجتنا أولئك الشباب المتخبطون بلا هدف ولا وجهة مفيدة "درباوية أبها"!، أليس هناك مشروع ترفيهي متزن ومفيد لهم، يزيحهم عن مضايقة المصطافين؟ لا نريد مخيمات باليات الأفكار ومحدودة الرؤى قد تسهم في خلق معضلة أكبر، بدلا من ترميم القائمة حاليا، فهؤلاء الفتية بحاجة إلى توظيف طاقاتهم في مساحة وبيئة تتناسب مع أعمارهم وتوجهاتهم، وهذه مهمة تتشارك فيها عدة جهات بدءا من التعليم والسياحة وإمارة المنطقة ورعاية الشباب، من أجل المكان والإنسان في آن واحد. وهناك أمر آخر أظنه لا يقل أهمية عما ذكرته سابقا، يتمثل في ترسيخ مفهوم السياحة وتوعية المسؤول والمواطن بكيفية التعامل مع السائح. فهذا مقوم أساس في نهوض المشروع السياحي ونجاحه.
وأرى أن ذلك سيكون إضافة إلى الحسن الذي وهبه الله مدينتنا، لتكون عاصمة السياحة العربية قولا وفعلا.