كان اقتحام غير المختصين عالم كرة القدم في الفترة الأخيرة يفسر لنا الكم الهائل من الكوارث التي تسببوا بها مثل الديون وارتفاع عقود اللاعبين غير المبرر والتراكمات المالية المرهقة والهدر المالي الكبير وقلة الاهتمام بالمواهب، مما أدى إلى قتلها وبالتالي لاندثارها.

ونحن اليوم ننسى أهم الترسبات التي تسببوا بها، وهي إشارة واضحة وإثبات دامغ أن تواجد هؤلاء لم يكن صحيا، ودعونا نطلق عليها لقبا اشتهروا به، وهو لقب "الرؤساء الكاش"، وهذا الترسب السلبي الذي أفرزوه هو الانقسام الداخلي في الأندية.

بعض أنديتنا تعاني حالة من الانقسام الداخلي، وحالة من الانشطار في الهوية والانتماء والانجراف خلف الأشخاص، وتصديقهم في كل ما يقولون وكأنهم لا ينطقون عن الهوى.

كيف تمكن هؤلاء الرؤساء من سرقة الانتماء من الكيان ذاته وتحويله إلى شخوصهم؟ هو تساؤل عريض يفسر لنا الحالة المأساوية التي جعلت جماهير نفس النادي تتصارع فيما بينها وكأنهم أعداء ألداء.

المال والمال ومن ثم المال، يفسر لنا كل هذه التحولات والانشطارات، فعندما يتظاهر رئيس النادي أنه يصرف الملايين التي لا حصر لها من أجل النادي، فإنه يصنع لنفسه هالة ويظهر نفسه بصورة البطل المنقذ بأمواله في زمن المال، والرئيس عندما ينفرد بالتظاهر بصرف المال فإنه ينفرد بكل شيء، فلا أحد يقاسمه العمل والظهور الإعلامي، ويبعد كل الشركاء وصانعي أمجاد النادي، بل إنه يبعد عن الأضواء من يموله ماليا من خلف الكواليس، وسكوت الممول الحقيقي هو لغز بحد ذاته.

انطلت خدعة "الرئيس الكاش" الذي يبدد أمواله وقوت أطفاله ويجابه منفردا كل الصعاب بفروسية منقطعة النظير على فئة مخدوعة من الجماهير، وفتنوا بصورته البراقة وكأنهم في حالة تنويم مغناطيسي، وفئة أخرى تمسكت بالكيان ووقفت ضد شخصيته المنتفشة الخداعة وضد إعلامه المضلل، فصار الصراع بين هاتين الفئتين هو ما تعانيه بعض الأندية مع جماهيرها للأسف الشديد.