هي عدو الثقافة الأول، بل المفتت لها، تنخر جسدها وتوهنها وترديها قتيلة ، ثم لا تواري سوأتها ، بل تتركها لتتناهشها الأقلام المغرضة . إنها الشللية، وما أدراك ما الشللية ؟ هي التي تتشكل لأسباب عدة قد تكون مذهبية أو مناطقية أو نخبوية أو انحيازية بحتة، وقد لا يكون لها دخل فيما سبق ، بل قد تكون لصنع قوة منافسة لقوة أخرى ..هذا وباء رأيته متفشيا في مجتمعنا الثقافي،وأحزنني كثيرا أننا نغذيه دون أن نشعر بانحيازنا لهذا أو ذاك،دون الوقوف في الوسط،واتخاذ موقف الحياد، وموازنة الأمور بما يخدم الثقافة ويبقيها كتلة واحدة.

كيف نصنع منظومة ثقافية متكاملة مهابة نتحدى بها الجهل والتخلف ، ونتباهى بها أمام أدعياء الوعي والتحضر ؟.. كيف ذلك ونحن متفرقون شعوبا وقبائل نتناحر الكترونيا وورقيا كلما سنحت لنا فرصة الالتقاء حول رأي أو نقاش ؟.

الشللية هي المسبب الأساس لتفكك المثقفين وفشل المشروع الثقافي الذي نطالب بعودته .

قد تحدث الشللية لأسباب اجتماعية مثل ماتمليه علينا بعض العادات والتقاليد كفصل الرجل عن المرأة، في الأنشطة الثقافية والاجتماعية،وهذا قد يكون مفهموما ..

لكن ما لم أفهمه هو: الشللية والتكتلات التي تكون بين السيدات مثلا، فكل مجموعة تصنعن كتلة خاصة بهن ، يتحركن في اتجاه، يجلسن في مكان واحد، لهن المواقف والروئ نفسها، حيث يمثلن سلسلة واحدة ،ولايقبلن دخول أخرى بينهن !! فلدينا مثقفات المنطقة الفلانية ،اللاتي يشكلن حزبا مستقلا وكتلة واحدة لاتتجزأ،ولا تقبل الإضافة عليهن من أي منطقة أخرى !! .كذلك الرجال لهم ذات النهج وذات الفكر،بل أكثر بكثير !! .

نحن في هذا الوقت المتأزم المتضارب في الروئ والأفكار التي تعصف بالشارع تارة يمنة وأخرى يسرة لابد أن نعي دورنا كمثقفين ، وتأثيرنا في صناعة القرار السليم الذي يأخذنا جميعا إلى شاطئ النجاة،ولن يكون هذا ونحن (كل عشرة أفراد) حزب مستقل، فلان لايحضر المكان الفلاني إن كان صاحب المشروع لا يهمه أو ليس من حزبه ، وفلان يحاول أن يعزز قوته ويبنيها على حساب حضور ا?خرين ومشاريعهم ، وهكذا من الأفكار الشللية التي تخل بمفهوم الثقافة المتعارف عليه...الشللية وباء إن لم يمكن القضاء عليه و التخلص منه قضى علينا واحدا تلو ا?خر .