وأنا أكتب مقالتي الأسبوع المنصرم عن شيء آخر، وأدتها سطوة الفقد، وحضور الموت، وفاجعة الخبر.. وصلت منتصفها وأنا أشعر بشيء يستوقفني ألا أكمل.. جاءت رسالة على إحدى مجموعات الواتساب مفادها: محمد البريدي إلى رحمة الله.. شعرت بصدمة.. بكيت بحرقة شديدة وعلي إكمال المقالة.. فقد الشيء الثمين الذي لا بديل له مهما كثر ما بعده، لن يكون بذات القيمة... عدت لنفسي قائلة: هل كتب لـ(التراتيل) أن لا تتلى مجددا وتشق أسماعنا وتستقطع أوقاتنا بلغتها الفاتنة النادرة؟؟ أيعلن الغروب على إشراق الحرف الناصع؟ وهل تلك الأسماء التي كتبها على (رسائل من جهنم) وعلى (أسماء من ورق الورد) مع رفاقه ستعلن الانهزام أمام الموت؟ وهل ستتوقف "نسائيات الجمعة" قبل أن تنتصر شخصياتها على الظلام؟ هل يقبل "الحلبوب" أن يختفي من لغته الفريدة لم يمر عليه من قبل وأراه عن قرب كما رأيت البقية، لكنه كان حاضرا في أحاديثنا واستشهادنا به!! لكونه القلم الأقوى تأثيرا وحضورا بيننا نحن كتاب منطقة عسير.. وكنت أراه دائما في منشوراته وتعليقاته إذ كان الأقوى كلمة وحضورا!! لذلك لا أتخيل رفاقه/ علي مغاوي/ إبراهيم شحبي/ إبراهيم طالع/ عبدالله السلمي/ محمد غريب/ علي فايع/ خلف العسكري حسن أبو عابد/ حسن عامر.... يسيرون خطوات العمل في مجلسهم دون أن يظهر محمد البريدي النادر الذي طالما قالوا عنه مبشرنا وحامل رسالتنا إلى كل الأصقاع.... لا أظن إبراهيم مسفر قرأ في الكتيب الذي صدر أثناء تكريمه، أصدق من قول البريدي: شكرا أيها الولد المبارك إبراهيم مسفر الألمعي، لقد جعلتنا ننتظم في الحب ونصبح مدينة عظمى من الثقافة وا?لهام في مجتمع لا يعترف بالمدنيين إلا قليلا.
البارعون المنتجون يستعجلون الرحيل لنبقى بعدهم برهة نعد حسناتهم ونتجرع فراقهم... شعرت بهول الفقد وجلل المصاب وأنا أرى الناس من كل حدب وصوب يسخرون له كلماتهم بالدعاء وذكر محاسنه ورفاقه، والمقربون منه يستبدلون صورهم في معرفاتهم بصورته الباهية.. ما أصعب أن تتألم وتبقى خارج نطاق الاهتمام، ثم تغادر الحياة دون أن تتحول ليلة فقدك إلى بكاء ونحيب ودعاء، وتتألم على مآل الكلمة والابن والرفيق.