لا أعرف في بلادنا رجلاً أحرص على نقطة الماء من أخي الكبير وصديقي معالي المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين وزير المياه والكهرباء. بوسع هذا الرجل أن يخبرك عن حجم استهلاك كل كائن حي على أرض بلادنا من الماء، شجراً كان أو بشراً. ولا يحتاج معالي المهندس الحصين إلى الرجوع إلى الأوراق أو شاشة حاسوبه ليخبرك عن حجم استهلاك الأفراد أو أي منتج غذائي من الخضراوات والفواكه وغيرها من الأحياء، فصديقي الذي أعرفه جيداً بالغ الحرص على كل نقطة ماء في بلادنا وحريص على ألا تهدر، لأنه في المقابل يعرف بالهللة كم تكلفنا، ويعلم بالطبع مثلما نعلم جميعاً أن الموارد المائية في بلدنا محدودة، ونحتاج إلى ترشيد كبير في سياساتنا المائية واستهلاكنا بالطبع.

ونعلم جميعاً أن وزارة المياه والكهرباء اجتازت على يدي معالي الوزير المهندس الحصين وبجهوده المخلصة؛ كثيراً من العقبات المزمنة في سبيل توفير الماء والكهرباء للمواطن، وتفادي سيناريوهات أزمات كبيرة طاحنة شهدها هذا القطاع، والحمد لله الأمور اليوم أصبحت على ما يرام، ما يدعو للإعجاب بجهود معالي المهندس الحصين، ومواقفه الجادة في سبيل تنفيذ سياسات تنمية طموحة في قطاعي الماء والكهرباء جعلتنا جميعاً نشعر اليوم بالرضا والاطمئنان.

ولقد عهدت في أخي المهندس الحصين ذلكم الإنسان العادل المنصف الذي يتحلى بجوامع الرحمة الإنسانية، لذا أستغرب كثيراً ما تعانيه شريحة من إخوتنا المواطنين اليوم من جراء ممارسات تجانب الإنصاف من قبل وزارة الماء والكهرباء، ولا أعرف إذا كان الأمر نما إلى علم معالي المهندس الحصين أم لا؟ فهناك شريحة من المواطنين يا معالي الوزير قرروا أن يوفروا على الدولة نفقات استخدامهم للمياه المدعومة فتكفلوا بحفر الآبار داخل منازلهم لاستخراج الماء منها من أموالهم الخاصة لاستخدامها في ري حدائقهم أو غسل أحواشهم وسياراتهم، ثم في الأخير يغرموا من قبل مراقبي الوزارة، فعلى أي أساس يغرمون يا معالي الوزير إذا كانوا لم يقربوا المياه التي تدعمها الدولة ولم يهدروها؟ بل تحملوا مع الدولة العبء باستخراج المياه السطحية على نفقتهم، وبالمناسبة، هذا أمر موصى به هندسياً حتى لا يؤثر على مستقبل المباني.

أعرف عدة مواطنين وصلت فواتير غراماتهم إلى ما يقارب 100 ألف ريال، وجميعهم عندهم آبار داخل منازلهم، فلما تظّلموا قيل لهم: ادفعوا أولاً ثم تظلّموا وحينها نرى إن كان تظلمكم سيقبل أم لا! فلماذا يدفعون يا معالي الوزير إذا كانوا لم يخطئوا؟ ثم إن مبدأ "ادفع وتظّلم" هذا يحمل كثيراً من معاني لي الذراع بقوة القانون، والأصل في دولتنا الحرص على مصلحة المواطن، فلسنا من تلك الدول التي تتصرف وكأنها تتحدى مواطنيها بقوة الروتين، أو كأن بينها وبين المواطن خصومة. لماذا يدفعون أولاً يا معالي الوزير؟ ولماذا لا تنظر الوزارة في تظلماتهم أولاً؟ أليس هذا أقرب إلى معنى المواطنة والرحمة؟ إن المتهم يحاكم أولاً ثم يعاقب يا معالي الوزير، لا يعاقب أولاً ثم ينظر إن كان متهماً أم لا، نعلم أن هذا الإجراء معمول به في بعض الدول، لكنه في الأخير ليس قرآناً، بل روتينا يثير نقمة الناس على حكوماتهم، وكلي يقين أن هذا آخر ما تسعون إليه –حفظكم الله- فعهدي بكم الرحمة والعدل، وهذا ليس من العدل يا معالي الوزير، وهؤلاء وغيرهم أمانتكم التي ستسألون عنها أمام الله، لأنها قضية منظورة أمام معاليكم بحكم موقعكم الإداري، والحكم فيها صادر وفق قوانين وزارتكم الموقرة ولوائحها، كما أن بوسع معاليكم رفع الضرر عن هؤلاء بقرار رحيم بفحص شكاواهم والتحقق من صدقها قبل تغريمهم من دون جريرة ارتكبوها، فهم في الأخير مواطنون، والواجب أن تشكرهم الوزارة لأنهم كفوها مؤونة المياه التي يستخدمونها، وتدبروا أمرهم وأنفقوا من مالهم، فساعدوا الحكومة بذلك على وصول الدعم إلى مستحقيه من غير القادرين، فهل بدلاً من أن تشكرهم الوزارة تعاقبهم، حتى من دون أن تتثبت؟!

أعرف جيداً أن أخي معالي المهندس الحصين ليس ذاك الرجل الذي يقبل أن يقع جور على أحد في وزارته وتحت سمعه وبصره.

إن الله سبحانه وتعالى بسط رحمته لعباده جميعاً يا معالي الوزير، ولم يخص بها أحداً، فالقادر وغير القادر يستحقان الرحمة، كفانا الله وإياكم الجور وما يخلفه في النفوس من ضغائنٍ؛ بلدنا في غنى عنها.