عندما نزل الخبر الصاعقة والمؤلم لنا جميعا، والذي جعلنا نستعيد شريط إنجازاته ولفتات أبوته الحانية، استرجعت جملة ملك ا?نسانية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، المشهورة التي قال فيها: المرأة ابنتي وأختي وأمي..

وشعرت فعليا بهذه الأبوة التي لم تكن فقط شعارا وعبارة تردد، بل كان عبدالله الأب الحنون الذي أخذ بيد المرأة ليضعها في المكان اللائق بها كنصف المجتمع، والذي جعله نصفا فاعلا ومنتجا فكريا وثقافيا واجتماعيا، وجعل منه اسما يشار إليه بالبنان، ويرتقي أعلى سلالم المجد.

عبدالله بن عبدالعزيز، الأب الذي وقف مع ابنته السعودية، وسهل لها كل الطرق المؤدية إلى العلو والاستقلال والافتخار بنفسها ووطنها، وجعلها عضوا مسهما في حضور المملكة عالميا في شتى المجالات العلمية والعملية والثقافية، ووفر لها كل ما من شأنه رفعتها وعلوها وتطويرها في كل الاتجاهات. فبدأ بالابنة المتعثرة دراسيا وعمليا، ووفر لها المشاريع لتكون عضوا منتجا فاعلا، لا عالة على مجتمعها، حتى وصلت إلى تشكيل مجلس الشورى، فأتاح لها العضوية لتشاطر الرجل الحلول ومناقشات قضايا مجتمعها.

عبدالله بن عبدالعزيز، الرجل المنصف والعادل والقادر على موازنة الأمور، وإشراك المرأة في كل مرافق الدولة، لم يثنه حزمه وسياسته عن أن يكون أبا حنونا يحتوينا ويمهد لنا الطرق لصناعة نساء مختلفات.

ليلة الجمعة جعلتني أقف على ناصية الحزن.. أغرق بالوجوم والدموع.. أسندت قامتي على سني ا?نجاز والعمل، فوجدتني أعد منجزات سيد العطاء ورائد البناء خلال فترة حكمه، فتنفس الصبح وأنا لم أصل إلى منتصف العطاء.. عدت أرقب الشارع العربي والعالمي وماذا أحدث خبر وفاة ملك العروبة، لأجدني واحدة من آلاف الأشخاص الذين جعلوا الشمس خلفهم واتجهوا لذلك الوجه الطاهر يتأملون تلك الابتسامة التي استطاع بها خلق المفارقات ا?يجابية، والاتجاه إلى العالم بقلبه وعقله، وخلق نقلة على جميع المستويات، سواء كانت سياسية أو فكرية أو اقتصادية، ليكون كتلة من الوئام والاستقرار والنهوض.

رحل الأب وترك كل ما حوله ينطق اعترافا بفضله.. رحل وأنا وبنات جنسي نرفل في النعماء.. نرى أحلامنا ماثلة أمامنا حقيقة لا تخفيها مكايد حاقد ولا تكهنات حاسد.. رحل عبدالله وكل العالم متجه صوب قبره بين داع ومشيع ومتابع.

رحل عبدالله بعد أن صنع لي شأنا عظيما، فصنعت له مكان الأب في قلبي، وأمسيت أشهد كل ذرة من تراب الوطن أنه نعم القائد ونعم الأب..

اللهم ارحم أبي عبدالله بن عبدالعزيز..