من المؤكد أن مفهوم الاحتراف الرياضي مظهر من مظاهر العولمة الحديثة التي اجتاحت كل أشكال الحياة البشرية وفرضت سيادتها على نمط سلوكنا اليومي، وأبرز سمات هذا الاحتراف هو تحول النادي الرياضي لمجرد سوق للإنتاج والاستهلاك محكومة بمبدأ الربح والخسارة وتحول اللاعب نفسه لوحدة اقتصادية راضخة لمفهوم (العرض والطلب).
ومن الإفرازات السلبية للاحتراف في وسطنا الرياضي المحلي هو الاستخدام غير الرشيد في عملية شراء اللاعبين، الذي ينتج عنه بالضرورة تبديد مفرط للأموال، أثقل بدوره كاهل الأندية السعودية وجعلها تصرف أموالا طائلة في سبيل بناء أندية من الملح والطين قابلة للسقوط والانهيار عند تعرضها لأدنى موجة.
اللاعب التيك أوي أو ثقافة اللاعب الجاهز، انتشارها يعني أن النادي سيصبح عالة على نفسه وعلى من يعوله مالياً، وتعني أن النادي سيتضخم تضخماً وهمياً، وينتفش انتفاشاً كاذباً، وهو في حقيقته مجرد بناء هش سينهار من أساسه عند رحيل الإدارة التي تعوله وتطعمه.
وحتى الرياضة الأوروبية التي تطبق الاحتراف بمعناه الحقيقي لم تلجأ إلى ثقافة (اللاعب الجاهز) الذي يأتي بسرعة ويرحل بسرعة، بل هي تطبق على اللاعب أقسى المعايير الاقتصادية التي تحصي على اللاعب كل خطواته وتقيس مقدار ما يقدمه بصورة حسابية صارمة، ولا يستقطب اللاعب إلا بعد دراسة مستفيضة ولا يغادر إلا بعد دراسة مستفيضة، ترضح بصورة مرشدة لأخلاقيات ومبادئ السوق التي تتعامل مع مبدأ الربح والخسارة بشكل دقيق.
بلا شك أن ظاهرة اللاعب الجاهز أو اللاعب (التيك أوي) هي إفراز سلبي من إفرازات الاحتراف، وكل إدارة تستعين بشكل كلي باللاعب الجاهز هي إدارة غير محترفة، ولكني سوف أستثني نادي الشباب موقتاً من كل محاذير هذا النوع السلبي من الاحتراف، لأن الشباب وببساطة يمر بمرحلة انتقالية فريدة من نوعها، فالإدارة الشبابية استلمت فريقاً منهاراً ذا بنية تحتية هزيلة، والدليل أن الإدارة مطالبة بالإحلال الشامل والكلي ولو كانت التركة الفنية جيدة أو نصف جيدة لما طالبت الجماهير بالإسراع بعملية الإحلال.
لذا الإدارة الشبابية ملزمة بأن تستعين باللاعب الجاهز ومطالبة بشراء عدد معين من اللاعبين المحليين كمسكنات وقتية حتى يسترجع الفريق بعض عافيته، فعملية الإحلال تحتاج وقتاً طويلاً من الانتظار، والمشجع عاطفي بطبعه ويريد نتائج مستعجلة ولن يقتنع أو يهتم بأن الإدارة تعمل في سبيل التأسيس والبناء من الصفر.
لن ينتظر المشجع هذا الإحلال المنتظر، هذا إذا وضعنا في الحسبان أن هناك من يؤلبه ويؤججه ضد الإدارة من أطراف محتجة خلف الأستار تلعب دور المحب للكيان في عملية استغلال مكشوف للظرف الراهن.