ورغم عدم وصول الصراع إلى مرحلة شاملة، إلا أن التهديدات المتكررة حول مضيق هرمز دفعت الأسواق إلى إعادة تقييم المخاطر، بينما تنتظر مؤشرات اقتصادية محورية قد تؤثر في سياسات البنوك المركزية، وعلى رأسها بيانات التضخم الأمريكي يوم الجمعة.
النفط يتراجع
شهدت أسعار النفط العالمية تقلبات ملحوظة خلال الأسبوعين الماضيين، مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية وتصريحات الفاعلين في السوق. سجل خام برنت ارتفاعًا بنسبة 11.7%، وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 13%، مسجلين أعلى مستوياتهما منذ خمسة أشهر. في بداية هذا الأسبوع المنصرم، واستمرت الأسعار بالارتفاع لتتجاوز 74 دولارًا، لكنها تراجعت لاحقًا إلى نحو 72-71 دولارًا للبرميل.
جاءت هذه التحركات وسط تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، مما أضاف «علاوة مخاطرة» إلى أسعار الخام. إلا أن استقرار منشآت الإنتاج حد من مخاوف نقص الإمدادات وأسهم في تهدئة السوق.
زيادة في الطلب العالمي
أكد الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية أمين الناصر في مؤتمر Energy Asia 2025 في كوالالمبور، على الدور الحيوي للنفط في الأزمات، متوقعًا زيادة في الطلب العالمي بنحو 1.3 مليون برميل يوميًا خلال 2025، مع استعداد الشركة لرفع إنتاجها إلى 12 مليون برميل يوميًا عند الحاجة. كما تشير تقديرات صندوق النقد إلى أن سعر التعادل للميزانية السعودية يبلغ نحو 92.3 دولارًا للبرميل.
تتجه التوقعات إلى استمرار تأثر الأسعار بالعوامل الجيوسياسية ومؤشرات العرض والطلب، مع ميل نحو الاستقرار في حال عدم وقوع صدمات جديدة في الإمدادات.
مؤشرات متباينة
في الولايات المتحدة، أنهت البورصات الأسبوع الماضي بأداء متباين، مع انتظار الأسواق لمؤشر الإنفاق الاستهلاكي PCE الذي يصدر الجمعة، باعتباره المرجع الأهم لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تحديد اتجاه الفائدة.
وفي أوروبا، تراجعت المؤشرات الرئيسية وسط حالة من الحذر السياسي، خصوصًا في فرنسا، وتزايد تأثير أسعار الطاقة على التكاليف التشغيلية.
أما في آسيا، فتأثرت الأسواق بتقلبات النفط واحتمالات تأثر سلاسل الإمداد، ما أدى إلى ضعف المعنويات في الأسواق الصينية واليابانية، في ظل تراجع الصادرات وضعف الطلب الصناعي.
السوق السعودي
أغلق مؤشر السوق السعودية «تاسي» الأسبوع الماضي على تماسك نسبي، مدعومًا بأداء متوازن لقطاعات الطاقة والمصارف، وتوجه السيولة نحو الأسهم التشغيلية قبيل إعلان التوزيعات النصفية.
من المتوقع أن تشهد السوق خلال الأسبوع المقبل تذبذبات محدودة، مرتبطة بتقلبات أسعار النفط، إلى جانب ترقب المستثمرين للإفصاحات المالية المقبلة.
كما يتوقع أن تحظى أسهم مثل أرامكو وشركات النقل البحري باهتمام إضافي، نظرًا لاحتمال ارتفاع الطلب على خدمات الشحن والتخزين في حال تفاقم التوتر في المضيق.
البنوك والتمويل
يحافظ القطاع البنكي السعودي على أدائه القوي بدعم من هوامش الفائدة المرتفعة واستقرار البيئة الائتمانية.
لكن استمرار الترقب العالمي بشأن الفائدة الأمريكية، وتأجيل قرارات الخفض المحتملة، قد يؤثر على شهية المستثمرين تجاه أسهم النمو والمضاربة خلال الأسبوع.
مكاسب الذهب
في ظل تصاعد التوتر الجيوسياسي، توجهت أنظار المستثمرين نحو الأصول الآمنة، وعلى رأسها الذهب والدولار.
وسجل الذهب مكاسب لافتة الأسبوع الماضي، متجاوزًا حاجز 3440 دولارًا للأونصة في بعض الجلسات، مدعومًا بالطلب على التحوط من المخاطر وقلق الأسواق من امتداد النزاع في الشرق الأوسط وتوقعات تثبيت الفائدة حيث دفع مستثمرين للشراء بعد البيانات السلبية الصادرة وارتفاع التضخم في أمريكا إلى 2.4.
كما يستفيد المعدن الأصفر من التوقعات المتضاربة بشأن مستقبل الفائدة الأمريكية، إذ يُعرف الذهب تاريخيًا بأنه المستفيد الأكبر من أي ميل نحو تخفيف السياسات النقدية.
أداء قوي للدولار
في المقابل، من المتوقع أن يواصل الدولار الأمريكي أداءه القوي أمام سلة العملات، مع إقبال المستثمرين على الاحتفاظ بالسيولة في ظل الضبابية السائدة.
أما العملات المرتبطة بالطاقة مثل الروبل والريال الإيراني، فقد تأثرت سلبا بمخاوف العقوبات والاضطرابات السياسية.
ويُتوقع أن تبقى هذه الأصول في دائرة الضوء خلال الأسبوع الجاري، مع استمرار الترقب لمخرجات التصعيد السياسي، وتفاعل الأسواق مع بيانات التضخم الأمريكية.
تصريحات أمين الناصر:
النفط والغاز ضروريان وقت النزاعات
الأمن الطاقي مهدد بتصاعد التوترات
الانتقال للطاقة لا يلغي دور النفط
صافي الصفر مكلف ويحتاج توازنا
أرامكو داعم إستراتيجي واقتصادي عالمي.