تترقب الأسواق العالمية والسعودية أسبوعًا محوريًا من (19– 23 مايو 2025) يحمل في طياته تحولات اقتصادية وسياسية مؤثرة، معززة ببيانات أمريكية مرتقبة، وزيارة رئاسية أمريكية إلى المملكة أفرزت عن اتفاقات إستراتيجية قد تعيد رسم خريطة الاستثمار في المنطقة.

بيانات أمريكية حاسمة

يشهد الأسبوع القادم صدور مؤشرات اقتصادية من الولايات المتحدة يُتوقع أن تلعب دورًا حاسمًا في توجيه الأسواق العالمية، خصوصًا في ظل ترقب المستثمرين لسياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتشمل البيانات المنتظرة يوم الخميس 22 مايو أرقام إعانات البطالة الأسبوعية، والتي تعكس مدى متانة سوق العمل الأمريكي، بالإضافة إلى بيانات مبيعات المنازل القائمة لشهر أبريل، كمؤشر على حركة القطاع العقاري وسط بيئة مرتفعة الفائدة. أما يوم الجمعة 23 مايو، فستصدر أرقام مبيعات المنازل الجديدة، ما يُعد اختبارًا إضافيًا لقوة الطلب الاستهلاكي في ظل الضغوط التضخمية.


نمو عالمي تحت المجهر

تُظهر المؤشرات الصادرة عن المؤسسات الدولية استمرارًا في النمو الاقتصادي العالمي، لكن بوتيرة معتدلة. فصندوق النقد الدولي يتوقع تسجيل الاقتصاد العالمي نموًا بنسبة 3.2% خلال عامي 2024 و2025، مع تباطؤ نسبي في الأسواق الناشئة، يقابله تحسن طفيف في الاقتصادات المتقدمة. من جهته، أشار البنك الدولي إلى أن وتيرة النمو ستستقر عند 2.7% في الفترة من 2025 إلى 2026، بفعل تراجع الأداء في الاقتصادات الكبرى، يقابله تسارع في دول الجنوب العالمي.

في المقابل، ما تزال التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي، حيث تؤدي إلى تباطؤ في قرارات الإنفاق لدى الشركات والمستهلكين، ما قد يعوق التعافي الكامل للاقتصاد العالمي.

الأسواق المالية تتأرجح

أظهرت الأسواق المالية العالمية مرونة نسبية خلال الأسابيع الماضية، حيث سجل مؤشر S&P 500 الأمريكي مكاسب تجاوزت 18% منذ أدنى مستوياته في أبريل، ما يعكس تحسن معنويات المستثمرين وسط مؤشرات على استقرار التضخم. في أوروبا، رفعت مؤسسات مالية كبرى، مثل "باركليز" و"جولدمان ساكس"، توقعاتها لمؤشر STOXX 600، مستشهدةً بعودة الثقة بعد هدنة تجارية نسبية بين واشنطن وبكين.

تحفظ ونمو مستدام

رغم ذلك، لا تزال بعض المؤسسات الاستثمارية تدعو إلى التحفظ، حيث أوصت "جولدمان ساكس" بالتركيز على الشركات ذات النمو المستدام والتنويع في المحافظ الاستثمارية لتقليل المخاطر. في سياق متصل، خفضت المؤسسة توقعاتها لاحتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود خلال العام المقبل من 45% إلى 35%، ورفعت تقديراتها لنمو الناتج المحلي في الربع الأخير من 2025 إلى 1.0%.

الاستثمار يعود إلى السعودية

شكّلت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى الرياض حدثًا اقتصاديًا لافتًا، لا سيما مع مشاركته في منتدى الاستثمار الدولي بحضور ولي العهد السعودي وكبار المستثمرين العالميين. المنتدى أسفر عن توقيع سلسلة من الاتفاقات الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، شملت قطاعات الطاقة، الذكاء الاصطناعي، والتقنيات النظيفة، ما يُعد مؤشرًا على تصاعد مكانة المملكة كمركز استثمار عالمي.

كما عزز حضور شخصيات رفيعة مثل إيلون ماسك والرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك" من ثقة الأسواق ببيئة الأعمال السعودية، وأضفى زخمًا قويًا على توجهات المستثمرين نحو السوق المحلية.

الاقتصاد السعودي نمو متسارع

تُظهر توقعات المؤسسات الدولية والمحلية اتجاه الاقتصاد السعودي نحو تسجيل معدلات نمو إيجابية خلال العام الجاري. فصندوق النقد الدولي رفع تقديراته لنمو الناتج المحلي السعودي إلى 3.0% في 2025، مع إمكانية تسارع النمو إلى 3.7% في 2026، مدفوعًا بتحسن أداء القطاعات غير النفطية. بدورها، توقعت "الجزيرة كابيتال" نموًا أقوى يبلغ 4.6% خلال 2025، مدعومًا بزيادة الإنتاج النفطي وتوسع استثماري في القطاعات الخدمية والصناعية.

تصدر القطاعات الرقمية

برز قطاع التكنولوجيا كمحرك رئيسي للنمو غير النفطي في السعودية، حيث يُتوقع أن يرتفع حجم سوق تقنية المعلومات والاتصالات من 12.1 مليار دولار في 2024 إلى نحو 22.8 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 11%. كما يُتوقع أن ينمو سوق برمجيات التعاون الجماعي من 52 مليون دولار إلى نحو 141 مليون دولار خلال الفترة ذاتها، بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 18%، مدفوعًا بتسارع التحول الرقمي واعتماد نماذج العمل الهجينة في القطاعين العام والخاص.

النفط في مسار صاعد

من المتوقع أن تتجه أسعار النفط إلى الارتفاع خلال الأسبوع المقبل، مدفوعة بالاتفاقات الاستثمارية المبرمة بين السعودية والولايات المتحدة، والتي تعزز ثقة السوق بزيادة الطلب. ويأتي هذا رغم توقعات بعض المؤسسات بوجود فائض عالمي محدود في المعروض يبلغ 0.5 مليون برميل يوميًا، ما يعكس مرونة السوق في استيعاب التذبذبات قصيرة الأمد.

خارطة استثمارية للمستقبل

في ظل التطورات السياسية والاقتصادية الأخيرة، يُنصح المستثمرون بتبني إستراتيجيات مرنة تواكب المتغيرات. أبرز التوصيات تتمثل في تنويع المحافظ الاستثمارية، والتركيز على القطاعات السعودية غير النفطية مثل التكنولوجيا والبنية التحتية، ومراقبة السياسات النقدية الأمريكية والتوترات التجارية العالمية. كما تبرز الفرص الواعدة في السوق السعودي باعتبارها إحدى أبرز الوجهات الإقليمية الجاذبة للاستثمارات طويلة الأمد.