في إطار تصعيد حملاتها ضد تهريب المخدرات والاتجار بالبشر، تستعد الولايات المتحدة لتنفيذ إستراتيجيات عسكرية متقدمة ضد عصابات المخدرات في المكسيك. بعد تصنيف ثماني كارتلات من أمريكا اللاتينية، بما في ذلك ستة من المكسيك، كمنظمات إرهابية أجنبية، أصبح العمل العسكري أحد الخيارات المطروحة لضرب هذه الكارتلات التي تهدد الأمن القومي الأميركي.

وتشمل الخطط العسكرية الأمريكية سلسلة من الخطوات المنهجية التي تبدأ بتعزيز التعاون مع القوات المكسيكية، مرورًا بتحديد الأهداف المستهدفة، وصولاً إلى تنفيذ عمليات هجومية دقيقة ضد مراكز القوى الرئيسية لهذه العصابات.


تصعيد التهديدات

وفي خطابه أمام الكونجرس في الرابع من مارس، أكد ترمب أن «العصابات تشن حرباً على أميركا، وحان الوقت لأمريكا لشن حرب على العصابات». هذا البيان يأتي في إطار تعبير الإدارة الأمريكية عن جديتها في مواجهة تهديدات الكارتلات، حيث تعتبر الإدارة أن هذه المنظمات تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي.

وتأتي هذه التصنيفات في وقت حساس، إذ وافق مجلس الشيوخ المكسيكي قبل أيام فقط على وجود قوات خاصة أمريكية للتدريب المشترك مع الجيش المكسيكي. كما أن الولايات المتحدة فرضت تعريفات جمركية جديدة على كندا والمكسيك للضغط عليهما لتعزيز التعاون في مكافحة تهريب المخدرات.

تعاون مع المكسيك

والتحرك الأمريكي الأخير يتزامن مع خطوات أخرى ذات صلة، مثل عمليات انتشار جديدة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وتنفيذ رحلات استطلاعية لجمع معلومات استخباراتية عن الكارتلات داخل المكسيك. هناك توقعات بأن الولايات المتحدة قد تكون على وشك تنفيذ عمليات عسكرية مباشرة ضد الكارتلات في المكسيك، إما بشكل أحادي أو بالتعاون مع الجيش المكسيكي.

وتلك التحركات قد تمهد لتصعيد أكبر، يثير العديد من الأسئلة حول شكل التعاون العسكري بين البلدين، خاصة في ضوء التورط المحتمل لبعض المسؤولين المكسيكيين مع الكارتلات، وهو ما قد يعرقل تعزيز التعاون.

خطوات ميدانية

ومن المرجح أن تتوجه إدارة ترمب نحو تعاون عسكري مباشر مع المكسيك، في خطوة يمكن أن تشمل عمليات تدريب مشتركة على الأرض.

وفي هذه المرحلة، تبرز كارتل سينالوا كأحد الأهداف الرئيسة، حيث يعد من أقوى وأبرز الكارتلات المتورطة في تهريب المخدرات، وخاصة الفنتانيل، الذي يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي.

عمليات سرية

وبعد تحديد الأهداف، قد تبدأ الولايات المتحدة بتنفيذ إستراتيجية «الصدمة والرعب»، وهي إستراتيجية عسكرية تهدف إلى إرهاق الكارتلات من خلال ضربات سريعة وفعالة تستهدف القيادات والمتورطين الرئيسيين في تهريب المخدرات. يشمل ذلك دعمًا جويًا مكثفًا وعمليات ضد مراكز إنتاج الفنتانيل في المكسيك.

التسوية والمستقبل

ومن غير المحتمل أن تكون العمليات العسكرية الأمريكية ضد الكارتلات المكسيكية هدفًا قصير الأجل. بدلاً من ذلك، قد يتبع الهجوم العسكري مباشرة ضغوطًا على الحكومة المكسيكية لتنظيم مفاوضات مع الكارتلات، بهدف إنهاء تهريب المخدرات والاتجار بالبشر، خاصة مع الضغوط التي قد تتعرض لها تلك المنظمات بعد حملة «الصدمة والرعب».

الإستراتيجية الكبرى

والتحركات الأمريكية ضد الكارتلات تشير إلى تحول في الإستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة، التي تهدف إلى حماية الأمن الداخلي وتوجيه الاهتمام نحو قضايا تهدد الاستقرار داخل الحدود الأميركية. تعكس هذه الإجراءات تحولًا في السياسة الأمريكية بعيدًا عن التفوق العالمي إلى تأمين المصالح الوطنية، كما صرح بذلك وزير الدفاع بيت هيجسيث، الذي أشار إلى أهمية إعادة الردع الأميركي.



خطوات رئيسية تتبعها الإدارة الأمريكية في مواجهة العصابات:


1. بناء العلاقات والتدريب

• التعاون بين الولايات المتحدة والمكسيك هو أساس لمكافحة عصابات المخدرات. هذه المرحلة تشمل تعزيز الشراكات التشغيلية بين الولايات المتحدة والمكسيك وتدريب القوات المكسيكية، لا سيما وحدات متخصصة مثل البحرية المكسيكية (SEMAR)، على تقنيات مكافحة المخدرات.

• تحديات هذه الخطوة تتمثل في الفساد المحتمل داخل الحكومة المكسيكية، مما قد يعقد التعاون مع بعض المسؤولين.

2. تحديد الأهداف

• بعد تشكيل التحالفات وتعزيز العلاقات، يبدأ العمل على تحديد الكارتلات المستهدفة، مثل كارتل سينالوا الذي يعد من أبرز الكارتلات في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.

• يتم التركيز على الكارتلات الكبرى، التي لها تأثير كبير في تهريب المخدرات وتجارة البشر، وكذلك تلك التي لها علاقات مع دول معادية للولايات المتحدة مثل الصين.

3. العمل السري وإستراتيجية «الصدمة والرعب»

• هذه المرحلة تشمل عمليات سرية، قد تكون بقيادة وكالة المخابرات المركزية (CIA) أو العمليات الخاصة الأمريكية. يمكن أن تتضمن عمليات هجومية ضد مواقع الكارتلات باستخدام الأسلحة المتقدمة، مثل الطائرات بدون طيار.

• الهدف من «الصدمة والرعب» هو إضعاف قدرات الكارتلات بشكل سريع وفعال، من خلال الهجمات المباشرة على أهداف عالية القيمة مثل القادة، مخازن الأسلحة، ومختبرات إنتاج المخدرات.

4. التنازل والتنفيذ

• بعد الحملات العسكرية المبكرة، يمكن أن تتم مفاوضات خلف الكواليس مع الكارتلات للضغط عليها للتوقف عن أنشطة تهريب المخدرات ووقف الاتجار بالبشر.

• قد يتم فرض ضغوط على الحكومة المكسيكية لتنفيذ هذه الاتفاقات على الأرض، مع ضمان الامتثال التام من جانب الكارتلات.

5. الرد على التكتيكات المضادة

• في حال رد الكارتلات بعمليات إرهابية أو هجومية ضد المدنيين أو القوات الأمريكية، قد تقوم الولايات المتحدة بتنفيذ عمليات عسكرية إضافية ضد الخلايا المتبقية أو الرد على هذه الهجمات باستخدام القوة العسكرية.

6. الرصد المستمر والتنفيذ

• بعد العمليات العسكرية الأولية، تواصل الولايات المتحدة مراقبة تطورات الوضع عن كثب، مع توفير الدعم المستمر للحكومة المكسيكية من أجل تطبيق الاتفاقات والتأكد من عدم عودة نشاطات الكارتلات.