من فكرة صغيرة لشاب مسلم مقيم في أستراليا ولد مهرجان عالمي يستقطب أكثر من 1.5 مليون زائر سنويًا من مختلف أنحاء العالم، وأصبح فيما بعد حدثًا ثقافيًا عالميًا يحظى بتغطية إعلامية واسعة من قنوات تلفزيونية دولية ومحلية، تعكس مكانته كأحد أبرز الفعاليات الرمضانية خارج العالم الإسلامي.

فمنذ عقدين من الزمن، أقام أحد الباعة المسلمين بسطة للشواء في شارع هولدن ستريت التجاري، أحد أهم الشوارع الحيوية في قلب سيدني، لتتزايد حوله المحال عامًا بعد آخر، حتى تحول المكان إلى مهرجان يدعى «ليالي لاكمبا خلال رمضان»، وتشرف على تنظيمه بلدية مدينة كانتربري بانكستاون جنوب غرب سيدني.

المهرجان لم يعد حكرًا على المسلمين، بل بات يجذب الكثير من الزوار من مختلف الخلفيات، ليعيشوا الأجواء الرمضانية الفريدة بعد صلاة التراويح، حيث يتميز بعرض أطباق متنوعة من ثقافات إسلامية متعددة، من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا.


ويقدم المهرجان الكثير من المأكولات والمشروبات الرمضانية، من الكنافة النابلسية، والشاورما، وأطباق المندي الشهيرة، وأكلات من باكستان وحيدر آباد، مما يضفي طابعًا استثنائيًا على المنطقة طوال الشهر.

وتسعى بلدية مدينة كانتربري بانكستاون، التي تضم أكثر من 200 ألف مسلم، إلى جعل مشاركة الطعام وسيلة لتعريف الأستراليين بشهر رمضان وقيمه الإنسانية، التي تقوم على الكرم والضيافة والتكافل الاجتماعي، مما يعزز التفاهم بين مختلف الثقافات.

وقد انطلق المهرجان للمرة الأولى في 2009، ولم يكن حينها يجذب سوى بضع مئات من الزوار، لكنه تطور سريعًا ليصبح فعالية سنوية رئيسية تحتفي بروح رمضان وتعزز التقارب الثقافي، متجاوزًا 1.57 مليون زائر في 2024، أي أربعة أضعاف عدد زواره في 2019.

اليوم، يجمع المهرجان الأستراليين من مختلف أنحاء البلاد إلى جانب زوار دوليين، ليختبروا روح رمضان عبر أجواء تملؤها الألفة والمشاركة. ويعلق أحد المشاركين: «ربما لم يختبر كثيرون أجواء رمضان من قبل، لكن عندما يأتون إلى لاكمبا يشعرون بقيم الشهر في أبهى صورها».