جدد مقطع فيديو متداول يعرض فيه رجل تزويج بناته من آخرين، الجدل حول مدى مشروعية أن يقدم رجل ما بناته هدية لتوطيد علاقاته برجال آخرين، حيث شدد كثيرون على أن مثل هذا التصرف يعد من قبيل انتهاك حقوق المرأة التي لم تُستشر في زواجها، حتى أن بعضهم ذهب إلى حد اعتباره من قبيل الزواج القسري.

ورأى كثيرون أن هذا التصرف ينطوي على أبعاد اجتماعية وثقافية خطرة، ويخلق إشكاليات أخلاقية ودينية وقانونية تتنافى مع حقوق المرأة وكرامتها، مع أن النظام كفل للمرأة حقوقها.

في المقابل رأى أخرون أن مثل هذا الأمر له صلة بتقاليد بعض الأسر التي لا ترى فيها أمرا سيئا ومرفوضا.


كفالة حقوق المرأة

يوضح المستشار القانوني حامد عادل أن المملكة شهدت كثيرا من التطورات على مستوى منح المرأة حقوقها، وعلى الأخص خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا في ظل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.

وبيّن أن «لجوء بعض الآباء إلى تقديم بناتهن كهدية للآخرين كعربون محبة وتكريم يعد مخالفة لا بد أن يعاقب عليها الأب لأن بتصرفه يمارس انتهاكا واضحًا لحقوق المرأة التي كفل لها النظام حرية اختيار الزوج المناسب دون تدخل أي أطراف أخرى».

وإشار إلى أنه «في المجتمعات التي تشجع مثل هذه التصرفات لا بد من معاقبة الفاعل، إذ لا بد من التعامل مع الفتاة باحترام، وتعزيز الروابط الاجتماعية مع الآخرين لا يجب أن تتحقق إلا بموافقة الفتاة، وليس من المقبول تحويل النساء إلى هدايا، كما أن هذا التصرف يتعارض مع التشريعات التي تحمي المرأة من الزواج بالإكراه أو الزواج القسري».

منظور ثقافي واجتماعي

يشير المستشار الأسري منصور الحربي إلى أنه في بعض الثقافات لدى الأسر، ينظر إلى الفتاة على أنها جزء من ممتلكات الأسرة، ما يجعلها عرضة لاستغلال ينتهك كيانها كفرد مستقل.

وقال «يتم التعامل مع الفتاة في بعض الأسر كوسيلة لتوطيد العلاقات الاجتماعية أو حل النزاعات، وهو سلوك يكرس النظرة الدونية للمرأة، ويقلل من قيمتها كإنسانة قادرة على اتخاذ قراراتها المصيرية بنفسها».

وتابع «في الإسلام، الزواج عقد يتم بموافقة الطرفين، ويجب أن يكون قائمًا على الرضا والقبول المتبادل، وأي تصرف يجبر الفتاة على الزواج دون إرادتها يعد مخالفًا للشريعة الإسلامية التي تكرم المرأة وتمنحها الحق الكامل في اختيار زوجها».

آثار نفسية واجتماعية

بدوره، كشف المستشار النفسي علي شريف أن «الزواج القسري أو تزويج الفتاة كهدية من قبل ولي أمرها له آثار نفسية واجتماعية خطيرة على الفتاة التي قد تعاني من مشكلات نفسية مثل الاكتئاب والقلق، وقد يؤدي ذلك إلى تفكك الأسرة في المستقبل نتيجة لغياب التفاهم والانسجام بين الزوجين».

وأوضح «قد تعاني الفتاة من مشاعر عدم الراحة والإجبار والشعور بالاستغلال والفقدان للحرية، والإحساس بالضيق، والضغط النفسي، والحرمان، وفقدان السيطرة، وغالبًا ما يكون هناك انقطاع أو ضعف في العلاقات الاجتماعية بسبب الضغوط التي تأتي من الزواج القسري مما يؤثر على الصحة النفسية».

وتابع «يمكن أن يؤثر الزواج القسري على التنمية الشخصية للفتيات، وقد يقلص فرصهن في التعليم والتطور المهني والاجتماعي».

وواصل «الفتيات اللواتي يتزوجن بهذه الطريقة يكون لديهن اضطراب الهوية حيث يشعرون بأنهن مجبورات على الزواج، ويفقدن هويتهن الشخصية، مما يؤدي إلى صراع داخلي قد يسبب اضطرابات نفسية خطيرة».

حلول ومنع

ترى المستشارة الاجتماعية مها إسحاق أن «هناك عدة حلول لمنع تزويج الفتيات بطريقة الإهداء حتى لو كان الهدف تعزيز العلاقات الاجتماعية وتوثيقها من أجل مصالح الآباء».

وتابعت «لا بد من التوعية المجتمعية عن طريق توعية الأسر بأهمية احترام حقوق الفتاة في اختيار شريك حياتها، وبناء ثقافة تقدّر المرأة كفرد مستقل وتعزيز التشريعات حيث ضرورة فرض قوانين صارمة تعاقب من يقوم بهذا التصرف من الآباء، ويجبر بناته على الزواج قسرًا، أو يستخدمهن وسيلة لتحقيق مكاسب اجتماعية أو مادية».

وتابعت «لا بد من دعم المرأة بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لها، خصوصًا عند تعرضها لمثل هذه الحالات، وتوفير مراكز حماية لهن».

وأوضحت أن «تزويج الفتاة كهدية يُعد ظاهرة خطيرة تسيء إلى كرامة المرأة وتتنافى مع مبادئ العدالة والمساواة، ولا بد من التصدي لهذه الممارسات عبر التعاون بين المجتمع والمؤسسات الحقوقية والجهات التشريعية لتحقيق مجتمع واعٍ».

وشددت على أن «النظام كفل للمرأة حقوقها، لذلك لا بد على من يجد مثل هذه الحالات أن يبلّغ جمعية حقوق الإنسان، أو هيئة حقوق الإنسان، أو الجهات ذات الصلة بحماية حقوق المرأة لمعاقبة المتورطين بالأمر».

حجج معارضة تزويج البنات كهدايا

ـ يعد من قبيل انتهاك حقوق المرأة التي لم تُستشر في زواجها

ـ يصل الأمر به إلى أن يكون من قبيل الزواج القسري

ـ يخلق إشكاليات أخلاقية ودينية وقانونية تتنافى مع حقوق المرأة وكرامتها

ـ يخالف النظام الذي كفل للمرأة حقوقها

ـ يقلل من قيمة كإنسانة قادرة على اتخاذ قراراتها المصيرية بنفسها

ـ قد يسبب مشكلات نفسية لمن تزوج دون رغبتها