نفذت الهيئة العامة للطرق ولأول مرة سفلتة الطرق باستخدام مخلفات البناء والهدم في الخلطات الأسفلتية بعد إعادة تدويرها واختبارها في مركز أبحاث الطرق التابع للهيئة في محافظة الأحساء كأول منطقة تجري عليها التجربة، والأولى على مستوى العالم، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والمركز الوطني لإدارة النفايات «موان».

وتسهم هذه التقنية الجديدة في إعادة تدوير مخلفات الهدم والبناء التي تصل قيمتها إلى نحول 4 مليارات ريال سنويا، وخفض استهلاك العناصر الأساسية لمواد البناء مما سيجعل البيئة أكثر استدامة واستقرارا.

وأشارت الطرق إلى أن من شأن هذا الابتكار أن يساهم في تحقيق مستهدفات السعودية بإعادة تدوير 60 % من مخلفات البناء والهدم بحلول 2035، وهو ما يعد بتحويل التحديات البيئية إلى فرص مبتكرة والوصول إلى قطاع طرق مستدام وصديق للبيئة، وتعزيز تحقيق مستهدفات إستراتيجية قطاع الطرق التي نصت رؤيتها على التشجيع على الابتكار.


إحصائيات معلنة

أوضح المهندس الاستشاري كمال حسني رشيد القبلي لـ«الوطن» أن البدء باستخدام «نتاج هدم المباني» في الخلطات الأسفلتية على سطح الطريق، يعد من القرارات الهامة للهيئة العامة للطرق، وقال «من خلال استقراء ومراجعة التقارير الصادرة عن مسؤولي الأمانات والبلديات والمنشورة في الصحافة المحلية وقنوات التواصل الاجتماعي الرئيسة، يمكن لنا أن نؤكد أن مخلفات البناء والهدم بلغت على مستوى السعودية حوالي 120 مليون طن متر مكعب في عام 2021، حيث تبلغ مخلفات البناء والهدم في مدينة الرياض حوالي 5 ملايين متر مكعب سنويا، وفي مدينة جدة بلغت في أبريل 2023 حوالي 300 ألف طن، وبمعدل يومي حوالي 10 أطنان في مدينة جدة.

بينما تمكنت أمانة منطقة المدينة المنورة خلال نوفمبر 2024 من رفع 76 ألف متر مكعب من مخلفات الهدم والبناء.

وأضاف «الأرقام كبيرة جدا، وكمية المخلفات للهدم والبناء ترتفع بوتيرة متزايدة وخصوصا أن المملكة في ورشة عمل وسباق عمراني كبير من أجل توفير البنية التحتية والعمرانية للاستحقاقات المقبلة، ومنها تنظيم معرض إكسبو 2030 وتنظيم كأس العالم 2034، وتحقيق أهداف الرؤية الشاملة للسعودية 2030».

مضاعفة الأرقام

شدد القبلي على أن الأرقام المعلنة لمخلفات الهدم والبناء في السعودية ستتضاعف مرتين أو 3 مرات لتصل تقريبا إلى حدود 400 مليون متر مكعب سنوياً من نفايات ومخلفات الهدم والبناء، وهو رقم كبير جدا، يفسر سبب القرار الحكيم للهيئة العامة للطرق بإعادة تدوير مخلفات الهدم والبناء واستخدامها ضمن الخلطات الأسفلتية المستخدمة في سفلتة الطرق والشوارع، وخصوصا أن لدينا شبكة طرق كبيرة تستلزم كميات كبيرة سنوية من مواد البناء لصيانة هذه الشبكة الطويلة من طرق المملكة.

وأضاف «كما أن تكاليف المتر المكعب من الردم أو الرمل يوازي حوالي 8 - 10 ريالات، ولو افترضنا حساب هذه المخلفات بنفس أسعار الردم أو الرمل العادي (وهو السعر الأدنى) فستكون قيمة هذه الكمية الموفرة من مخلفات الهدم والبناء بمبلغ حوالي (400 مليون × 10) وتساوي تقريبا 4 مليارات ريال سنويا، وهو مبلغ كبير جدير بالاهتمام والمعالجة والتحليل والدراسة لهذه المخلفات للوصول بها إلى هذه الأرقام المليارية، وخفض فاتورة الصيانة لهذه الشوارع والطرق الحيوية».

مزايا بيئية

من جانبه، عدّد خبير سعودي متخصص في الأعمال الأسفلتية لـ«الوطن» نحو 4 مزايا بيئية متنوعة في تنفيذ أول طريق في العالم، يستخدم ناتج هدم المباني في الخلطات الأسفلتية على سطح الطريق.

والمزايا الأربع التي ركز عليها تتمثل بأنه عند استخدام مخلفات المباني الخرسانية كبحص، فإنها تغني عن استخدام البحص الجيري أو البحص البركاني، كما أنها تحقق عدم الاستغلال الجائر للموارد الطبيعية مثل الجبال الجيرية أو الجبال البركانية، وهي تضمن كذلك عدم إحداث ضغط كبير على البيئة، وتحقق عدم إفراز ملوثات ومخلفات ضارة أثناء تكسير الجبال.

وأبان الخبير في الأعمال الأسفلتية، الدكتور عبدالرحمن الفهيد لـ«الوطن» أن «استخدام المواد المعاد تدويرها من المباني المهدومة، واستخدامها في البناء مرة أخرى، يعد أحد أهم أساسيات مفهوم التنمية المستدامة التي تلبي احتياجات الأجيال الحالية دون الإضرار بتلبية احتياجات الأجيال المقبلة، وهذا يساهم في عدم استنزاف الموارد الطبيعية، يقلل من مخلفات المباني».

وأضاف أنه»كلما زاد عمر الخرسانة زادت قوتها، فبتكسيرها وتحويلها إلى أحجار صغيرة، تسمى البحص، تصبح صالحة للاستخدام مرة أخرى بعد اجتيازها لاختبارات الجودة«.

وعن اختبارات الجودة المقصودة، قال «منها، أو من أهمها اختبار التآكل أو الاحتكاك، وهو اختبار محاكاة للبحص أثناء مرور عجلات المركبات فوق الطرق الإسفلتية لضمان عدم تآكلها مع مرور الزمن».

ولفت إلى أن البحص هو الجزء الأساسي لقوة الطرق الإسفلتية، ومن بعدها البيتومين أو ما يسمى القار الذي يعمل كمادة صمغية لربط حبيبات البحص.

وأضاف: كما أن تكاليف المتر المكعب من الردم أو الرمل يوازي حوالي 8 - 10 ريالات، ولو افترضنا حساب هذه المخلفات بنفس أسعار الردم أو الرمل العادي (وهو السعر الأدنى) فستكون قيمة هذه الكمية الموفرة من مخلفات الهدم والبناء بمبلغ حوالي (400 مليون × 10) وتساوي تقريبا 4 مليارات ريال سنويا، وهو مبلغ كبير جدير بالاهتمام والمعالجة والتحليل والدراسة لهذه المخلفات للوصول بها إلى هذه الأرقام المليارية، وخفض فاتورة الصيانة لهذه الشوارع والطرق الحيوية.

فوائد تدوير المخلفات عامة ومخلفات البناء والهدم خاصة

1- يحقق عائدات مباشرة تصل قيمتها إلى أكثر من 4 مليارات ريال سنويا.

2- تشجيع مراكز البحوث والدراسات في المعاهد والجامعات للانخراط في تدوير المخلفات، وفتح قنوات استقطاب الخبراء والعلماء والمطورين والمستثمرين

3ـ خفض استهلاك العناصر الأساسية لمواد البناء مما سيجعل البيئة أكثر استدامة واستقرارا

4- تحويل الوعي والثقافة بأن المخلفات كنز كبير يمكن الاعتماد عليه في قنوات الدخل والاقتصاد الوطني

5- التفكير في الحصول على مواد وعناصر أخرى أكثر تعقيدا وأكثر قيمة وخصوصا في تدوير مخلفات البناء الخاصة بالأسلاك والكيابل والحديد والألمنيوم والنحاس وغيرها

6- تحويل الوعي العام من الاستهلاك المطلق إلى الإنتاج المطلق

مزايا استخدام مخلفات البناء في سفلتة الطرق

01- استخدامها كبحص يغني عن استخدام البحص الجيري أو البحص البركاني

02- تضمن عدم الاستغلال الجائر للموارد الطبيعية كالجبال الجيرية أو الجبال البركانية

03- تضمن عدم إحداث ضغط كبير على البيئة

04- تحقق عدم إفراز ملوثات ومخلفات ضارة أثناء تكسير الجبال

أفكار ومشاريع لسفلتة الطرق تضمن الاستدامة البيئية

ـ الأسفلت القابل لإعادة التدوير، حيث يمكن استخدام الأسفلت المستخدم في الطرق بعد طحنه ومعالجته، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام المواد الخام الجديدة، ويقلل من كمية المخلفات

ـ الأسفلت البارد الذي يتميز بعدم الحاجة إلى التسخين الكامل مما يقلل من الانبعاثات الضارة ويسهل عملية البناء والصيانة

ـ مواد الركام المعاد تدويرها مثل الخرسانة الأسفلتية المعاد تدويرها (RAP)

ـ الخرسانة الأسفلتية الخضراء التي تتضمن تقنيات متقدمة لإنتاج الخرسانة الأسفلتية باستخدام مواد خضراء أو مواد تعمل على تقليل التأثير البيئي

ـ الأسفلت الرغوي الذي يمتاز بتقليل استخدام المواد البترولية والمياه، مما يقلل من الانبعاثات ويحسن مرونة الطريق

ـ مواد بديلة متنوعة تشمل الأسفلت البيولوجي، والأسمنت الأخضر، ومواد الأسفلت المصنوعة من النفايات الزراعية أو الصناعية