أطلقت الطبيعة الأم العنان لغضبها في عام 2024، فأطلقت نداء تنبيه صارخا بشأن تغير المناخ. فمن الجفاف المستمر في مختلف أنحاء جنوب إفريقيا إلى الفيضانات المدمرة في إسبانيا، أثرت أحداث الطقس المتطرفة على مليارات البشر في مختلف أنحاء العالم، ورسمت صورة مقلقة لما قد يصبح الوضع الطبيعي الجديد.

وكشف تحليل شامل نُشر في مجلة Advances in Atmospheric Sciences، أن عام 2024 يعتبر عامًا بارزًا حيث انضم إلى 2023 باعتبارهما العامين الأكثر سخونة على الإطلاق. ما يميز 2024 بشكل خاص هو سلسلة غير مسبوقة من أحداث هطول الأمطار الشديدة التي أحدثت دمارًا واسع النطاق عبر قارات متعددة. يأتي هذا الاكتشاف من فريق دولي من العلماء بقيادة الدكتورة وينشيا تشانج في معهد فيزياء الغلاف الجوي، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، الذين كانوا يجرون مراجعات سنوية للظواهر المناخية المتطرفة منذ عام 2022.

هطول الأمطار القياسي


في أبريل 2024، شهدت جنوب الصين ثاني أشد فصل ربيع أمطارًا منذ ستينيات القرن العشرين. حيث تلقت بعض المناطق ضعف معدل هطول الأمطار المعتاد، مما أدى إلى دمار كبير. في الإمارات العربية المتحدة، حدث طوفان تاريخي عندما سجلت دبي كمية من الأمطار في 24 ساعة تفوق ما تشهده في 75 عامًا. عانت آسيا الوسطى من أسوأ الفيضانات لها منذ سبعة عقود، بينما سجلت إسبانيا أرقامًا قياسية عندما تلقت منطقة واحدة ما يقرب من 772 مليمترًا من الأمطار في 14 ساعة فقط.

العوامل المؤثرة

توجد وراء هذه الأحداث المناخية الدرامية تفاعلات معقدة بين أنماط المناخ الطبيعية والاحترار الناجم عن أنشطة الإنسان. فقد ارتبطت العديد من أحداث هطول الأمطار والجفاف الشديدة في عام 2024 بالتكوينات الجوية المرتبطة بظاهرة النينيو خلال شتاء 2024/2023. يوضح الدكتور جيمس ريسبي من منظمة البحوث العلمية والصناعية الكومنولثية، المؤلف المشارك للدراسة، أن «أغلب الأحداث المتطرفة تحتوي على عنصر عشوائي كبير لأنها تخضع لتقلبات الطقس، وتحدث عندما تتشكل أنماط الطقس بالطريقة الصحيحة».

إعصار ميلتون وهيلين

لقد أثبت موسم الأعاصير المدارية أنه مدمر بشكل خاص. فقد ضرب إعصار ميلتون ولاية فلوريدا في أكتوبر، ليصبح خامس أشد إعصار أطلسي مسجل منذ عام 1851. وقبل ذلك، تسبب إعصار هيلين في أضرار جسيمة على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ليصبح أعنف إعصار يضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة منذ إعصار كاترينا في عام 2005. كان التأثير شديدًا بشكل خاص في المناطق الجبلية الداخلية، حيث كانت المجتمعات أقل استعدادًا لظروف الأعاصير. ويشير الدكتور تشو وانج من جامعة إلينوي إلى أن «التأثيرات المدمرة كانت ترجع جزئيًا إلى ضعف المجتمع غير المستعد لتغير المناخ».

آثار الجفاف

بينما غرقت بعض المناطق، عانت مناطق أخرى من الجفاف. عانى نظام القنوات الحيوي في بنما من انخفاض مستويات المياه إلى مستويات تاريخية، مما أدى إلى تعطيل الشحن العالمي وتسبب في خسائر تقدر بنحو 700 مليون دولار. شهدت جنوب إفريقيا واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ عقود، مما أثر على أكثر من 27 مليون شخص. في صقلية وسردينيا، انخفضت المحاصيل الزراعية بنسبة تصل إلى 70% وسط ظروف الجفاف المستمرة.

تحديات التكيف

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو كيف كانت هذه التطرفات تتأرجح أحيانًا بين تطرفين متقابلين. على سبيل المثال، تحول شمال الصين بشكل كبير من الجفاف الشديد في يونيو إلى الفيضانات المدمرة في يوليو. فرضت هذه التحولات السريعة تحديات خاصة على المجتمعات التي تحاول التكيف.



الاستعداد والتوقع

يكشف البحث عن تقدم وتحديات في فهم هذه الأحداث. يقول الدكتور مايكل برودي، من جامعة جورج ماسون والجامعة الزراعية الدولية: «من المتوقع أن يساعد الإسناد الأكثر دقة للأحداث المتطرفة في توجيه عملية صنع القرار، بدءًا من التعافي بعد الكارثة إلى الاستعداد للمستقبل». ولكن التنبؤ وحده لا يكفي. يقول الباحثون إن أنظمة التحذير لا بد أن تبذل جهدًا أفضل في توضيح مخاطر مثل هذه الأحداث، وضمان قدرة السكان على اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب.

تجارب مريرة

تجسدت هذه النقطة بشكل مأساوي في فالنسيا بإسبانيا، حيث أدت الفيضانات والانهيارات الطينية في أكتوبر إلى دمار واسع النطاق على الرغم من التحذيرات الجوية. كشفت العواقب عن مدى سرعة تحول الأحداث المناخية المتطرفة إلى إحباط وغضب عام عندما تفشل أنظمة التحذير وآليات الاستجابة.



- انضم عام 2024 إلى 2023 باعتبارهما أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق على الأرض.

- جلبت الفيضانات التاريخية في إسبانيا 772 ملم من الأمطار في 14 ساعة فقط.

- أثرت ظاهرة النينيو على العديد من الأحداث المناخية المتطرفة.

- وجد العلماء أدلة واضحة على أن تغير المناخ أدى إلى تكثيف تأثيرها.

- ثبت أن التنبؤ بالطقس وحده غير كافٍ لمنع الكوارث في عام 2024.

- تميزا بأمطار غير مسبوقة بما في ذلك هطول أمطار قياسية في دبي لمدة 75 عامًا في 24 ساعة.