الإشراف التربوي عملية وليست وظيفة، والحاجة إلى العملية الإشرافية ضروري للمدرسة، فهو يدعم جهودها في رفع كفايات برامجها وتمكينها، بما يعود بالفائدة على تحسين العملية التعليمية وتطوير أدائها وزيادة دافعية المعلمين والمتعلمين.

وتعرف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الإشراف التربوي بأنه: "عملية شاملة للموقف التعليمي بكل عناصره؛ المعلم، الطالب، المنهج، البيئة المدرسية". ويعرفه ماركس بأنه: "عملية تطوير وتحسين موقف التعليم والتعلم الذي ينعكس بدوره على تحسين وتقدم نمو الطلاب.

الإشراف التربوي عملية قيادية شاملة تهدف إلى تحسين وتطوير العملية التعليمية. والجدير بالذكر أن للإشراف التربوي نماذج مختلفة ومتنوعة، ويحدد كل نموذج عوامل ومتغيرات منها الأهداف والمهام؛ وقد تأثرت هذه النماذج بطبيعة النظام التربوي وفلسفته وعناصره المختلفة من أهداف ومناهج وعلاقات إنسانية تسود المناخ التربوي.


ويعرف النموذج بأنه تمثيل افتراضي يحل محل واقع الأشياء أو الظواهر أو الإجراءات واصافا إياها مما يجعلها قابلة للفهم، ويعرف بأنه شكل تخطيطي تمثل عليه الأحداث أو الوقائع والعلاقات بينها، بصورة محكمة بغرض المساعدة في تفسير تلك الاحداث أو الوقائع.

كان الإشراف على مر التاريخ يتضمن إطار نموذج تقليدي، يستهدف السيطرة على سلوكيات التدريس لدى المعلمين. ولتحقيق النجاح في تحويل نموذج ما إلى نموذج آخر فعال، فإنه يجب أن يتضمن ذلك تحولا من الإشراف التقليدي إلى الإشراف المشترك.

ويأتي نموذج الإشراف المشترك (الجماعي) كأحد النماذج الحديثة التي تدعو إلى تبني النهج الجماعي في الإشراف التربوي، من خلال التأكيد على الحاجة لقيادة مدير المدرسة والمعلم باعتبارها واحدة من المكونات المهمة للإشراف المشترك.

ويعد الإشراف المشترك من النماذج الحديثة التي تحقق رؤية مشتركة لتطوير عمليات التعليم والتعلم بشكل تعاوني، ويعني الإشراف المشترك أن جميع أعضاء مجتمع المدرسة يعملون معا نحو تحقيق رؤية متفق عليها لما يريدون أن يكون عليه التدريس والتعلم.

ويعرف الإشراف المشترك بأنه عملية تعاونية تنطلق من موقع المدرسة، ويتولى مسؤولياتها مجموعة من الأفراد يمثلون الإدارة المدرسية والمعلمين الأوائل، وتركز على تقديم كافة أشكال الدعم المرتبطة بتنمية عمليات التعلم.

نموذج الإشراف المشترك يواكب التوجهات الحديثة للنظم المدرسية التي تنطلق من أن التحسين والتطوير الحقيقي تقوده المدرسة. ويؤكد على مجموعة من الافتراضات، وهي:

العلاقة بين المعلمين والمشرفين تشاركية أكثر منها هرمية.

ممارسة الإشراف بالمستوى الذي يمارسه المشرفين.

التركيز على تطوير المعلم بدلا من التأكيد على امتثاله للتوجيهات.

تيسير التعاون بين المعلمين ضمن جهود تحسين مستوى التعليم.

مشاركة المعلمين في بحث تأملي متواصل.

في الإشراف الجماعي يشارك مدراء المدارس ومساعدوهم والمشرفين في القيادة التعليمية، ولكن دورهم يتغير إلى منسقين حيث يصبحون قادة القادة، ويدرك مديرو المدارس أن القيادة التعليمية ليست من اختصاص أي شخص، لكنها تتكون من تفاعل العديد من القادة.

ويعني تطبيق القيادة المجتمعية أن المشرف يصبح ميسرا لمجتمع الممارسة الذي يستخدم البحث التعاوني والتفكير والحوار لوضع رؤية جماعية لما يريد التدريس لتحسين التعليم من أجل تحسين تعلم جميع الطلاب. والإشراف الجماعي يمكن أن يبدأ من خلال فتح التواصل في اتجاهين مع المعلمين حول نقاط القوة والضعف في التعليم في المدرسة، ورؤيتهم للبيئة المثلى للتدريس والتعلم وأفكارهم للتحرك نحو تلك الرؤية، كما أن نموذج الإشراف الجماعي يستوجب تطوير المهارات القيادية لدى قادة المعلمين في المدارس. ويشبه جلانز Glanz الإشراف على العملية التعليمية بمعالجة المريض، فالأطباء يعملون على مريض واحد لأنه لا يوجد طبيب واحد يستطيع تشخيص ومعالجة الحالة لوحده، فهو يرى أنه يجب أن يتم النظر في العملية التعليمية من وجهة نظر العديد من المشرفين وقادة المدارس والمعلمين بشكل جماعي.

الدور الأساسي للقيادة المدرسية في نموذج الإشراف الجماعي يتمركز في بناء وقيادة مجتمع تعلم مهني داخل المدرسة، فقد أصبح تأسيس مجتمعات محلية تعليمية مهنية PLCs في السنوات الأخيرة إستراتيجية إصلاح تعليم بارزة، وحسب ما تشير إليه الأدبيات فإن جوهر هذه المجتمعات يركز على ثقافة التعاون التي تبحث عن تحقيق أهداف تحسين قياسية من خلال البحث والاستقصاء والإجراءات الواعية المدروسة والالتزام بالتحسين المستمر، كما يجب على المدرسة والمشرفين توفير الوسائل والقواعد اللازمة للمعلمين للتعاون بعضهم مع بعض بما يكفل وصول التعلم المهني إلى غايته من النجاح، ومع الانفجار في تكنولوجيا الإنترنت والمعلومات، فقد بدأت المدارس التحرك من مجتمعات التعلم المهنية المحلية في المدارس إلى المجتمعات الافتراضية العالمية.

وتتألف القيادة التعليمية المشتركة في كثير من الأحيان من المشرف الذي ييسر عمل مجموعات المعلمين ويشجعهم على العمل سويا على تحسين مستوى التعليم. وتعتبر فرق تدريب الأقران ومجتمعات التعلم المهني وفرق البحث الإجرائي ومجموعات الدراسة وفرق تطوير المناهج بعضا من الأمثلة التي يمكن إيرادها لفرق قيادة المعلمين.

المجتمع المهني يشتمل على القيم المشتركة والتركيز المشترك على تعليم الطلاب والعمل الجماعي على تطوير المناهج الدراسية ومشاركة الممارسات التعليمية والحوار التأملي.

يقول فولان: "يجب أن يصبح تطوير المجتمع المهني هو المحرك الرئيس لعملية التحسين، لأنه بمجرد حدوث ذلك، يمكن تحقيق تغييرات أعمق في كل من الثقافة والبنية التعليمية".