لم تكن الفعاليات التي احتضنتها حديقة السويدي بالرياض مجرد حدث ثقافي عابر، بل كانت انعكاساً حيًّا لروح الانفتاح التي تتبناها المملكة في رؤيتها 2030، فالزوار من السعوديين والمقيمين على حد سواء، وجدوا أنفسهم في وسط مزيج من التناغم الثقافي، حيث تداخلت التقاليد الإندونيسية مع الحداثة السعودية خلال الفترة من 26 أكتوبر الجاري ضمن "أيام إندونيسيا" التي تختتم فعالياتها اليوم في مشهد يعكس التآخي بين الشعوب ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه تحت شعار "انسجام عالمي".
ففي مشهد يجسد الانفتاح الثقافي استطاعت هذه المبادرة أن تجمع بين ثقافات متباينة وأناس من خلفيات متعددة، في أجواء احتفالية عالمية ترمز إلى التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه المملكة على أراضيها.
المشهد في حديقة السويدي كان أشبه بمهرجان ثقافي عالمي، حيث زينت ألوان الثقافة الإندونيسية المكان بأكمله، وأخذ الزوار جولة من نوع خاص في رحلة بين التقاليد والحداثة، وعلى خشبة المسرح الرئيسي، تناوبت الفرق الفنية الإندونيسية على تقديم عروض ساحرة مزجت بين الرقصات التقليدية والموسيقى الحية والعروض الفنية التي أسرَت الحضور.
وكانت إيقاعات الطبول الإندونيسية خلال المسيرة تملأ الأجواء، والرقصات التي استوحيت من أساطير إندونيسية خالدة تجذب الأنظار وتثير الإعجاب، ما خلق حالة من الانسجام الثقافي والتفاعل بين الحاضرين، فالأطفال والكبار على حد سواء وجدوا في العروض الفنية فرصة فريدة للتعرف على ملامح جديدة من ثقافة إندونيسيا، وكأن المسرح الرئيسي تحول إلى جسر يربط بين الشرق والغرب.
ولم تقتصر الفعاليات على الكبار فقط، فقد احتضن "مسرح الطفل" فعاليات تفاعلية مبهجة ضمت عروضًا فنية وألعابًا مرحة جمعت بين التعلم والترفيه، وكانت هذه الفعاليات بمثابة مساحة آمنة ومليئة بالإبداع، حيث استمتع الأطفال بالعروض المتنوعة وورش العمل التفاعلية التي أتاحت لهم فرصة المشاركة الفعالة من الفقرات التعليمية إلى الفقرات الترفيهية، حيث كان هناك تناغم كبير بين الأطفال والعروض المقدمة التي جعلتهم يعيشون تجربة تفاعلية فريدة.
ومن بين العديد من الزوايا التي زينت حديقة السويدي، كانت زاوية الحرف اليدوية وجهة لافتة لزوار الفعاليات، إذ استمتع الحضور بمشاهدة الحرفيين وهم يستعرضون مواهبهم الفريدة، ولم تكن هذه الزاوية مجرد عرض للحرف، بل كانت تجربة تتجاوز البيع والشراء لتروي حكايات حية عن تاريخ وثقافة الإندونيسية، فالمنسوجات التقليدية، والأقمشة الحريري ، كلها كانت جزءاً من هذا العرض الفني الذي جذب الزوار.
ولم يكن المشهد الثقافي مكتملًا دون الانغماس في تجربة الطعام، التي شكلت جزءاً رئيسياً من الحدث، فبين رائحة الأطعمة الإندونيسية التي تفوح في الأجواء، كانت منطقة الأطعمة وجهة استثنائية لعشاق المأكولات الإندونيسية، إذ تنوعت الأطباق حيث عاش الحضور تجربة تذوق غنية بالأطباق التقليدية المذهلة.
تستمر الفعاليات في حديقة السويدي لتقديم تجارب غنية وتعزيز الروابط بين الثقافات المختلفة، مما يعكس الالتزام المستمر بتعزيز الحوار الثقافي وبناء مجتمع شامل ومتنوع.