عندما نُعرف " شرف المهنة " فإننا نعني بمَنْزِلَتُهَا، قِيمَتُهَا، حُظْوَتُهَا، ومن أخل بها فهو أجْحَف بها وقصَّر فيها كما عرفته المعاجم، و عندما نقول "هوس الشهرة " فإننا نعني بها من وقع في حيرة و اضطراب الظهور اللافت والمتكرر والتي لا يرجى منها سوى لفت الأنظار و فقد قيمة الذات . وعندما نُعرف الإعلام فهي ؛ مجموعة من قنوات اتصالية تستخدم في نقل المعلومة بهدف النشر ، الترويج ، التوعية و التثقيف ، والمعاجم تعج بمعاني لا حصر لها، ولكننا هنا لسنا بصدد التعريف أكثر مما نريد أن نوضحه في حديثنا !

الإعلام هنا أداة كما هي قناة اتصال؛ فإما أن تستخدم لأهداف نبيلة ، وإما لأهداف دنيئة ، ويبقى الخيار لصاحب القلم ، وصانع المحتوى. ما نراه اليوم ليس كما كان بالأمس، الإعلام في السابق كان له قيمته ومكانته، وحتى اليوم ...لكن مع الكثير الاختلافات والكثير من الاختلاطات !

بالأمس ... لم يكن يجرؤ على الظهور إلا من كان لديه الكثير من القدرات والمواهب الحية و أهمها الثقة بالذات ، القدرة على الظهور الإعلامي وتقديم المحتوى ، لإيصال كلمة - سواءً كانت شفهية أو نصية - إلى أكبر قدر من الجماهير ، والروح تتسع للانتقادات البنّاءة من أجل التطوير الذاتي ، ومن حيث الهدف فكان هدفهم نبيلًا، وتضمنت أهدافهم تلك التأثير الإيجابي الذي تمثل في تبديل بعض المعتقدات السائدة حول الأفكار المغلوطة ، تهذيب الذات باعتناق ما يناسبها من القيم ، تدريبها على انتهاج الطرق الفعّالة ، والناس فيها مذاهب ، و لكل منهم طريقته في التعلم و التزود بما يلزم من أجل التغيير المنشود في النسيج الاجتماعي ، لتصبح هذه المجتمعات أكثر تحضرًا و أكثر ترابطًا وتفاعلًا فيما بينهما ، و مع تنوع وسائل الاتصال يصبح الأفراد أكثر قوة من الداخل و الخارج داخل هذه المجتمعات لتصبح البيئة المحيطة بهم أكثر إيجابية وأكثر تناغما.


اليوم .. يعتلي بعض هذه المنصات -مواقع التواصل الاجتماعي- وتحديدًا المصابون بداء " هوس الشهرة " بأهداف تخلو من التأثير الإيجابي ، و إن كان قليلًا منه إيجابي ؛ فصفاتهم تكتشفها في خلال "خمس دقائق" ما دمنا في عصر السرعة ! ، فمن حيث المعرفة والثقافة فهم قلة قليلة جدا ، و من حيث القيمة الذاتية فهم فاقديها مع الكثير من الشكوى و الإسقاطات على الأخر والمجتمع ، يعتريهم الكثير من النقص والسذاجة ، ويعوضون نقصهم من خلال متابعيهم ، وهم جميعهم فيها سواء .. يعوض بعضهم بعضًا مع الكثير من الثقوب ، و ابتلينا نحن بهؤلاء .. حتى بدأنا نهجر مواقع التواصل الاجتماعي و نكتفي بما يلزمنا في الوقت الراهن!

إلى متى ستبقى الساحة لهم ؟

" الشهرة الحقيقية " تجد طريقها لمن لا يسعى إليها، لمن أوجد للنجاح والتميز معنى حقيقي يستحق أن يشاهده العالم مرارًا و تكرارًا .. الإنجازات تتحدث و النجاحات تتوالى بفعل التأثير الناعم.