أتساءل هنا هل افتقادنا للمهارات الأساسية ، التي تحملنا إلى بر الأمان ،وغياب الوعي بكيفية التعامل مع الأزمات دور في ذلك ،أم أن التراكمات المتتالية للمواقف والتجارب السابقة لابد أن تجنى لاحقاً شئنا أم أبينا؟ في الواقع لا أملك إجابة شافية أو ردا وافيا أو تفسيرًا واضحًا يشرح لي الأسباب التي تدفع بالإنسان إلى أن يؤذي نفسه زمناً طويلاً وهو يدرك ذلك ،من خلال الإنعزال والانطواء عن الناس والانغماس في الأحزان ردحاً من الزمن،مايقوده إلى براثن داء الإكتئاب أو الجنون لامحالة،في حين أنه يعلم جيداً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وهو يقرأ وبشكل دوري الآية الكريمة ( إن مع العسر يسراً )!
ما أعرفه أنه مامن شخص إلا وتعرض لظروف قاهرة وآلام قاسية أجبرته على المرور بفترة حزن عميقة ،واضطرته إلى مواجهة أوقات عصيبة.
نعم هناك ظروف وأزمات بالغة القسوة يصعب نسيانها أو الإنفكاك منها بسهولة، لكن الإستسلام التام لهذه الأزمات وهذه الأفكار يربك حياة الإنسان ،ويشل تفكيره ،ويقيد مسيرة حياته اليومية ،ويحد من قدراته الشخصية .
لي صديق من هذا النوع مر بظروف مؤلمة ،ارتمى في أحضان الإكتئاب واستسلم لتلك الظروف، ثم تقوقع في أحزانه وربما في أوهامه، حتى تملكت منه تلك الأحزان وتلك الأوهام تملك الأسورة بالمعصم . ذاق بعدها صنوف الأمراض ،هو الآن في حالة يرثى لها ، أشفقت عليه جداً حين رأيته آخر مرة، شيئ يندى له الجبين، وينفطر له القلب،ربما يمكنني القول بأنه بات في عداد فاقدي العقل أو على حافة الجنون مع بالغ الأسف ، أسأل الله يعجل بشفائه .
اقتباس:
من أجمل ماقرأت لابن القيم رحمه الله هذه الكلمات :
( لن يقاسمك الوجع صديق، ولن يتحمل عنك الألم حبيب، ولن يسهر بدلا منك قريب، اعتن بنفسك، واحمها ودللها ولا تعطي الأحداث فوق ما تستحق تأكد أنه حين تنكسر لن يرممك سوى نفسك).