في عام 1914م (1332هـ)، وقبل توحيد المملكة بعقدين، كانت المدينة المنورة تعاني من ظلام كبير، حيث كانت الحياة تكتنفها ملامح الظلم والفوضى تحت حكم الدولة العثمانية. فقد ارتكبت الدولة العديد من الجرائم الإنسانية والاجتماعية، أبرزها التهجير القسري لأهالي المدينة في حادثة "سفر برلك" المأساوية، التي أشرف عليها فخري باشا. أمر هذا الأخير بتهجير السكان، ما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي الذي كان يربط بين أهل المدينة بمختلف أعراقهم، وتركهم في مناطق نائية وشتات قسري امتد من الشمال إلى إسطنبول، فيما عانى الكثير منهم في بلاد الشام والعراق.

جاءت الدولة السعودية بمراحلها الثلاث، التي واجهت خلالها العديد من التحديات. لكن لم يتوقف عزمها عند حد، بل عملت على إعادة الأمن والرخاء، وتضميد الجراح، وتسهيل سبل الحج بعد سنوات من الفوضى التي عانى منها الحجيج.

اليوم، ونحن نحتفل باليوم الوطني، نستعيد عمق تاريخنا وثقافتنا وحضارتنا العريقة، لنتفاخر بهويتنا وتراثنا الأصيل الذي ورثناه عن أجدادنا. إن يوم توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز (رحمه الله) كان بمثابة غرس عميق في نفوسنا، وقد أتى هذا الغرس بثماره ليثمر لنا وطنًا عظيمًا نعتز به. ومن دون أدنى شك، فإن فهم ماضينا سيظل منارة ترشدنا لبناء مستقبل أفضل، خاصة تحت ظل رؤية 2030، التي تحقق إنجازاتها بشكل متسارع. هذه الرؤية تعكس إيمان الشعب وثقته في قائدها، مما مكننا من المنافسة مع الدول المتقدمة، بل وتجاوزناها في مجالات عدة. ولا زال أمامنا الكثير لتحقيق المجد والاستمرار في مسيرة التقدم والازدهار.