حولت حرب جنرالات السودان أزمة المجاعة التي كانت ترجع للمناخ والبيئة إلى أزمة قائمة بصنع الإنسان، ويقول جيفري فيلتمان، وهو زميل زائر في الدبلوماسية الدولية في مركز ستروب تالبوت للأمن والإستراتيجية والتكنولوجيا في معهد بروكينجز، أن هذه الأزمة في السودان هي أزمة من «صنع الإنسان»، وصنع الإنسان هي الكلمة الصحيحة، لأنه لديك في الأساس جنرالان في مؤسستيهما يقرران الانقلاب على بعضهما البعض في حرب بين الأشقاء تسببت في النزوح والمجاعة ونهب الموارد، ومنعت المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة من الوصول إلى السكان.

ويتوقع معهد كلينجينديل التابع للأمم المتحدة في لاهاي، أن ما يقرب من 2.5 مليون شخص من بين السكان البالغ عددهم حوالي 50 مليونًا سيموتون جوعَا بحلول نهاية سبتمبر.

أزمات مترابطة

ويقول فيلتمان، الذي عمل سابقًا كمبعوث خاص للقرن الأفريقي في وزارة الخارجية الأمريكية، إلى (The Current) في حديثه عن الأزمة الإنسانية والأمنية التي تتكشف في السودان والقرن الأفريقي: إن هناك أزمة إنسانية وأمنية عميقة تمتد عبر عدة بلدان في القرن الأفريقي، وهذه الأزمات مترابطة، وإن أزمة السودان الإنسانية تنبع من الصراعات الداخلية، وهي الصراعات الداخلية التي تم تدويلها مع الجهات الفاعلة الخارجية مما يزيد الأمور سوءًا.

السبب الرئيسي

ويوضح فيلتمان أن السبب الإنساني أكبر مساهم في أزمة الجوع التي تشهدها السودان اليوم أكثر من المناخ والظروف الجوية والجفاف الذي يوجد في السودان الآن هو من صنع الإنسان، وأن ذلك حدث لأن هاتين القوتين انقلبتا على بعضهما البعض على حساب السكان.

قائلا: «لديك القوات المسلحة السودانية التي تمنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المناطق الخاضعة لقوات الدعم السريع، ولدينا قوات الدعم السريع التي تنهب المناطق المحلية، بما في ذلك ما يسمى بسلة خبز السودان، وهي المحافظة الواقعة جنوب الخرطوم والتي تسمى الجزيرة، والتي أصبحت الآن في موسم الزراعة، لذا لا يتمكن المزارعون من الوصول إلى حقولهم أو الحصول على المدخلات اللازمة للزراعة مما يزيد من تفاقم الأزمة، فهذه أزمة من صنع الإنسان بالتأكيد.

قضايا الصراع

ويبين فيلتمان أن عوامل المجاعة تختلف في بقية دول القرن الأفريقي، فهي ترجع في الغالب إلى بعض قضايا الصراع المتبقية والجفاف، وفي الصومال شهدنا مجاعات مرتبطة بالصراع، بالإضافة إلى مجاعات مرتبطة بالجفاف.

وأشار إلى أنه يوجد ما يسمى بنظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وقد تم إنشاء هذا نتيجة لحرب عام 2004 في الصومال، إنها في الأساس 15أو 16 وكالة مختلفة ومؤسسة تجتمع مع السلطات الوطنية لتكوين ما يسمى صورة انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث يكون لديهم خمسة تصنيفات، والمجاعة هي الخامسة، وهي أشد.

ولكن ما يحدث هو أن نظام (IPC)، يحاول التوصل إلى معلومات موضوعية ودقيقة وقائمة على الحقائق ومبنية على توافق الآراء لوضعها في أيدي صناع السياسات، والجهات الفاعلة الإنسانية، وأولئك الذين الذين يقدمون خدمات الغذاء بحيث يكون لديك نظرة موضوعية ودقيقة حول انعدام الأمن الغذائي في مكان معين، ولكن الجانب السلبي هو أنه في مكان مثل السودان، تكون السلطات المحلية جزءًا من إجراء هذا التقييم القائم على الإجماع.

المجتمع الدولي

ويرى فيلتمان أن هناك نقصًا في دور المجتمع الدولي لحل أزمة السودان، فعلى الجانب المالي، تبلغ قيمة نداء الأمم المتحدة للسودان والدول المجاورة للمساعدة في معالجة وضع اللاجئين 4.1 مليار دولار، ومؤخرًا جمعوا فقط ما يقرب من 16% من ذلك.

وأضاف أنه حتى لو كانت الأموال متوافرة، فهناك حاجة أشد للنوع الصحيح من المساعدات من الضغط على القرارات المتخذة، التي من شأنها أن تسمح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر احتياجًا.

لذا فإن قبول المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، للفكرة المنافية للعقل بأن القوات المسلحة السودانية هي حكومة شرعية يعني أنه عندما تقول القوات المسلحة السودانية، لا يمكنك إيصال المساعدات إلى ذلك الجزء من البلاد، تكون الأمم المتحدة مجبرة على أن تلتزم بذلك لما يسمى بالحق السيادي للدولة.

مختتمًا حديثه بأن علينا أن نجد طريقة لتجاوز العوائق التي تضعها القوات المسلحة السودانية عمدًا، وأيضًا إيجاد طريقة لاستدعاء الجانب الآخر، قوات الدعم السريع، بسبب نوع النهب والتدمير الذي يقومون به في مستودعات الحبوب، إلى أسواق المواد الغذائية، إلى آخره.

القرن الأفريقي

ويشهد القرن الأفريقي، الذي يسكنه أكثر من 200 مليون شخص، مستويات عالية من الهشاشة بسبب العنف وتغير المناخ، بما في ذلك السودان وجنوب السودان وإثيوبيا والصومال، ويقول برنامج الأغذية العالمي إن الصراع الحالي في السودان «ينذر بأكبر أزمة جوع في العالم في جميع أنحاء المنطقة».

ويقول برنامج الغذاء العالمي إن الصراع الحالي في السودان، «يهدد بأكبر أزمة جوع في العالم في جميع أنحاء المنطقة، حيث يواجه ما يقرب من 18 مليون شخص الجوع الحاد، وأكثر من 9 ملايين نازح».

ثالث دولة

ويعتبر السودان ثالث أكبر دولة في أفريقيا جغرافيًا، تتمتع بساحل يبلغ طوله 500 ميل على البحر الأحمر، وهي واحدة من أكثر مناطق العبور التجارية ازدحامًا في العالم، ويطلق برنامج الغذاء العالمي عليها الآن أكبر أزمة جوع في العالم، حيث إن نصف السكان في حاجة إلى نوع ما من المساعدة الإنسانية.

وهناك أيضًا 9 أو 10 ملايين نازح داخل البلاد، وأكثر من مليوني لاجئ في البلدان المجاورة في أماكن مثل جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان، وهي بلدان ليست مجهزة حقًا للتعامل مع هذا النوع من النزوح الكبير، وقال فيلتمان إن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم، ربما تتنافس مع سورية.

السودان

- قد يموت 2.5 مليون شخص في السودان جوعًا بحلول نهاية سبتمبر.

- إن الأزمة في السودان هي من صنع الإنسان بالكامل، وهي حرب بين جنرالين.

- يتعين على المجتمع الدولي أن يكون أكثر مرونة في كيفية تقديم المساعدات الغذائية.

- الإنذار المبكر.

- أظهرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن السودان في حالة أزمة أو طوارئ عندما يتعلق الأمر بالغذاء.