تسير مركبتنا في هذه الحياة مملوءة بالكثير من المواقف والأحداث، مما يجعل عقولنا تبدأ بإدراك ما حولنا شيئًا «فشيئًا»،

المتلونون هم ليسوا من لونوا وجوههم بالأصباغ ولبسوا ملابس غريبة لرسم البهجة على شفاه الناس، فأسعدوا الكبير والصغير.. وليسوا من استضافوا الناس بالسيرك وقدموا عروضًا ممتعة!! بل هم أناس من حولنا يتلونون بألف لون!

يجيدون التلون والتصبغ، فأمامك بلون وأمام غيرك بلون آخر.. العلاقة معهم عبارة عن دخول في دهاليز لا تعرف أولها من آخرها.


هم أناس رضوا بأن يكونوا أصحاب أقنعة.. مبادئهم تتبع رغباتهم.. أناس تنعدم ثقتك بهم، تحس من أول وهلة أنك أصبت الشخص المناسب لك، ولكن عندما يصفعك مرارًا و«تكرارًا»، تدرك بعدها عدم اتزان شخصياتهم وتهلهلا في مبادئهم ووعكة في أخلاقياتهم.

تجد مثل هذه العينات إذا اضطررت إلى الامتزاج والاختلاط مع الغير كالعمل والسفر، وأحيانًا قرابة ليس لك منها مفر!، حينها تتخبط في دهاليز ألوانهم وتصبغاتهم، فمرة اللون المشفق الناصح، ومرة اللون المتوهج فرحًا «لعثرتك»، وأحيانًا أخرى اللون المتماشي مع المصلحة، فهم يملكون العديد من الأقنعة.

لا يساورني شك -أيها القارئ الكريم- بعد قراءة ما سبق أنك مررت بتجربة مع شخص ملون وكيف أدمى قلبك موقفه، وإن لم يكن أدمى فقد أوجع!، فكل الشكر له.. شكرًا «يتماشى ويليق بشخصيته الملونة، لأنه أهداك صفعة جعلتك تدرك بعدها حقيقة البشر.. لتصبح قلمًا» قد شذبته تلك المواقف فسطر منها منهجًَا «واضحًا» للتعامل.

البشر ليسوا كلهم سواء.. كالأم تفيض حنانًا ورحمة وكالأب ينبع خوفًا على مصلحتك، وكالأخ والأخت يرسمان الشفقة لك، بل البشر كزخات المطر، بعضها كالطل لطيف وخفيف، يفوح شذى عطره فيسقي الأرض الجدباء لتصبح جنة خضراء.. يزيل قطرات الغبار العالقة في قلبك فيجعله قلبًا يشع نضارة وصفاء.. وبعضها كالوابل يدمر ما حوله!!، فانتقي لقلبك أناسًا تتلألأ حياتك بهم.. ينيرون لك الطريق بمصابيحهم، وجودهم في حياتك كقطرات الطل.. يستخرجون كنوز قلبك ومكامن قوتك، لتنعم وترتقي في حياتك.. هم أناس قد عرفتهم بلون واحد لا أكثر.