نجحت السعودية في إعادة صياغة نفسها على الساحة الدولية بعد الأحداث الأخيرة في السنوات القليلة التي تضمنت حربًا روسية على أوكرانيا وحربًا في غزة وصراعًا أمريكيًا صينيًا.

وتريد المملكة، التي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي تريليون دولار في عام 2022 لأول مرة، اقتصادًا يمكنه مواكبة التحول العالمي في مجال الطاقة وسياسة خارجية أقل اعتمادًا على الولايات المتحدة، وبينما تعمل الرياض على تحقيق هذه الأهداف، فإنها تضع نفسها بشكل متزايد في قلب الدبلوماسية العالمية وجهود الوساطة.

وفدان يزوران واشنطن


قال مسؤولون، السبت، إن وفدين حكوميين سعوديين يعتزمان زيارة الولايات المتحدة هذا الشهر في الوقت الذي تكثف فيه الرياض وواشنطن جهودهما لإصلاح العلاقات المتوترة وتمهيد الطريق لزيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في نهاية المطاف.

وحسب «رويترز»، من المتوقع أن يزور الوفد الأول واشنطن في 15 يونيو ويترأسه وزير التجارة، ماجد القصبي، وقال مسؤولان إن الاجتماع الثاني بقيادة وزير الاستثمار، خالد الفالح، من المقرر أن يبدأ بحلول نهاية الشهر.

وأكدت المصادر أنه من المتوقع أن تضم الوفود عشرات المسؤولين الحكوميين والمديرين التنفيذيين للشركات السعودية الذين سيناقشون الاتفاقيات والصفقات في عدة قطاعات بما في ذلك النقل والخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة.

وأقر بايدن علنا، يوم الجمعة، بأنه قد يسافر إلى السعودية قريبًا، وهي رحلة تقول مصادر متعددة إنها متوقعة، وقد تشمل محادثات مع ولي عهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان.

وقال أحد المسؤولين: «بغض النظر عما إذا كانت زيارة بايدن ستتم أم لا، يعمل الجانبان على استعادة العلاقات على المستوى المؤسسي وفي قطاعات مختلفة».

تركيز جديد في الخارج

ووفقًا لعدد من مراكز الدراسات السياسية حول العالم، بدأت المملكة في اتباع سياسة خارجية تركز بشكل جديد على المبادرات الدبلوماسية، سواء لتسهيل العلاقات مع الجيران أو لحل النزاعات الطويلة الأمد داخل الشرق الأوسط وخارجه. وتهدف الرياض إلى توسيع علاقاتها الخارجية بطرق يمكن أن تجلب استثمارات أجنبية أكبر، لقد بذلت المملكة جهدًا كبيرًا لحل النزاعات حول العالم، وترسيخ نفسها كثقل دبلوماسي إقليمي وعالمي.

ولعل الأمر الأكثر طموحًا هو أنها سهلت على مدى الأشهر القليلة الماضية المفاوضات بهدف إنهاء الحروب الوحشية والمستعصية على ما يبدو في السودان وأوكرانيا، واستضافت محادثات عدة خلال العامين الأخيرين للوصول إلى حلول لإنهاء هذه الصراعات.

مناخ أعمال أفضل

وتقول الرياض إن الدافع وراء ذلك هو الرغبة في مناخ أعمال إقليمي أفضل، لذلك تعمل على توسيع نشاطها الاقتصادي غير النفطي بشكل كبير، وهي تخطط للقيام بذلك، على سبيل المثال، من خلال تعزيز السياحة، وتأمل في جذب المقيمين الأجانب ورؤوس الأموال من خلال مشاريع ضخمة مثل نيوم، وغيرها.

علاقات متوازنة

وتسير عجلة الدبلوماسية السعودية بنجاح في تعزيز علاقات متوازنة بشكل كبير، حيث تعمل الرياض على تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة كشريك أمني إستراتيجي رئيسي للسعودية، ووفقًا لوسائل إعلام أمريكية، يبدو أن الكثير من اهتمام واشنطن بإصلاح العلاقات مع الرياض يركز على إبعاد المملكة عن علاقاتها الوثيقة المتزايدة مع بكين.

ويقول محللون أمريكيون إن «هذه مهمة صعبة»، إذ أن المملكة العربية السعودية لاعب سياسي ذو ثقل كبير في الشرق الأوسط، ويملك علاقات مع أقطاب متعددة، ولا يمكن تقليل التعاون السعودي - الصيني، الذي يبدو أنه انخرط في كافة المجالات.