«ادفع 400 ريال، وتجتاز مركبتك الفحص الدوري».. هذا ما يقوله ويفعله سماسرة الفحص الدوري في مركز حي المروة في جدة.

يصطاد السماسرة ـمستغلين غياب الرقابةـ مرتادي الفحص الدوري ممن يحتاجون إلى فحص سياراتهم، مستغلين حاجة المرتادين، ممن يخشون ألا تجتاز سياراتهم الفحص بنجاح، أو حتى ممن لا يرغبون بأي مفاجأة غير متوقعة خلاله.

يترقب السمسار أي سيارة قادمة، ويعرض خدماته المتعلقة بإنهاء إجراءات الفحص الدوري، واجتياز الفحص بنجاح بعد الاتفاق مع قائدها مقابل مبلغ مالي يترواح من 300 إلى 400 ريال.

يتم الأمر باتفاق مسبق بين السمسار وبعض العاملين داخل مسارات الفحص الدوري.

جولة تكشف المستور

في جولة لـ«الوطن» على مركز الفحص الدوري في حي المروة بجدة، وجدت -وعلى مقربة من جدار المبنى- مجموعة من العمالة تقف لعرض خدماتها.

يشير إسلام عبدالله، أحد العمالة التي تعرض خدماتها، إلى أنه يقدم خدمة إجراء الفحص الدوري للمركبة بمقابل قدره 400 ريال.

ويقتضي الاتفاق أن يدخل صاحب المركبة إلى المركز ويسدد الرسوم المفروضة، وبعد أن يتصل على الهاتف الجوال للسمسار ويعطيه رقم الفاتورة.

بدوره، يقوم السمسار بتوجيه صاحب المركبة إلى مسار محدد متفق عليه مع عامل المسار، الذي يقوم بدوره بعد إدخال السيارة بإنهاء إجراءات الفحص واجتياز المركبة للفحص بسرعة، ثم يلصق الملصق الخاص بالفحص على زجاجها الأمامي، ويدخل جميع المعلومات اللازمة في النظام.

تجنب الخلل

من جانبه، يوضح سمسار آخر أنه يقدم خدمات بسعر منخفض قدره 200 ريال، وهو يحجز موعدًا للمركبة عند الحاجة مقابل 100 ريال أخرى.

وبنفس الآلية السابقة، يسدد صاحب المركبة رسوم فحصها، ويعطي رقم الفاتورة للسمسار الذي يطلب منه التوجه إلى مسار محدد، وبعد إنهاء الإجراءات تجتاز المركبة الفحص بنجاح حتى في حال وجود أي خلل.

ويتخوف كثيرون من أن غياب الرقابة يؤكد وجود تلاعب داخل مركز الفحص الدوري من قبل بعض العاملين فيه، بالاتفاق مع سماسرة يصطادون لهم الزبائن.

اجتياز بعد اتفاق

يشدد، عبدالله سيف، على أنه في كل مرة تدخل سيارته الفحص الدوري فإنها تفشل في اجتيازه بنجاح، وقال «صادفت سمسارًا بالقرب من المركز، عرض عليّ خدماته مقابل 300 ريال بعد إنهاء الفحص واجتياز المركبة».

وقال «سددت الرسوم المطلوبة، ومن ثم اتصلت بالسمسار الذي طلب رقم الفاتورة، ووجهني إلى مسار محدد، وهناك تم فحص السيارة فاجتازت الفحص، وبعد ذلك أعطيت السمسار المبلغ المتفق عليه».

دلالة فساد

من جهة أخرى، أوضح عادل المالكي «أن السماسرة موجودون بالقرب من مركز الفحص الدوري في حي المروة منذ فترة طويلة، ولم نر أي تحرك لضبطهم ومحاسبتهم، ومحاسبة العاملين المتعاونين معهم داخل مركز الفحص، وهذا نوع من الفساد».

وأضاف «لا بد من قمع هذه الظاهرة، ومنع استغلال السماسرة للمستفيدين، لأن اجتياز مركبة فيها خلل يشكل خطرًا على قائدها وركابها وعلى الآخرين كذلك، كما لا بد من محاسبة الموظفين المتعاونين مع هؤلاء السماسرة».

وأوضح «توجهت قبل يومين لإجراء فحص دوري لسيارتي، قابلني عدد من هؤلاء السماسرة بالقرب من مدخل الفحص الدوري، وعرض عدد منهم خدماتهم عليّ بمقابل مالي، وهم يرتبون الأمور بينهم وبين بعض العاملين في المركز».

بدورها، استغربت، نجوى الأحمدي، من وجود هذا التنسيق بين السماسرة وبعض عاملي المركز دون رقابة، مؤكدة أن في الأمر استغلالا لا يخفى على أحد.

عقوبة الاستغلال

من جهته أكد، المستشار القانوني فهد صالح، أن الأمر ينطبق عليه عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي، وقال «وفقًا لما تنص عليه المادة الخامسة من نظام مكافحة الرشوة فإن كل شخص يستغل نفوذه الوظيفي للحصول على المال لتقديم خدمة وتراخيص، وغيرها من الأمور المتعلقة بعمله تتم معاقبته بالسجن لمدة أكثر من 10 سنوات، ودفع غرامة لا تزيد على مليون ريال، والشخص الذي يستغل نفوذه الوظيفي لتحقيق أغراض ومصالح شخصية تتم معاقبته بالسجن 10 سنوات وغرامة 20 ألف ريال».

وأوضح «هناك فرق بين الرشوة واستغلال النفوذ، فاستغلال النفوذ هو حصول الشخص على مصلحة شخصية نتيجة لاستغلال نفوذه، سواء كان هذا النفوذ حقيقيًا أم لا، أما الرشوة فهي قيام الموظف العام بقبول أو أخذ وعد أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته، حتى لو كان هذا الامتناع مشروعًا، أو القيام بعمل من أعمال وظيفته».

خطوات تدخل سماسرة الفحص الدوري

ـ تصل المركبة قريبًا من مركز الفحص الدوري.

ـ يتقدم أحد السماسرة ويعرض خدمات إنهاء الفحص مقابل 300 حتى 400 ريال.

ـ يطلب السمسار من قائد المركبة أن يدخل المركز ويسدد الفاتورة.

ـ بعد السداد يتصل قائد المركبة بالسمسار ويعطيه رقم الفاتورة.

ـ يوجه السمسار قائد المركبة للتوجه إلى مسار محدد.

ـ يتولى موظف الفحص في المسار استلام السيارة.

ـ تجتاز السيارة الفحص، ويتم وضع ملصق الفحص على زجاجها الأمامي.

ـ يتم قيد البيانات والمعلومات في النظام بما يفيد تجاوز المركبة للفحص.