كما هو حال غالبية الممارسات المتوارثة، والعادات والتقاليد التي وصلت إليها يد التحديث والتطوير، إن لم تندثر فهي باقية بملامح جديدة متغيرة، وقد يضاف لها لمسة من الموروث القديم.

تزيين الشوارع

«قرقيعان».. المناسبة المتعارف على إقامتها في شعبان ورمضان في المملكة ودول الخليج، هي المناسبة المتفق عليها بالإجماع للاحتفال تحت هذا المسمى.. حيث يقوم الأهالي بالاحتفال، والأطفال بالطواف على البيوت، ويتم فيها تزيين الشوارع والمنازل، وتوزيع ما أسموها «بركة الناصفة».. التوزيعات مرت بالعديد من المتغيرات فمن «السبال» أو «السوبال» والذي يعني الفول السوداني بقشوره كنوع من المكسرات، وأوراق المشموم التي تزين سلات الخوص والحلويات الصغيرة إلى توزيعات جديدة وغريبة بدأت تطرأ على الساحة الشعبية لفعالية القرقيعان.

«الوطن» رصدت في أنحاء محافظة القطيف مجموعة متنوعة من التوزيعات الحديثة والفعاليات المصاحبة، ومن ذلك توزيع كتب من القصص القصيرة المفيدة للأطفال، دفاتر للتلوين، وعلب صغيرة للألوان الخشبية، هدايا رمزية مثل السلال والأواني المنزلية، والشموع، وألعاب الأطفال، علب تضم قطعتين أو ثلاث من الفواكه والخضار، شرائط لشعر الفتيات، قطع من أدوات المكياج، علب من العطور الصغيرة فضلاً عن أكياس الحلويات ورقائق البطاطس وأنواع البسكويت والشكولاته المختلفة.

فعاليات متنوعة

في الشوارع لا تستغرب حين يصادفك شيخ يصب فناجين من القهوة كنوع من الضيافة الميدانية للمحتفلين، أو تصادفك سيدة تمد لك المبخر وأخرى بمرش ماء الورد، فيما تتوزع المضائف «طاولات ضيافة» في أغلب الشوارع، منها من يصنع الآيسكريم ومنها من يقدم الفشار، وآخرون يقدمون وجبات سريعة من المشاوي أو الهمبرغر مع العصيرات كل هذا مجاناً على حب المناسبة.

فيما كانت ليلة احتفال القرقيعان قديما تقتصر على طواف الأطفال على البيوت وهم يرتدون الملابس الشعبية، حيث تلبس البنات الجلابيات والبخنق (رداء للرأس منقوش) وتتزين بعضهن بالحناء، ويرتدي الأولاد الثوب الرسمي، مع الايزار البحري (قطعة قماش تزين الخصر يرتديها البحارة قديما)، ويرددون الأهازيج، باتت اليوم احتفالاً كبيرا يشمل الصغار والكبار من الجنسين وتزدحم الشوارع بهم، تصاحبها فعاليات متنوعة منها أهازيج مسجلة تصدح في الشوارع، تأجير العاب القفز للأطفال (النطاطيات)، والرسم على الوجوه، وأركان للتصوير المباشر، وجولات لأشخاص يرتدون ملابس كرتونية تبهج الأطفال.

فالاحتفال الذي كان يستهدف تعزيز قيم تربوية كبيرة بنفوس الأبناء من خلال إحياء التراث، كنوع من المكافئة للأولاد والبنات على صيامهم، تشجيعاً لهم على مواصلة الصيام حتى نهاية الشهر الكريم، تأثرت بالتطور وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، فيما صار البعض يتكلف في إحياء هذه المناسبة مع تقدم الحياة العصرية باختلاف في طريقة الاحتفال به لينزع عباءة البساطة والعفوية ويصبح مكلفا في تجهيزاته وتصاميمه، وحتى توزيعاته.