حوّلت عمالة مخالفة لنظام إقامة العمل والعمال في العاصمة المقدسة المساحات المحيطة بإشارات المرور في عدد من أحياء مكة المكرمة لتكون مكانًا لبيع حبوب الطعام للحمام الذي يتواجد في هذه المساحات بشكل كبير، مستغلين تعاطف قائدي المركبات في شراء ما يحملونه من حبوب معبأة بأكياس بلاستيكية صغيرة لا يتجاوز سعر الواحد منها ريالًا واحدًا، حيث يقومون بنثرها للحمام بشكل مباشر، ثم تعيد تلك العمالة تعبئة تلك الحبوب، وتجميعها بكميات كبيرة في أماكن قريبة من تلك الإشارات، وذلك من أجل سهولة وسرعة تعبئتها ومن ثم بيعها من جديد على قائدي المركبات.

وكشفت جولة لـ«الوطن» أن تلك العمالة تتواجد عند الإشارات على الأخص عند الصباح الباكر وحتى غروب الشمس، منتشرين حول الإشارات، وفي مواقع قريبة، وما إن تعمل الإشارة الحمراء حتى ينطلقوا للتجول بين المركبات لبيع الحبوب التي يحملونها ويوزعونها على الحمام بشكل سريع غير عابئين بتحول الإشارة المرورية إلى اللون الأخضر، وغير عابئين بأبواق السيارات التي تنطلق لاستعجالهم وإخلائهم للطريق حتى يسمحوا للمركبات بالمرور.

وتركز تلك العمالة تواجدها في عدد من الإشارات الرئيسة، وهي إشارة الفيحاء والشهداء وشارع الحج والمعابدة والزاهر والشوقية والعتيبية، إضافة إلى عدد من الإشارات الأخرى المؤدية إلى الحرم المكي.

مخالفة وتشويه

أوضح عضو جمعية حقوق الإنسان محمد عبدالرحيم كلنتن لـ«الوطن» أن هذه الظاهرة بدأت تنتشر على نحو ملحوظ وبشكل كبير في الآونة الأخيرة، وبات كثير من العمالة يعدونها مصدر رزق، حيث تختار تلك العمالة عددا من الإشارات التي تتواجد بجوارها ساحات، ويقومون بجلب الحمام إليها، وتوزيع الحب عليه لفترة حتى يعتاد الحمام على الموقع، ومن ثم يقومون ببيع الحبوب للعابرين وقائدي المركبات مستغلين حب الناس للتصدق.

وبين أن ما تقوم به هذه العمالة يعد مخالفا لنظام العمل، وهو تشوه بصري للعاصمة المقدسة، موضحا أن القانون ينص على فرض غرامة مالية قدرها 1000 ريال على كل من يقوم بإلقاء الطعام للحمام، مطالبا بتفعيل هذا القانون.

وقال «المواطن والمقيم يعدان شريكان في المخالفة والتشويه البصري، ربما نتيجة عدم وعي بأن هذا الأمر مخالف، لذا يجب على الجميع الالتزام والتعاون مع الجهات المعنية لإنهاء هذه الظاهرة، أو أن يتم وضع كاميرات رصد على الإشارات يتم الاستناد إليها لفرض غرامة مالية على قائد المركبة الذي يقوم بشراء هذا الطعام من العمالة ويمنحه للحمام، وإن تم تنفيذ هذا فسوف تنتهي المشكلة بشكل كبير، ولن نجد هؤلاء العمالة ولا الحمام عند الإشارات خلال فترة وجيزة».

وأضاف «الجانب التوعوي مهم جدًا من قبل الجهات المعنية عبر كافة وسائل الإعلام، وذلك من أجل استشعار أهمية النظام ومنع المخالفين، واستشعار أهمية الهوية البصرية الملائمة للمكان وجودة الحياة التي تنعكس من خلال المناظر الحضارية لهذا الوطن».

استجرار الحمام

من جانبه، يشير ياسر الرفاعي، وهو أحد مرتادي الطريق المؤدي إلى إشارة الفيحاء إلى أن «هذا الموقع لم يكن فيه قبل أشهر أي نوع من أنواع الطيور، لكن العمالة عمدت إلى وضع الماء والحبوب للحمام، وبدأوا إطعامه وسقيه، وبهذه الطريقة استقطبوا كثيرا من الحمام الذي وجد ما يشربه ويأكله، وهكذا شيئا فشيئا ساهموا في جعل المنظر غير لائق، إضافة إلى توقف قائدي المركبات وتعاطفهم مع هؤلاء الباعة الذي حين وجدوا هذه الاستجابة صاروا يتواجدون بشكل أطول وأعداد أكبر، حيث تحول الأمر لمصدر دخل لهم».

وأضاف «لو تعاون الجميع في عدم الشراء فلن نجد مثل هذه المناظر، لذا أجزم أن المواطن هو رجل الأمن الأول، وهو من يحارب مثل هذه الظواهر السلبية التي لا بد من الحد منها ومنع انتشارها».