دور مجتمعي
ووفقًا لدارة الملك عبد العزيز في كتاب (يوم بدينا)، فإن من بين تلك النساء التي ذكرها المؤرخون بأنها ذات عقل ودين ومعرفة، موضي بنت سلطان أبووهطان من آل كثير من بني لام، زوجة الإمام محمد بـن سـعود. ولدت في أوائـل القـرن الثانـي عشـر الهجـري/ أوائـل القـرن الثامن عشر الميلادي وإضافة إلى نظرتها الثاقبة ورؤيتها الحكيمة، يبدو أن موضي بنت أبـووهطان كانت متدينـة تحب الإحسان إلى المسـاكين ونفع عموم المسلمين ولعل الإمام عبـد العزيز بن محمد حين بنى وقف مسجد وسبالة موضي في حي الطريف، كان يستذكر أعمال موضي الجليلة ويريد لها أن تستمر.
وخصص هذا الوقف لخدمة الزائرين من مختلف الطبقات كطاب العلم والتجار وغيرهـم من خارج المدينة، حيث وضع فيه أماكن لاستقبال الضيوف والدارسين في تلك الحقبة، ومن النساء اللائي سجلن دورًا بطوليا في مجتمع الدولة بارزفي السعودية الأولى، تلك المرأة التي كان لها دور تلك الحقبة، وهي غالية بنت عبدالرحمن، من قبيلة البقوم التي تقطن في تربة وهي من بادية ما بين الحجاز ونجد، ذكر جوهان لودفيج بوركهارت في مذكراته أنها كانت أرملة لرجل كان من زعماء قبيلة البقوم، ومن المرجح أن يكون ميلادها في الربع الأخير من القرن الثاني عشر الهجري/ الربع الأخير من القرن الثامن عشرالميلادي أشار بوركهارت إلى أنها سيدة معروفة بسداد الرأي، والمعرفة الدقيقة بأمور الحرب، وشؤون البادية التي تحيط بها. كانت غالية البقمية من مناصري الدولـة السـعودية الأولى ومؤيديها، وقد سخرت ثروتها وأملاكها لخدمة المدافعين عن الوطن والتصدي لحمات الدولة العثمانية المعتدية. كما عرفت أيضًا بالكرم، وكان بيتها مقصدًا للمحتاجين والفقراء وملجأ لرجالات الدولة السعودية الأولى المخلصين.
مخصصات مالية
ما أن نجحت الدولة السعودية الأولى بتوحيد غـرب الجزيـرة العربية لحدودها حتى أرسـلت الدولـة العثمانيـة المعتديـة عـدة حمـات عـام (1226هـ -1811م) وعـام (1228هـ - 1813م) استطاعت قبائل المنطقـة وزعمائها وأعيانها في التصدي لها وكان لغالية دور في دعم تلك الجهود. كما أن هناك بعض الأمثلة للعادات والتقاليد الاجتماعية لدى المرأة في الدرعية، فقد كان للمرأة دور اجتماعي بارز في تحمل الكثير من أعباء الحياة. وقـد اهتمت الدولة السعودية الأولى بدعم المرأة فقد كان الإمام عبدالعزيـز بـن محمد يحرص على أن ترفع إليه حوائج النسـاء، خاصة الأرامل، فإذا اشتد الغلاء يخصص لهن مـن الأرزاق ما يسد حاجتهن ويكفيهن. وكان إذا مات الرجل جاء أبنـاؤه إلى الإمام عبد العزيز، فيعطيهم عطاء جزيًا، وأحيانًا يكتب لهم مخصصًا ماليًا يصرف لهم باستمرار.
فخر واعتزاز
ربيت المرأة في الدرعية وربت أبناءهـا علـى الشجاعة، فهي مصـدر فخـر واعتـزاز بالنسـبة لهـا، فالمصـادر التاريخيـة تشـير إلى أن المرأة تشارك الرجل أحيانًا وتنافسه فـي إجارة الخائف، ويسمى ذلك العرف في نجد بـ«الدخالة»، حيث تقوم المرأة بحمايـة الدخيل سواء دخل عليها فـي بيتها أو في مرعاها.
خان جليلة
من أبرز العادات والتقاليد لدى المرأة الكرم، ومن أبرز الأمثلة للنساء اللاتي اشتهرن بكرمهن وإيوائهن لعابري السبيل بين تلك جليلة بنت الأمير عبدالمحسن بن سعيد الدرعي، حيث أقامت استراحات وخانات للحجاج المارين بحجـر اليمامة ليرتاحوا بها مؤقتًا من عناء السفر ويتزودون من الطعام والشـراب. ولم تكتف جليلة بأن أمضت عمرهـا في إكـرام العابرين والمارين باليمامة؛ بل أرادت أن يبقى أثرها إلى ما بعد وفاتها، فجعلت تلك الخانات التي أنشأتها وقفًا لله عز وجل في عام 960هـ/ 1561م، وقد عرف هذا الوقف باسم خان جليلة وقد حرف اسمه عبر الزمن إلى خان شليلة ثم خنشليلة حاليًا، وهي المنطقة الواقعة شرق منفوحة.
شؤون البيت
اعتادت الزوجة بأن تكون هي المتصرفة في شؤون البيت. ويكون وضع السكن مبنيًا على حالة الـزوج المادية، وعادة ما تكون الأعمال المنزلية لدى نساء الدرعية متشابهة، حيث يقمن بتنظيف البيت وترتيبه وغسل الملابس وحياكتها، كذلك تربية بعض المواشي والدجاج والطيور والاستفاده منها، وإرضاع صغار الماشية وجمع الحطب وتقطيعه من أجل إعداد الطعام.
أزياء النساء
تستخدم في الدرعية المنسوجات القطنية لصنع ملابس الأهالي حيث كانت الصناعات اليدوية في مراحلها البدائية، فكن نساء الدرعية يلبسن عادة نوعين من الثياب: الأول ثوب أو قميص يسمى الكرباس وهو مصنوع من القطن، ويفضلن اللونين الأخضر والأسود، ويجلب لهن من نواحي الأحساء والقطيف والبحرين وجوانب اليمن. والثاني ثوب مصنوع من الحرير عالي الجودة بألوان متعددة. وقد ذكر الريكي في كتابه لمع الشهاب أن الإمام عبد العزيـز بن محمد كان يلبس زوجاته الكرباس الأسود، كما يلبسن أيضًا الخز الأحمر الذي يجلب لهن من أطراف حلب وبغداد. كذلك من الأزياء لدى نساء الدرعية ونجد العباءة القيلانية وتلبس عادة عند الخروج أو عند الضيافة، وهي تصنع بنسبة محدودة في الدرعية والاحساء، ولكنها فـي الغالب تجلب من العراق. كما يلبسن الحرير الهندي الملون الذي تبلغ قيمته أحيانا عشرين ريال.
ولبست زوجات الإمام سعود بن عبد العزيـز الحرير الهندي المذهب بجميع ألوانه، ففي فصل الشتاء يلبسن البز، وهـو من أجود أنواع الحرير الذي يجلب من الشام، وفـي فصل الصيف يلبسن البز. ويتزين نساء نجد في الغالب بالحلي المرصع بالجواهـر النفيسة مثل اللؤلؤ والياقوت والفيروز، فقـد كان حلي زوجات الإمام عبــد الله بن سعود الجواهر من الياقوت واللؤلؤ ونادرا ما يتزين بالذهب. وقد يلبسن النساء الخلاخل في أقدامهن. ومن زينة النساء أيضًا الكحل والحناء حيث تصبغ به الأظافر وقبضة اليد، وترفع شعورهن بالضفائر المزينة باللؤلؤ والجواهر، ويتطيبن بعطر مصنوع من المسك والعنبر.
تعليـم تثقيفي
لقـد تهيأت للدرعية بصفتها عاصمة الدولـة عوامل جذب سياسـية وعلمية واقتصادية وغيرها أسهمت فـي زيادة عـدد سكانها، وقد كان الجانب العلمي من أكثر جوانب الجذب فيها، مما أسهم بوجود تعليـم تثقيفي مبني على التلقين -إن صح التعبير- في الدرعية، أشارت بعض المصادر والمراجع إلى تعليم المرأة في الدرعية، مبينة حرص أئمة الدولة السعودية الأولى على تثقيفهن وتعليمهن أصول الدين، إذ قام الإمام محمد بـن سعود ببناء مسجد كبير فـي الدرعية تلقى فيه دروسًا على الرجال والنسـاء صباحًـا ومسـاءً وقد واصل أئمه الدولة بعد الإمام محمد بـن سعود تثقيف العامة خصوصًا النساء، حيث بنى الإمام عبدالعزيز حول مسجد البجيري مجمعًا جعل فيه قسمًا للنساء يلقي فيه الفقهاء دروس العلم والمعرفة فهناك من نساء الدرعية من تعلمن القراءة والكتابة، ونبغن في العلم، وأتقن الخط.
صناعـة البنادق
تبلور الوضع الاقتصادي للمرأة في الدرعية على سد الحوائج وتوفير الضروريات بالرغـم من وجود بعض الصناعات والمهن الرجالية والمنتجات الزراعية التي أسهمت في ازدهار التجارة والاقتصاد محليًا وخارجيًا مثل صناعـة البنادق وبعـض الأسلحة المحاة بالذهـب والفضة، وبيع التمور والألبان والصناعات الحرفية والجلدية وبعض المنسوجات القطنية والصوفية والملابس وغيرها وبيعها في الأسواق، وقد كان السوق في الدرعية «سوق الموسم» عبارة عن دكاكين أو مباسط صغيرة، وقد أشار ابن بشر في كتابه (عنوان المجد في تاريخ نجد) إلى ازدهار التجارة والبيع والشراء في الدرعية في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، وذكر أن هناك موسم للرجال في جانب وموسم للنساء في جانب. كما وضعن بعض النساء دكاكين صغيرة في منازلهن لبيع بعض الاحتياجات اليومية، وبعضهن حملن بضائعهن على رؤوسهن ومررن على بيوت الميسورين لبيع منتجاتهن، وقد عرفن هؤلاء النساء المتجوالت بـ«الدلالة أو الجلابة». ومن الأنشطة الاقتصادية التي زاولتها المرأة الزراعة، ولكن في نطاق محدود لأن بعض الأمور تكون من اختصاص الرجل كالحرث والسقي وغيرها. وقد زاولت المرأة أيضًا في الدرعية خياطة الملابس من المنسوجات القطنية والصوف المستورد من المراكز التجارية القريبة. كذلك استفادت المرأة من سف الخوص، حيث يجمع جريد النخل، ثم يقص ويفرش على الأرض حتى يجف، ثم تصنع منه العديد من المنتجات البدائية، مثل: الزبان والمهاف والمحادر والمكانس وغيرهــا. ومن الأعمال التي أدتها المرأة لكسب المال جمع الحطب وتقطيعه وبيعه. وقد قامت المرأة ببيع بعض البهارات المختلفة مثل الفلفل، إذ قمن بتيبيسه ثم طحنه وخلطه مع الليمون الجاف ثم بيعه.
أدوار للمرأة في الدولة السعودية الأولى
- حمايـة الدخيل سواء فـي البيت أو المرعى
- الكرم وإيواء عابري السبيل
- التصرف في شؤون البيت
- تربية بعض المواشي والدجاج والطيور
- إرضاع صغار الماشية وجمع الحطب وتقطيعه
- تلقي التعليم والتثقيف وأصول الدين
- سد الحوائج وتوفير الضروريات
- صناعـة البنادق وبعـض الأسلحة المحلاة بالذهـب والفضة
- بيع التمور والألبان والصناعات الحرفية والجلدية
- العمل بالدلالة أو الجلابة
- الحرث والسقي والزراعة
- خياطة الملابس من المنسوجات القطنية والصوف
- جمع الحطب وتقطيعه وبيعه
- بيع بعض البهارات المختلفة