بدأت أسراب الطيور تغطي سماء المملكة مع برودة الأجواء، كأنها ترسم لوحة فنية كبيرة، ذات خلفية زرقاء، وتترك الريشة عليها نقاطًا سوداء للطيور أثناء هجرتها السنوية، بحثًا عن أجواء مناخية أكثر ملائمة للعيش والتكاثر.

ورصدت كاميرا «الوطن» أخيرًا أسراب الطيور في سماء مدينة الدمام ميممة شطر وجهتها المقبلة.

وتحظى المملكة بتنوع كبير للطيور، يضم قرابة الـ600 نوع، منها 565 نوعًا مسجلًا بينها الطيور المحلية والمستوطنة، وكذا المهاجرة؛ إلا أن مستوى الهجرة لطيورها لا يعد كبيرًا أمام أفضلية البقاء، أو حتى اعتبار شواطئ المملكة وصحاريها محطة للراحة خلال مواسم الهجرة.

وكشف الخبير البيئي محمد الزاير عن أهمية المملكة بصفة عامة، والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص، باعتبارهما محطة مهمة، في رحلة هجرة الطيور، من الشمال إلى الجنوب، والعكس.

وقسّم الزاير الطيور الموجودة في المملكة إلى 3 تصنيفات، وقال «النوع الأول، هي الطيور التي تعيش في البلاد بصفة دائمة، وهذه قد تكون لها هجرتها الداخلية من ارتفاع إلى آخر بحسب ظروف المناخ.

أما النوع الثاني فهي الطيور المهاجرة، التي تتجاوز الـ300 نوع.

والنوع الثالث هو فئة الطيور التي تستوطن المملكة قادمة من خارجها، بعد تأقلمها على أجواء المملكة».

وتعد هجرة الطيور ظاهرة طبيعية، تحدث بشكل منتظم ومتكرر سنويًا، حيث تسلك ملايين الطيور طريقها في رحلات طويلة، وأخرى قصيرة، باتجاه الشمال أو الجنوب.

وتختار الطيور الأوقات التي تكون فيها الرياح هادئة وغير قوية، حتى لا تصطدم برياح مضادة، تنهك قواها.

ومن أشهر أنوع الطيور المهاجرة في شتاء المملكة، طيور النوارس، الخواضير، الدخل، غراب البحر والعقبان، وفي صيفها هنالك طيور الخرشنة والشولة.

رحلة الشتاء والصيف

يضيف الزاير «تهاجر الطيور مرتين في العام؛ الأولى من الشمال إلى الجنوب، في بداية فصل الشتاء، ويطلق عليها الهجرة الخريفية، والثانية من الجنوب إلى الشمال، ويطلق عليها الهجرة الربيعية».

وتابع «هجرة الطيور في المملكة أمر متشعب، وله مسارات كثيرة»، منوهًا إلى أن اختلاف تضاريس المملكة، يشير إلى تنوّع كبير جدًا للطيور الموجودة في مناطق البلاد، فضلاً عن موقع السعودية، بتوسطها بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، ما يجعلها محطة مهمة للطيور، سواء التي تعيش في المملكة أو التي تمر عليها أثناء الهجرة، يضاف إلى ذلك السواحل التي تطل عليها المملكة، ما يزيد من عدد الطيور الساحلية».

أسباب الهجرة

تطرق الزاير إلى دوافع هجرة الطيور، وقال «مازالت الأبحاث العلمية تسعى إلى معرفة كامل الأسباب التي تدفع الطيور إلى الهجرة».

واستدرك «سعى العلماء إلى معرفة الإجابة عن سؤال يستفسر عما إن كان سلوك الهجرة متأصل في الطائر أم له أسبابه، وأجروا تجربة بحثًا عن إجابة للسؤال، ووفروا بيئة مناسبة لفئة من الطيور المهاجرة سميت بالصالات الزراعية حتى لا تهاجر، ولكنهم رغم ذلك، وجدوا أن الطيور تقبل على الهجرة في موعدها، وتستعد لها».

وتسوق الأبحاث العلمية عدة دوافع لهجرة الطيور، تتمثل في تقلبات المناخ، وكذا حال الغذاء فالمناطق الشمالية في الغالب كشمال أوروبا وشمال روسيا أي شمال الكرة الأرضية عمومًا يكون فيها الجو باردًا جدًا، ومع تساقط الثلوج وسكون الأشجار، تختفي تبعًا لذلك بعض الحيوانات والحشرات ما يتسبب في فقدان الطيور لموائلها الطبيعية، وتفقد الغداء حتى إن كانت من ذوات الدم الثابت حيث تواجه صعوبة في ظل غياب الغداء، ولذا تهاجر بحثًا عن الغداء وهربًا عن البرد، وقد اكتشفوا مؤخرًا أن مجموعة كبيرة من الطيور تهاجر بغرض التكاثر من الشمال إلى الجنوب ثم تعود مع أفراخها من الجنوب إلى الشمال هربًا من الأجواء الحارة».

وأكمل «من أبرز أسباب الهجرة كذلك غياب الموائل، وإزالة الغابات، وتخريب أماكن الأعشاش».

مسارات وأنواع

تطرق الزاير إلى أنواع الطيور في المنطقة الشرقية. وقال «تقسم بناء على أماكنها إلى 3 أقسام، أولها طيور البر مائية (الخواضة) التي تطير بين الساحل والبر، والطيور المائية التي تبقى في المناطق المائية، والطيور الصحراوية التي تعيش في الصحارى أو المناطق الزراعية.

كما يمكن تقسيم الطيور البرية إلى أنواع، مثل الجواسم، وهي الطيور التي نراها عادة على الأشجار، وطيور الجوارح التي لها هجرة مختلفة عن بقية الطيور الأخرى، ومثال الطيور المائية، النوارس وغراب البحر أو كما تسمى محلياً بـ «طيور اللوح» وهذه من الطيور التي تصل متأخرة في هجرتها بالنسبة لهجرة الطيور البرية».

وأضاف «أثبتت الأبحاث أن أول طيور مهاجرة، تصل إلى المنطقة الشرقية من المملكة، هي الطيور الشاطئية وذلك على دفعات في مواقيت محددة في بداية الهجرة وتحديدًا من أكتوبر إلى منتصف ديسمبر.

وفي المرحلة الثانية، تصل الطيور البرية الصغيرة مثل الدُخل والأصراد والخواضير التي من ضمنها آكلي النحل والأبالق.

وفي المرحلة الثالثة، هناك مجموعتان للطيور، الأولى الطيور البرية الكبيرة مثل العُقبان والنسور، ومن المائية النوارس والفلامنجو، وهناك الطيور الصغيرة.

وبناء على التقسيم الزمني للهجرة هنالك الطيور الشاطئية الخواضة وهي الأولى وصولا، من بعدها الطيور البرية الصغيرة، ومن بعدها العقبان التابعة للطيور البرية، وفي النهاية الطيور المائية.

الشرقية استراحة

يقسم الزاير الطيور الخواضة التي تمر بالمنطقة الشرقية إلى مجموعتين «الأولى، هي التي تستريح في الشرقية في بداية الهجرة لمدة أسبوعين قبل أن تُكمل طريق الهجرة، إلى المناطق الجنوبية الأكثر دفئًا، وقد تقترب من خط الاستواء. وأخرى خواضة باقية في المنطقة وهي قليلة».

ولفت إلى أن 95% من الطيور البرية تهاجر، فبعضها يعد المنطقة بمثابة استراحة يقضي فيها فترة تتجاوز الشهرين في حال كان الجو ادفأ والغداء متوفر ومن بعدها يهاجر، ومجموعة أخرى قليلة جدًا تسجل بقائها، أما الطيور المائية فتستقر غالبًا وإن كان جزء قليل منها يهاجر ولكن في الأغلب هي من تبقى، من الأمثلة للطيور الخواضة الباقية في المنطقة زقزاق الرمل الكبير والصغير والطيطوي المحلي أسود البطن، من الطيور أيضًا الكرسوع أبو المغازل التي تعد منطقتنا محطة أخيرة لها، بينما من الطيور المهاجرة الخواضة البقويقة الشائعة أو ما تسمى بالمرقطة، الطيطوي الغيط، ومن البرية المهاجرة مثلا الأصراد، الصرد الرمادي الكبير أو ما يسمى بالحمامي، وكذا الصرد الدغماش الشامي ويسمى في المنطقة الصرد القحافي أو الأشول القحافي، هذه أنواع تستريح لفترة في منطقتنا ثم تهاجر للشمال.

أما عن الأنواع البرية الباقية، فهنالك نوع يسمى الأبلغ الرملي، ويسمى محليًا الحطيبي وهذا نوع يبقى في المنطقة طوال فترة الشتاء، على خلاف العقبان التي غالبًا ما تهاجر سواء عقاب العسل أو العقاب المنقط الكبير، أو عقاب البادية فجميعها تعد المنطقة منطقة مرور».

الأقل هجرة

أكمل الزاير «الطيور المائية هي الأقل هجرة ومن ضمنها النوارس وتستقر لدينا أكثر النوارس ذوات النقطة السوداء أو ذوات الرأس الأسود وهي النوارس الصغيرة، وغراب البحر الأوراسي أو الأوروبي الذي نجده يتنقل بكثرة بين الشتاء والجنوب طوال فترة الشتاء».

ونبه إلى أن هناك هجرة صيفية لبعض الطيور، تنقسم لقسمين مائية وبرية ومن أمثلتها على مستوى النوع المائي والأكثر شهرة هي طيور تشبه النوارس ولكنها أصغر حجما ويطلق عليها الخرشنة، وتهاجر بغرض التكاثر في الشرقية قادمة من شرق آسيا وباكستان والهند ومن شمال البحر المتوسط والبحر الأسود وتهاجر إلى المنطقة بهدف التكاثر في الصيف من يوليو حيث تبدا بوضع بيوضها وتتكاثر قبل اشتداد الحر، حتى أكتوبر، وعندئذ تهاجر من جديد مع أفراخها إلى المناطق المعتدلة».

وتابع «أما بالنسبة للطيور البرية فغالبًا هجرتها تكون داخلية كما هو حال العندليب الأحمر الذيل أو ما نسميه محليًا الشولة حيث لاحظ الموثقون والراصدون لحركة هجرة الطيور أنه من الطيور التي تختفي خلال فصل الشتاء من المنطقة لشرقية، بينما في الشتاء نجده في المناطق الجنوبية كجنوب الامارات وشمال عمان. ومع دخول الصيف بداية أبريل تبدأ هذه الطيورالعودة للمنطقة، وتتكاثر في يونيو، لافتًا إلى أن الهجرة الصيفية موجودة ولكنها بأنواع أقل، وأعداد أقل عدا الخراشن فهي من الطيور المهاجرة بأعداد ضخمة جدًا خاصة داخل الجزر».

صعوبة التحديد

من جانبه، أكد الباحث والمهتم في علم الطيور فيصل هجول أن نسبة انخفاض أو ارتفاع هجرة الطيور لا يمكن الجزم بها إلا بعد دراسات علمية وبحثية، ولكن من ملاحظات الراصدين والباحثين نجد أن الهجرة بدأت في الانخفاض عاماً بعد عام، وفي كل موسم للهجرة سواء خريفي أو ربيعي تكون أعداد الطيور المهاجرة أقل عن سابقتها، ومع ذلك لا تزال طيور عدة تمارس هذا السلوك في المواسم المخصصة لها.

ولفت هجول إلى أن الهجرة في محافظة القطيف تحديدًا هي هجرة ساحلية بامتياز تصنف بنوعين، الطيور المائية والخواضة وأكثر الأماكن لوجودها هي سواحل جزيرة تاروت، وأيضًا دارين وسيهات وإن كانت أعدادها في سيهات أقل.

والهجرة تضم الزائر الشتوي أو الطيور العابرة وكذا الطيور البرية المعروف هجرتها بكثرة قي الصيف.

وعن أنواع الطيور الأكثر هجرة ذكر طيور الفلامنجو وغراب الليل من الطيور المائية ومن البرية السمان وأيضًا الأبالغ.

ونوه أن أسباب الهجرة متعددة ومنها التمدد العمراني، قلة الرقعة الخضراء، وبالمجمل اندثار الموائل.

600 نوع من الطيور تنتشر في المملكة

565 نوعًا منها مسجلاً بينها الطيور المحلية والمستوطنة وكذا المهاجرة

3 تصنيفات لطيور المملكة

أولًا: طيور تعيش بالبلاد بصفة دائمة

ثانيًا: 300 نوع لطيور مهاجرة

ثالثًا: طيور قادمة وتستوطن المملكة

طيور تهاجر في شتاء المملكة

النوارس

الخواضير

الدخل

غراب البحر

العقبان

طيور تهاجر في صيف المملكة

الخرشنة

الشولة