عزا مزارعون ومستثمرون في المحاصيل الزراعية، أزمة ارتفاع أسعار محصول «البصل» لنسب فاقت 400% في الأسواق المحلية لأسباب سياسية ولوجستية عالمية، بالإضافة لأسباب محلية.

مؤكدين خلال أحاديثهم لـ«الوطن»، ضرورة تأسيس جمعية متخصصة لإنتاج البصل لأهميته كمحصول زراعي للوصول إلى الاكتفاء الذاتي، وتعمل شركات كبرى على تبني زراعته بكميات كبيرة «استثمارية» لسد حاجة السوق المحلي، بجانب التوسع في زراعته من الأفراد، حيث حددوا أبرز الأسباب في أزمة ارتفاع أسعار البصل، مثل نقص البذور في الدول المنتجة، وتوقف تصدير المحصول إلى خارج دول الإنتاج، والحرب الروسية -الأوكرانية، بالإضافة إلى تأثر حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر بسبب الحرب في غزة وضرب السفن التجارية في البحر الأحمر، وتقلص زراعته بعد تكبد المزارعين خسائر كبيرة الموسم الماضي.

الهند ومصر

أبان رئيس لجنة التنمية الزراعية في غرفة الأحساء المهندس الزراعي، صادق الرمضان، أن إنتاج البذور في الشركات العالمية المتخصصة تخضع لعوامل بيئية لإنتاجه دون أمراض أو إصابات فيروسات أو إصابات أخرى، وعند تعرضها لأي إصابة تصبح غير صالحة للتصدير، فالشركات الكبرى تتوقف عن بيعها، وخصوصًا أن الدول المستوردة، ومن بينها السعودية، تفحص تلك البذور من الأمراض للتأكد من جودتها لمنع انتقال الأمراض بسببها.

وأضاف أن دولتي الهند ومصر، أكبر دولتين منتجتين للبصل، حدث فيهما نقصًا في إنتاج البذور الموسم الحالي، الأمر الذي أدى لحجب وتوقف تصدير البصل من تلك الدولتين أو التوقف عن التصدير، حتى لا ترتفع الأسعار في تلك البلدين.

موضحًا أن ارتفاع السعر في السعودية، نتيجة قلة العرض، والطلب «الاعتيادي» كبير جدًا، إذ يدخل البصل في إعداد أطباق كثيرة، متوقعًا عودة الأسعار إلى وضعها السابق قريبًا، باعتباره منتجًا زراعيًا يتأثر بقانوني العرض والطلب، بمجرد زوال تلك الأسباب.

تقاوي البطاطس

أضاف الرمضان أن البصل «الحساوي»، الذي يتم زراعته في واحة الأحساء، يزرع بكميات محدودة، والطلب عليه في الأحساء فقط، وهو شبه غير معروف خارج الأحساء، ويتم شراؤه وتخزينه، واستخدامه محدودًا في الطهي وإعداد بعض الوجبات، كإعداد وجبة العيش الحساوي، لتقاربهما كمنتجين زراعيين في الأحساء.

لافتًا إلى أن سعر البصل «الحساوي» أغلى من الأنواع الأخرى «المستوردة»، وإلى أن الموسم الحالي يشهد كذلك ارتفاعًا في أسعار «البطاطس»، بسبب إشكالية تصدير «التقاوي»، موضحًا أن أكبر مصدر لتقاوي البطاطس، هي دولة «هولندا»، وهذه السنة، غرقت بالأمطار، وتعذر حصاد التقاوي بجودة عالية، بعد تحول الأرض إلى طينية، وتأثرت زراعة البطاطس في السعودية، وانخفض الإنتاج، وارتفعت الأسعار، وهي غير دائمة.

%45 الاكتفاء الذاتي

أوضح المهندس الزراعي، أحمد العامر، أن أزمة ارتفاع أسعار البصل تعتبر أزمة عالمية، وليست أزمة خاصة بالسعودية فقط، إذ أن كميات الإنتاج العالمي، قد تأثرات بسبب التغيرات المناخية، التي أدت إلى نقص كميات كبيرة من الإنتاج، وخاصة في الدول التي تعتبر من أكبر المنتجين على مستوى العالم، وهما الهند والصين، كما أن الحرب الروسية – الأوكرانية لها تأثير كبير، بجانب تأثر حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر بسبب الحرب في غزة وضرب السفن التجارية في البحر الأحمر، والسبب الأكبر هو قرار دولة مصر بوقف تصدير البصل لمدة 3 أشهر، بسبب حدوث أزمة لقلة المعروض وارتفاع الأسعار في الأسواق، حيث تعتبر المملكة من أكبر المستوردين للبصل المصري، وطبقًا للكتاب الإحصائي عام 2022 فإن نسبة الاكتفاء الذاتي من البصل حوالي 45% كميات إنتاج البصل على مستوى المملكة 310.000.00 طن، وتستورد المملكة 399.095.21 طن تقريبُا، وبالنسبة لإنتاج المنطقة الشرقية من البصل طبقًا لإحصائية 2020 فتبلغ المساحة المنزرعة 499 هكتارًا تنتج حوالي 11.631 ألف طن تقريبًا.

لا احتكار من التجار

قال المهندس الزراعي، سلمان البراهيم: عند تسجيل فوائض كبيرة في المحصول الزراعي، تتدهور القيمة السوقية، وفي الموسم المقبل، يلجأ المزارعون إلى تقليل مساحات الزراعة، موضحًا أن ذلك يحدث حاليًا للبصل، لجأ المزارعون إلى تقليص المساحات الزراعية بسبب تدهور الأسعار في المواسم الماضية، الأمر الذي تسبب في حدوث قلة في العرض وكثرة في الطلب، مما أدى إلى ارتفاع القيمة السوقية للبصل، إضافة إلى ذلك ارتفاع أسعار الخدمات الزراعية ومستلزمات زراعته من أسمدة ومبيدات، متوقعًا عودة الأسعار قريبًا، وتكون الأسعار في متناول الجميع، مع غزارة في الإنتاج، وتوسع مساحات زراعته في الموسم المقبل، ولن يكون هناك احتكار من التجار لمحصول البصل.

كميات تجارية

دعا الخبير في الإرشاد الزراعي، عبدالحميد آل بن زيد، إلى تأسيس جمعية للبصل وللطماطم، لأنهما منتجين وعنصرين غذائيين رئيسيين وتوفرهما محليًا ضروريًا، حتى لا نتعرض لارتفاع أسعار مفاجئ، مضيفًا أن الاعتماد على الخارج، أضر بالأسواق المحلية، وارتفعت الأسعار بسببهما، مبينًا أن إنتاج البصل والطماطم بكميات تجارية، هو مشروع لم تتبناه، شركات كبرى أو مزارعون صغار، مبينًا أن هناك زراعة للبصل بكميات قليلة لا تفي حاجة المستهلكين في السعودية، وهي غير مجدية للإنتاج المحدود، لارتفاع تكاليف مصاريف إنتاجه، التي تفوق قيمته السوقية.

تفادي أزمات مقبلة

أشار بن زيد، إلى أن زراعة البصل والطماطم، بات التشجيع عليها ضروري، بجانب تقديم الدعم الخاص لزراعتهما بالقروض والأسمدة، وإطلاق برامج لزراعتهما، ودورات تدريبية، ومشرعات لدعم الشباب والخريجين والمهندسين الزراعيين، لافتًا إلى أن زراعتهما، أسهل الزراعات، وأقل تكاليف، وأقلها إصابات، باعتبار البصل مقاومًا للحشرات، وفي زراعتهما تفادي أي أزمات مقبلة، وإيجاد مصانع تحويلية، لتحويل الكميات الفائضة إلى صناعات أخرى، والاستفادة من أنواع البصل في تعددها بحسب كل منطقة، ما يناسب تربتها.