وثق الباحث الدكتور عبدالله الموسى في كتابه «التقويم الزراعي في منطقة عسير» الذي صدر أخيرًا مواسم الزراعة في عسير بشكل علمي اعتمادًا على حركة ومطالع النجوم.

وأوضح الموسى لـ«الوطن» أن توثيقه للتقويم الزراعي في عسير استغرق أكثر من 40 عامًا من الدراسة والرصد والبحث، متأثرًا بأهالي قريته في محافظة سراة عبيدة الذين تابعوا ورصدوا حركة الثريا والقمر لتحديد الوقت الملائم لمواسم الزراعة.

وبين أنه تنقل بين قرى ومحافظات المنطقة لفترات طويلة لجمع المعلومات من المزارعين خاصة كبار السن وممن لديهم خبرة بمواقع النجوم وتواريخ ظهورها واختفائها، ومعرفتهم بمنازل القمر وطريقة احتساب أيام الفصول والأنواء، ومسميات النجوم، وأوقات المذاري «الاستزراع» لبعض المحاصيل.

وقال إنه رصد حركة الثريا واقترانها بالقمر، وقارن ذلك مع الأشهر الشمسية التي تعد أكثر ثباتًا مع فصول السنة، على مدار 40 عامًا وتوصل إلى ضبطها ضبطًا دقيقًا، وحدد لكل قران ما يقابله من منازل القمر.

اعتماد على القرانات

أكد الموسى اعتماد مزارعي المنطقة على القرانات «اقتران الثريا بالقمر» بدءًا من قران السابع عشر حتى قران الثالث، بحيث تشمل فصل الخريف المسمى في عرفهم «فصل الشتاء» مرورًا بفصل الشتاء المسمى في عرفهم «فصل الربيع» حتى منتصف فصل الربيع المسمى في عرفهم «فصل الصيف» حيث يعتمدون في زراعتهم وأوقاتهم الفلكية على القرانات.

اقترانات شتوية

تقترن في فصل الشتاء، الثريا مع القمر في 13 من الشهر الهجري «قران الثالث عشر»، أو قريبًا منه، ويبدأ في السابع من ديسمبر من كل عام، وله من النجوم الإكليل والقلب، ومدته 26 يومًا. وبهذا الاقتران تبدأ المربعانية، وهي بداية البرد الفعلي ودخول الشتاء الحقيقي الذي يسميه أهل المنطقة «الربيع» وفيها بداية زراعة القمح وتعد لياليها أطول ليالي السنة.

وفي نجم الإكليل تقول العرب إذا طلع الإكليل هاجت الفحول وشمرت الذيول وتجرفت السيول. وفي نجم القلب تقول العرب إذا طلع القلب جاء الشتاء كالكلب وصار أهل البوادي في كرب.

أما قران حادي عشر وهو اقتران الثريا بالهلال ليلة 11 من الشهر الهجري، ويبدأ في 2 يناير من كل عام ميلادي. له من النجوم نجما الشولة والنعائم، وعدد أيامه 26 يومًا، وهو أشد أشهر الشتاء برودة. ويقول المزارعون الأوائل «بالحدى حربة الربيع» أي أشده بردًا، وفيه تبدأ الأشجار اللوزية «الفركس، المشمش، اللوز، البخارة بالإزهار، ويفضل تقليمها قبل دخوله، وفيه تقلم الأشجار متساقطة الأوراق، كالتين والعنب والرمان.

وفي قران تاسع تقترن الثريا بالقمر في اليوم التاسع الهجري، ويبدأ في 28 يناير. وله من النجوم نجما البلدة وسعد الذابح، وفيه تشتد الرياح الناهضة، يقول «الأقدمون» بالتسع ميعاد الرياح «الهبايب» وهو شديد البرودة.

وفي نجم البلدة تقول العرب «إذا طلعت البلدة حممت الجعدة، وأكلت القشدة، وأخذت الشيخ الرعدة، وقيل للبرد اهدَا».

وفي سعد الذابح تقول العرب «إذا طلع سعد الذابح حمى أهله النابح، ونفع أهله الرائح، وتصبح السارح، وظهرت في الحي الأرايح، وانحجرت الضوابح» خاصة إذا لم ينزل فيه المطر.

قران سابع

في قران سابع يقترن الهلال بنجوم الثريا في اليوم السابع من الشهر الهجري أو يقاربها، ويبدأ في 23 فبراير من كل عام ميلادي، وعدد أيامه 26 يومًا. وله من الأنواء سعد بلع وسعد السعود.

وفيه يبدأ ظهور الأوراق في الأشجار، وتبدأ كروم العنب في الطلع. ويقول العرب في قران سابع «مجيع وشابع» دلالة على بداية العشب فيتوفر في بعض المواقع ويكون في بعضها في بداية نبته.

وفي سعد بلع تقول العرب «إذا طلع سعد بلع اقتحم الربع، ولحق أهله الهبع، وظهر في الأرض لمع» ومعنى اقتحم الربع، وهو صغير الإبل، أول النتاج يولد في الربيع، ويوسع الخطا حال المشي.

ومعنى لحق الهبع، وهو صغير الإبل، آخر النتاج، ويولد في الصيف، يمد عنقه حال المشي، لذا فهو نتاج متأخر وضعيف.

وفي سعد السعود تقول العرب «إذا طلع سعد السعود لانت الجلود، وذاب كل جمود، واخضرّ كل عود، وانتشر كل مصرود، وكره في الشمس القعود».

وهو بداية الربيع الحقيقي، وفي قران سباع يستوي الليل والنهار فيما يسمى بالاعتدال الربيعي، ويتم ذلك في 12 مارس من كل عام ميلادي في منطقة عسير.

وفي الجنوب يقولون «قسمناك يا بالسبع صيفٍ وزبرة» يقصدون أنه بداية الربيع، حيث يسمون الربيع صيفًا، بينما يسمون الشتاء ربيعًا، ويقصدون بالزبرة تكوُّن السحاب الركامي جهة شرق منطقة عسير في نوء سعد السعود.

الربيع صيف عسير

يعرف الربيع لدى أهل المنطقة بأنه فصل الصيف، وفيه يقترن الهلال بكوكبة الثريا في اليوم الخامس الهجري. وعدد أيامه 26 يوماً تقريبًا. ويبدأ رسميًّا في 11 مارس. ويعرف بقران خامس، وفي بدايته يتساوى الليل والنهار، ويسمى بالحميمين نظرًا لحرارة باطن الأرض وحرارة الشمس، فيجتمع الحميمان، وعليه أطلق هذا المسمى. وتخرج فيه الهوام من بياتها الشتوي، وفيه يعتدل الجو.

وله من الأنواء نوء سعد الأخبية ونوء المقدم، وهو بداية موسم الربيع الحقيقي، وفي عرف المنطقة الصيف، وتقول العرب «قران خامس ربيعٍ طامس» لكثرة العشب واخضرار الأشجار إذا سبقه مطر، وعادةً بإذن الله تكثر فيه الأمطار، وتسمى لدى العامة بسمك الشعير، وهي غزيرة المطر، وهو نسبة إلى نجم السماك الأعزل. وفي نوء سعد الأخبية تقول العرب «إذا طلع سعد الأخبية خرج الناس من الأبنية ودهنت الأسقية».

وفيه تعقد ثمار اللوزيات الفركس والخوخ واللوز والبخار، وتبدأ أشجار الرمان بالإزهار، وتزرع فيه شتى أنواع الخضار، ويفضل فيه بداية بذر الطماطم المكشوفة، وقديمًا كان يتم فيه حصاد الشعير لأن عمره الزمني أقصر من البر.

ويعد ذلك نهاية فصل الربيع الحقيقي وبداية الصيف الفعلي، ويعرف بقرن ثالث حيث تبدأ درجات الحرارة في الارتفاع بشكلٍ لافت لذا تقول العرب «قران ثالث ربيعٍ ذالف».

وفيه تقترن الثريا بالقمر في اليوم الثالث من الشهر الهجري أو تقاربه، ويبدأ في 16 من أبريل، ويسمى فلكيًّا بالذراعين. ومدته 26 يومًا تقريبًا.

وله من الأنواء نوء المؤخر ونوء الرشا، وفي نهايته تزرع الذرة الرفيعة، وتسمى هذه الزراعة لدى الأقدمين بمذاري الكفوف، وذلك أن الثريا تكاد تختفي في شعاع الشفق، فيضطر الرائي إلى وضع كفه على سمت الأفق، فسميت بهذا، لذا يقولون «مذاري الكفوف تملأ الرفوف» وفيه تكثر الأمطار، بإذن الله، فموسمه مطير، وتسمى سمك البر لأنها توافق حصاد القمح.

الثريا

تبدأ في 12 مايو من كل عام ميلادي، وعدد أيامها 39 يومًا. ولها من الأنواء الشرطين والبطين والثريا، وفي أولها كنة الثريا، أي اختفاؤها، وفي نهايتها تظهر الثريا من المشرق فجرًا، وهي بداية الصيف. ويطلق على موسمها في عرف القرانات «قران حادي» وهو اقتران الثريا بالقمر في بداية الشهر الهجري، وتقول العرب «قران حادي على الماء تراوي».

وفي موسمها يحصد القمح، وفيها تنضج أغلب منتجات اللوزيات «المشمش والبخار وبعض أنواع الفركس» وهو ممطر بإذن الله.

وتقول العرب عند دخول نوء الشرطين «إذا طلع الشرطان اعتدل الزمان، وحضرت الأوطان، وتهادت الجيران، وبات الفقير في كل مكان» ومعنى قولهم:

وحضرت الأوطان، أي أنهم يرجعون من البوادي الى أوطانهم ومياههم؛ لأن الغدران في البوادي قد قل ماؤها.

ومن أنوائه البطين، وعدد أيامه 13 يومًا. وفيه ترتفع درجات الحرارة بشكل لافت، وتقول العرب «إذا طلع البطين اقتضوا الدين، وظهر الزين، واقتفى الصياد العين، واعتني بالعطار والقين» ومعنى اقتضائهم للدين أنهم يطمئنون ويقضي بعضهم بعضًا ما له وما عليه من الدين، وقولهم: ظهر الزين، يقصد أنهم عند التلاقي يتجملون بأحسن ما يقدرون عليه. وآخر أنوائه نوء الثريا، وعدد أيامها 13يومًا، وتشرق مع الفجر. وهي موسم مطر بإذن الله.

وهي سبعة أنجم ظاهرة مجتمعة، والثريا «النجم» أشهر العناقيد النجمية معروفة منذ أقدم الأزمنة، ومعروفة عند العرب من أيام الجاهلية، ويصنفون المواسم باقترانها مع القمر.

وتقول العرب عند ظهور نجم الثريا ويسمونه النجم «إذا طلع النجم فالحر في حدم، والعشب في حطم، والعاهات في كدم» وتقول أيضًا «إذا طلع النجم غديه، ابتغى الراعي الشكية».

وفي البطين تهب عادة رياح شرقية جافة تسمى «فوحة الثريا» تجفف النبات.

فصل الصيف خريف عسير

تبدأ الجوازي «الجوزاء» في 20 يونيو من كل عام ميلادي، وعدد أيامها 26 يومًا. ولها من الأنواء الدبران والهقعة. وهي بداية فصل الصيف الحقيقي فلكيًّا، وفيها أطول أيام السنة.

وفيها تبدأ بواكير ثمار الخريف «التين والعنب والفركس وبعض أنواع الرطب» وتشتد الحرارة، ويسميها أهل نجد «مربعانية القيظ» ويسمونها «طوابخ الرطب» حيث حرارتها تعجل بنضج الرطب وسائر الفواكه الصيفية. وفي أسجاع أهل النخل قولهم: إذا طلعت الجوزاء، فامل الحوزاء، يقصدون أن بواكير الرطب قد أقبلت.

وفي هذا النوء يسود السَّموم «الحر» ويتقلب الجو، ويظهر الغبار من تهامة الذي يسمونه «الطوز» ويندر فيه المطر، ويسود أجواءه الجفاف.

وفي الجوزاء تقول العرب «إذا طلعت الجوزاء توقدت المعزاء، وكنست الظباء، وعرقت العلباء، وطاب الخباء (وفي نوء الهقعة) تقول العرب «إذا طلعت الهقعة تقوص الناس للقلعة، ورجعوا عن النجعة، وأردفتها الهنعة» والهقعة ثلاثة كواكب تشبه الأثافي.

علب

هذا النجم يبدأ في 16 يوليو، ويوافق نوء الهنعة. وهذا النجم عادةً يصحبه غبار مصدره من أغوار تهامة، ويسميه أهل المنطقة «غسمة علب» وهو غالبًا ممطر، إذ يبدأ معه منخفض الهند الموسمي بالتعمق على المرتفعات الجنوبية.

وكان أهلنا الأولون يعانون فيه من التعب في الزراعة والسقيا، ويقولون «علب اللي تشكي العماميل ضيمه».

وفيه بدء نضوج التين والرطب وسائر الفواكه الخريفية بشكل ملحوظ وبغزارة.

ويقول ساجع العرب: إذا طلعت الهنعة تحمّل الناس للقلعة، وأدرك البسر والتين وفي هذا الطالع يُنصح بالإكثار من ري المزروعات.

وفيه تبدأ زراعة البر «البوني» ويسمى لدى بعض أهالي منطقة عسير «الخرفي» نسبة إلى فصل الخريف، والبعض يسميه «قياض» نسبة إلى القيض، وهو الحر الذي يوافق فصل الصيف «الخريف» في عرف المنطقة.

ومدة زراعته بين 3 أشهر و4 أشهر، وكذلك يزرع فيه الشعير، ومدته 3 أشهر، وفيه يشتد عود «الذرة» ويقول المزارعون في زراعة الذرة «علب علباها، وسهيل رباها، والروابع أمها وأباها» بمعنى أن أمطار علب تنمي نبتة الذرة، وأمطار سهيل تربي قصب الذرة، وأمطار الروابع هي الأساس في ارتواء أعذاق الذرة حتى يصلح ثمرها وينضج.

ويقولون في علب: «علب أعيب، إن أمطر أخرب، وإن شرَّق أصلب» أي أنه عايب، من العيب، سواءً في مطره أو جفافه، فإن حصل فيه مطر شديد قتل نبتة الذرة لصغرها وعدم تحملها كثرة الماء، وإن حصل جفاف أثر على النبتة بتصلب التربة. وقد رأيتهم يقومون بعمل «التثويل» وهو تفتيح التربة وجمع التراب حول ساق النبتة لمساعدة الذرة على النمو.

ويقولون: «علب إمَّا خُلَبْ، وإلاَّ لَهَبْ» أي إمَّا ممطر أو محرق بحرِّه النبات.

وفيه تظهر حشرة سوداء لها أرجل كثيرة تسمى «الحباليل أو خبلباني» وهي حشرة زاحفة بطول 10 سم، ولونها أسود يخالطها حمرة، وتسمى في منطقة عسير بالحلبوب».

وفيه تخرج أيضًا الثعابين السوداء. ويطلق عليها «الداب الأسود» وهو أشد الثعابين سمية. وخروج صغار الغربان من أعشاشها.

سهيل

سهيل لدى أهل المناطق الجنوبية يسبق سهيل لدى أهل نجد، فأهل الجنوب يصنفون النجوم عند غروبها، بينما في نجد يصنفونها عند شروقها، والفرق 40 يومًا.

وسهيل لدى أهل الجنوب في منتصف الصيف «الخريف حسب عرف المنطقة» يبدأ من29 يوليو ويستمر 13 يومًا، ويقابله في العرف الفلكي نجم الذراع، وفي العرف النجدي المرزم والكلبين. وهو ممطر، بإذن الله، ويكثر فيه الضباب، وتسميه العامة «غطاط سهيل» يستدلون على دخوله بتراكم الضباب ناحية تهامة، خاصة على المرتفعات المطلة على تهامة، وقلّما يخلف مطره، حيث يكثر المطر، وتنضج جميع الفواكه الموسمية، عدا الرمان فيتأخر حتى نهاية «الروابع» ويتفاءل به أهل الزراعة،وقديمًا يرددون:

يــا ســعد مــن يأتــي ســهيل وعــاده.... حوشــه ويوشــه ســالمين النقايص

نظرًا لأن الفترة التي تسبقه تنتشر فيها الأوبئة في زمنهم، خاصةً الحصبة على الأطفال، ويكثر الغبار مما يؤثر على مواشيهم وزراعتهم. ويقولون عند قسمهم مبالغةً «والله عداد السيل وغطاط سهيل» كنايةً عن كثرة الضباب فيه.

ويقولون «سهيل أبو المطر والسيل» لكثرة الأمطار فيه. ويقال أيضًا «سهيل مرخص الكيل» كنايةً أن مطره يكون سببًا بعد إرادة الله في زيادة المحاصيل ووفرتها وبالتالي رخصها.

وفي هذا النجم تكون أعواد الذرة بارتفاع متر، وتبدأ الذرة فيها بتكوين (المطو) عذق الذرة، وغالبًا يكون رأس العود منتفخًا، ويسمونه (المرح) استعدادًا لخروج العذق.

وتعد فترة سهيل من أجمل الأوقات في منطقة عسير، حيث يعتدل الجو وتهطل الأمطار، وتنضج غالبية فواكه الخريف، وهي الفترة الذهبية في فصل الصيف «الخريف» على تسمية أهل المنطقة.

الروابع

أضاف الموسى أن «الروابع تظهر في 11 أغسطس من كل عام، ويقابلها من النجوم النثرة والطرفة، وعدد أيامها 26 يومًا، ويقابلها من النجوم في عرف أهل نجد بداية نجم سهيل وهي مقدمة كوكبة (السبع) الأنجم الأولى الأربعة من بنات نعش، أو ما يسمى أبو ملعقة، ويسمى في العرف الفلكي مجموعة الدب الأكبر. وتظهر مع الفجر من الجهة الشمالية الشرقية، وهي ممطرة، بإذن الله، ومطرها يشبه مطر الربيع، ويقول الأولون (الروابع قطعة من الربيع). وفيها تبدأ الذرة الصفراء بظهور أكوازها، وهي الذرة البلدية، وفي الروابع ينضج الرطب ويتحول إلى تمر، كما يكثر فيه نضوج فواكه الخريف؛ من عنب وفركس وآخر موسم التين وبداية نضج الرمان. وفي هذا الموسم موعد هجرة بعض الطيور من الشمال إلى الجنوب، ويطلق عليها أهل المنطقة طيور الروابع لأنهم لا يشهادونها إلا في هذه الفترة.

فصل الخريف شتاء عسير

الخامس: يبدأ هذا النجم في 6 سبتمبر، وعدد أيامه 14 يومًا، ويوافق نوء (الجبهة) ويعد فترة انتقالية بين الصيف (الخريف بمسمى أهل المنطقة وبين الخريف (الشتاء بمسمى أهل المنطقة) يتخلله رياح شرقية جافة. وفي هذا النجم تبدأ أكواز الذرة في النضوج، ويردد المزارعون عبارة (إذا ظهر الخامس فالحب متلامس) وسمي بالخامس لأنه خامس نجوم بنات نعش الكبرى التي تظهر في الشمال الشرقي فجرًا، وتسمى لدى العامة (السبع) ويطلق عليها الدب القطبي.

ويستدلون على هذا النجم بإشراقه فجرًا في الشمال الشرقي، وكذلك بالثريا إذ ترى في كبد السماء فجرًا، ويقولون (إذا صارت فوق الرأس فأنت من الخامس في يأس) يقصدون الثريا.

ويطلقون على أنواء (الخامس، والسادس، والسابع) مسمى (علان) ويرددون (تقول التهامية: ليت الدهر كله صيف وعلان) ذلك أن أمطار تهامة تكثر في الصيف (الربيع في العرف السائد) وفي علان، ويكثر فيه المرعى الذي تعتمد عليه أغنامهم، فيكثر لديهم اللبن والسمن وتتحسن أحوالهم وتسمن أغنامهم، فيبيعون منها ومن سمنها ما يكفيهم سائر عامهم ذلك. وتشتد فيه الرياح الشرقية، وهي وإن كانت جافة إلا أن لها مفعولًا على الزراعة؛ إذ يشتد معها عود الذرة ويبدأ في النضوج، كما أن لها مفعولًا في قتل الحشرات الضارة وطردها لذا يرددون «رياح الخامس تطرد النامس».

أما السادس، فيبدأ في 20 سبتمبر ومدته 13 يومًا، وهو النجم السادس في مجموعة بنات نعش، أو ما يسمى بمجموعة الدب القطبي، ويسمى لدى العامة (السبع) وهو ثاني نجوم الشتاء (الخريف) في العرف الفلكي. وفيه يكثر الجفاف، ويبدأ تساقط أوراق الشجر، ويبرد الليل، وإن حصل فيه مطر فتسميه العامة (مطر العشوة) ويمنعون مواشيهم من شربه لأن له تأثيرًا سلبيًا عليها.

فيه تبدأ بواكير نضج الذرة البلدية، كما يكتمل فيه صرام النخل ويصبح أغلبه تمرًا، عدا قليل من البرحي ونبوت سلطان والهلالية وحلوة الشمال. كما يطيب فيه الرمان ويكتمل نضجه، وهو الوقت المناسب لجني الرمان حيث يتعجل أغلب المزارعين في جنيه قبل نضجه. وفيه يستوي الليل والنهار فيما يسمى بالاعتدال الخريفي، فتتعامد الشمس على خط الاستواء في 30 سبتمبر من هذا النجم في منطقة عسير. وبهذا يبدأ فصل الخريف في النصف الشمالي، واستهلال فصل الربيع في النصف الجنوبي. ومما يلفت النظر في هذا اليوم أن الشمس تشرق في ذلك اليوم عند الدرجة 90 تمامًا، وهو ما يعد مهما بالنسبة لمن يرغبون في التعرف على نقطة الشرق بدقة.

وفي ذلك اليوم أيضًا تغرب الشمس تماما في نقطة الغروب الحقيقية. وفيه ينصح بقص أعواد الذرة التي لا تثمر أو المتأخرة، ويسمونه (وييم) بمعنى (وجيم) بقلب الجيم ياءً، وهي لهجة أغلب سكان المنطقة. ويرددون: (إذا جاء السادس اصرم زرعك أخضر ويابس ذلك أن أعواد الذرة قبل دخول السادس لا ينصح بتقديمها للمواشي لأنها تسبب لها (الحشرة) وقد تموت إذا أكلته لأنه يسد بلعومها فتختنق وتموت.

وفي السابع: يبدأ هذا النجم في 3 أكتوبر، وهو النجم السابع والأخير من سلسلة كوكبة مجموعة بنات نعش، أو ما يسمى بمجموعة الدب القطبي، ويسمى لدى العامة (السبع). وبدخول هذا النجم يبدأ الليل في أخذ الزيادة من النهار، ويوافق السابع نجم الصرفة، وفيها انصراف الحر. ويعد هذا النجم أكثر نجوم الشتاء جفافا، حيث تهب الرياح الشرقية الجافة فتجفف العشب وأوراق الشجر. وفي هذا النجم موسم حصاد الذرة المحلية في منطقة عسير.

الوسم

أوضح الموسى أن الوسم يبدأ يوم 16 أكتوبر، ويتكون من قران سابع عشر وخامس عشر، وكل منهما 26 يومًا، بحيث تصبح أيام الوسم 52 يومًا، وهي: قرآن سابع عشر: وهو اقتران القمر مع الثريا في اليوم السابع عشر من الشهر الهجري. وله من الأنواء: العواء والسماك. وعدد أيامه 26 يوما، ويبدأ في 16 أكتوبر من كل عام ميلادي، وهو بداية الوسم. وسمي الوسم لأنه يسم الأرض ويحييها. أما الوسم في اللغة فهو أثر الكي والوسام والوسمة ما وسم به الحيوان.

ويوجد علامات عدة واضحة لدخول الوسم، منها: بدء عبور الطيور المهاجرة سماء الجزيرة العربية، وجني عسل السدر، وتكون حركة السحب من الغرب إلى الشرق استجابة للتيار النفاث الغربي، كما تبدأ برودة الجو ليلا، وتنشط أيضًا خلال هذا الموسم الأمراض الموسمية المرتبطة بتغير الجو، كالأنفلونزا، بسبب التفاوت الكبير بين درجات حرارة النهار الدافئ والليل الذي قد تلتمس فيه البرودة.

قران خامس عشر وفيه تقترن الثريا بالقمر في منتصف الشهر، ويبدأ في 11 نوفمبر من كل عام ميلادي. وله من الأنواء: الغفر والزبانا. ومدته 26 يوما، وبنهايته تنتهي أيام الوسم ويبدأ الشتاء ببرده القارس، وهو أشد بردًا مما قبله ولكن برده مقبول. وهو موسم أمطار، إذا كتب الله ذلك، وفيه بداية زراعة القمح وتلقيح الأغنام، حيث تبان الثريا من جهة المشرق عشاء، ويقول الأقدمون (إذا بدت عشاء) يقصد الثريا (فأذر يا للي ما معه عشاء وأبهل كناية عن تلقيح الأغنام (يا راعي الشاء) الشياه.

وتقول العرب في نجم الغفر: (إذا طلع الغفر اقشعر السفر، وتربل النضر، وحسن في العين الجمر ) كما تقول في نجم الزبانا: «إذا طلعت الزبانا أحدثت لكل ذي عيال شانا، ولكل ماشية هوانا، وقالوا كانا وكانا، فالحق بأهلك ولا تواني».