منذ عهد ليس بالقريب، حذر خبراء في مؤتمر أقيم بمدينة الرياض، وتناول ملف «الموارد المائية»، من كارثة الجفاف والعطش التي بدأت تلوح في الأفق عربيا ما لم تتحرك الدول للتصدي لذلك عبر مجموعة من الحلول والتدابير السريعة والصحيحة، القائمة على التخطيط السليم والإدارة المالية المتكاملة والأمن المائي لكل دولة. وفي مقدمة تلك الحلول التي دعا إليها الخبراء ضرورة المسارعة في إعادة النظر في طرق استخدام المياه، خاصة في الزراعة.

لماذا التحذير؟

مرد ذلك التحذير جملة من الأرقام المفزعة التي تكشف بوضوح أن 90% من المناطق العربية صحراوية قاحلة وذات موارد مائية منخفضة ومحدودة وتبخر مرتفع، تصل نسبته إلى 80%، فضلا عن أن 50% من مياه شبه الجزيرة العربي مياه جوفية.

ونتيجة عدم وجود أنهار في معظم الدول العربية، فإن أحواض تلك المياه تعد المصدر الرئيسي، بل الوحيد، للمياه العذبة والمتجددة، بينما السحب الزائد من تلك الأحواض وصل إلى حالة من الاستنزاف الأقصى والملوحة العالية، والتلوث العضوي وغير العضوي، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث دمار كامل للطبقات الصخرية الحاملة للمياه الجوفية، وقد يكون ذلك في وقت ليس بالبعيد.

أزمة المياه

تشير تقديرات إلى أن السعودية تستهلك من المياه نحو 950 مترا مكعبا للفرد كل عام مقارنة بالمتوسط العالمي، البالغ 500 متر مكعب، وأن الزارعة هي أكبر مستهلك للمياه في المملكة، إذ تستأثر بـ85 - 90% من الإمدادات بالمملكة التي يتم الحصول على 80 - 85% منها من المياه الجوفية، في حين يبلغ معدل سقوط الأمطار سنويا 100 ملم. وبالتالي، فإن المياه الجوفية تعتبر الشريان الحيوي محليا.

وعلى الرغم من كون المياه الجوفية هي الشريان الأبرز، فإنه نالها من سوء الاستخدام والاستغلال الشيء الكثير، ولا سيما في ظل لجوء المزارعين في وقت سابق إلى زراعة محاصيل عالية الربحية لكنها تستهلك كميات أكبر من المياه مثل القمح، ثم تحولوا إلى زراعة الأعلاف الحيوانية التي تستهلك أربعة أمثال المياه التي يحتاجها القمح، فضلا عن لجوء مزارعين آخرين إلى زراعة النخيل الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه أيضا، وقد لا يحقق الهدف المنشود المتمثل في ترشيد الاستهلاك.

جهود حكومية

سعيا للحفاظ على الثروة المائية، اتخذت الدولة جملة من التشريعات على هيئة أنظمة وقرارات، غايتها تنظيم الاستفادة من الثروة المائية، وترشيد استخدامها، واستخدامها الاستخدام الأمثل.

ففي 1437، قرر مجلس الوزراء إيقاف زراعة الأعلاف الخضراء، سعيا للمحافظة على المياه الجوفية غير المتجددة في مناطق الرف الرسوبي، التي تشمل الرياض والشرقية والقصيم وحائل والجوف وتبوك، مع العمل على توفير البدائل الأخرى لمربي المواشي من خلال مصانع الأعلاف المتكاملة المُصنعة، وتشجيع استيراد الأعلاف الخضراء من الخارج، حيث عول قرار الإيقاف على توفير نحو 8 مليارات م3 سنويا من المياه الجوفية، ولا سيما أن زراعة الأعلاف الخضراء تستهلك أكثر من 17 مليار م3 سنوياً.

وفي أواخر 1441، صدر نظام المياه الذي يهدف على المحافظة على مصادر المياه، وتنميتها، وحمايتها، وضمان استدامتها، وإدارتها، وتنظيم شؤونها والحقوق المتعلقة بها وأوجه استخدامها، وضمان توفير إمدادات المياه بشكل آمن، ونظيف، وموثوق به، وبجودة عالية، وضمان توفير إمدادات المياه للقطاع الزراعي بما يضمن استدامة هذا القطاع. كما أطلقت وزارة البيئة والزراعة والمياه في أواخر 1443 حملة تحث على الإفصاح عن الآبار غير المرخصة، وتصحيح أوضاعها، في خطوة تسعى إلى بناء قاعدة بيانات حيال الآبار القائمة.

إيقاف الظاهرة

في أواخر ربيع الآخر 1445، أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة أنها بدأت في تركيب أجهزة تتبع على الحفارات ومعدات حفر الآبار، بهدف تنظيم نشاط مزاولة حفر الآبار، لإيقاف ظاهرة الحفر العشوائي للآبار، وذلك امتدادًا لأعمال تنظيم مصادر المياه الجوفية واستخداماتها والمحافظة عليها، مؤكدة أن المشروع سيمكّن أصحاب الحفارات من تَتَبُّعها، وضبط حركتها بشكل لحظي من خلال إرسال بياناتها إلى منصة رقمية، لضبط التصاريح المتعلقة بالحفر التي تصدر للمؤسسات والشركات، لمزاولة نشاط حفر الآبار، بالإضافة إلى تصاريح التنقل لأصحاب الحفارات من موقع إلى آخر لمن لديهم رخصة من عملائهم لحفر أو تعميق أو تنظيف بئر، ويجري ربط أجهزة تتبع الحفارات ببقية خدمات رخص مصادر المياه واستخداماتها.

المياه الجوفية جغرافيا

الرياض 41%

مكة 1%

المدينة 2%

القصيم 11%

الشرقية 23%

عسير 1%

تبوك 5%

حائل 5%

الحدود الشمالية 2%

جازان 3%

نجران 2%

الباحة 2%

الجوف 3%