حق التقاضي واللجوء له حق من الحقوق الأساسية التي كفلها النظام الأساسي للحكم في المادة السابعة والأربعين، ومن ثم بينت الأنظمة كافة الجوانب المتعلقة بإجراءاته اللازمة لممارسة هذا الحق ونظم ذلك نظام المرافعات الشرعية.

ومن هذا المنطلق الراسخ عملت السلطة القضائية على تطوير جميع منظوماتها وصولا إلى استخدام التقنية وتوظيفها بشكل مميز ومنقطع النظير فنحن نعيش تطورًا ملحوظًا بإطلاق أنظمة تقنية شملت القضاء العام والقضاء الإداري والتي بدورها تُدير جميع القضايا على مختلف أنواع ودرجات المحاكم.

ومن أعظم سمات استغلال التقنية أن أصبحت إدارة القضايا وما يشملها من خلال خدمات إلكترونية وفرتها هذه الأنظمة التقنية بداية بطلب تقديم الدعوى القضائية مروراً بتقديم كافة الطلبات والإجراءات المتعلقة بها وصولا لحضور الجلسات عبر الاتصال المرئي ما بين أصحاب المصلحة والدوائر القضائية.

ولكن أصبح من المرهق أن يُستقبل رسالة نصية مفادها «تم إحالة القضية» وهذا ما سوف نتطرق له ونسلط الضوء عليه حيال بعض الإجراءات التي يتم اتخاذها قبل قيد القضية وإحالتها للدائرة القضائية المختصة وما يتعلق بصحيفة الدعوى التي بموجبها تُقيد الدعوى القضائية حيث تتم العديد من الإجراءات من قبل الجهة المختصة حين استقبال طلبات قيد الدعاوى القضائية وهذه الإجراءات يعتريها مخالفة صحيح أحكام نظام المرافعات الشرعية ومن تلك المخالفات إعادة صحيفة الدعوى من قبل موظفي الجهة المختصة ممثلة بمراكز التدقيق بداعي عدم تحرير الدعوى أو التدخل في ما يتعلق ببحث الصفة أو الموضوع أو الأهلية أو المصلحة.

إن بحث مثل هذه المواضيع من قبل الجهة الإدارية المعنية باستقبال طلبات الدعاوى ليس له أصل نظامي وفيه إطالة غير مبرره لأمد التقاضي مما يترتب عليه العديد من الأضرار التي قد تلحق بمن له الحق في اللجوء للقضاء، سواء الإضرار بالمصالح المباشرة وغير المباشرة لطالب قيد الدعوى وتعريضه لآثار فوات المدد النظامية نتيجة لذلك.

إن قيام الجهة الإدارية ممثلة بمنصة ناجز التابعة لوزارة العدل والمختصة بكل قضايا واختصاصات القضاء العام وكذلك منصة معين المختصة بالقضاء الإداري ببحث ما تم ذكره والإشارة له تدخلًا صارخًا في أعمال واختصاصات الدائرة القضائية، ذلك أن سؤال المدعي عما هو لازم لتحرير دعواه وما يتعلق بها من طلبات، أو التصدي لانعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة هي من صميم العمل القضائي ومن اختصاصات الدائرة القضائية، مما يلزم معها صدور أحكام قضائية تفصل فيها وفقاً لما قررته أحكام نظام المرافعات الشرعية ولوائحه التنفيذية.

ولكون أحكام القانون ملزمة ولها سيادة ومشروعية فإن التصدي لمثل هذه الإجراءات ضرورة تحتم أن يتم وضع إجراءات واضحة لجهة التدقيق المعنية باستقبال طلبات قيد الدعاوى القضائية سواء لمنصة ناجز أو منصة معين بلزوم التقيد بنطاق أعمالها وعدم التدخل في أعمال الدوائر القضائية وأن يكون هنالك برامج تأهيلية وتدريبية تساعد موظفي مراكز التدقيق على القيام بمهامهم، بما يضمن عدم التدخل في اختصاصات السلطة القضائية وضمان حماية حقوق أصحاب المصلحة والتقليل من المخاطر التي قد تتعرض لها جهة الإدارة المعنية جراء المطالبة بالتعويض عن الخطأ في تطبيق النظام أو استغلال السُلطة.