في الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل هناك الكثير من الضحايا والخسائر، ولكن تظل أعظم الخسائر هم أولئك الأطفال الذيم يدفعون ثمنا غاليا؛ فقد حرمتهم الحرب حق الطفولة فلا ابتسامة بريئة ولا حياة فيها مرح وفرح ولا حقوق في التعليم وقبل ذلك لا وجود لحياة كريمة. لقد تأذى الأطفال كثيرا من هذا التصعيد العنيف وكثير منهم مات دون أن يعرف السبب في حرمانه من حقه في الحياة. في هذه الحرب بدلا من أن يمارس الأطفال حقوقهم في اللعب والمرح، كان كل صباح لهم يبدأ بأصوات الانفجارات ودوي القنابل وأصبح أكثر من نصف الأطفال في غزة مشردين بلا منزل أو مأوى، ولم يتوقف الأمر على ذلك فكثير من أولئك الأطفال الجرحى والمتضررين تم حرمانهم من الخدمات الصحية والعقلية بل ومنعهم من علاج الصدمات التي تعرضوا لها بسبب فقدانهم آباءهم وأمهاتهم في هذه الحرب المسعورة. ولنا أن نتخيل كيف أن طفلا يموت بسبب عدم قدرته على سد جوعه أو ظمئه. ورغم الجهود الكثيرة التي تبذلها الدول لمواجهة هذه المأساة إلا أن مأساة الأطفال ما زالت تحديا دون حلول. وتاريخيا ربما تكون هذه الحرب الخامسة التي يعيشها هؤلاء الأطفال في ظل عدم وجود مكان آمن يلجؤون إليه. تناولت اليونيسف في تقاريرها السابقة تقارير لأولئك الأطفال بدا من ذلك الطفل الذي يجلس في حضن والده شاردا أمام منزله الذي تم تدميره بالكامل فأصبح بلا مأوى أو قدرة على توفير أساسيات الحياة. وهناك صور الأطفال الضحايا الذين لقوا حتفهم ولم يتم استثناؤهم في هذه الحرب. وكانت القصة الأكثر إيلاما لذلك الطفل الذي يحمل عددا من الزجاجات الفارغة ويبحث عن مكان ليملأها بالماء ليستطيع هو وإخوته الشرب وسد الظمأ ولكن جهوده تبوء بالفشل فجميع شبكات المياه والآبار قد تم تدميرها. ثم كانت صور أولئك الأطفال والذين لجأوا إلى المدارس ليس طلبا للعلم ولكن بحثا عن مأوى يظلهم وربما يحميهم من تلك القنابل. وتطرق التقرير إلى صور لألعاب الطفولة والتي كانت مرمية بين حطام المباني وكانت الشاهد الوحيد على وجود حياة ربما دفنت بين هذه الأنقاض. هناك حاليا ما يزيد عن مليون شخص لا يستطيعون الحصول على مياه الشرب ويعيشون دون كهرباء أو صرف صحي ولا يستطيعون الحصول على الرعاية والخدمات الصحية ولم تستطع كل التدخلات الإنسانية تخفيف هذه المأساة. ولنا أن نتخيل طفلا ينشأ في ظل هذه الظروف ويشعر بكل هذه المشاعر السيئة، فإن مستقبله لن يكون سوى الانضمام للمقاتلين واستمرار الحرب والكراهية. لقد حان الوقت لتعرف إسرائيل أن البحث عن السلام الحقيقي لن يكون بالقوة أو الدمار ولكن من خلال مبادرات السلام والتي ترى الحق في قيام دولتين لهما حرية التنمية والتطوير لمستقبل أفضل يكون فيه الأطفال في مأمن وقدرة على التمتع بجمال الطفولة وتحقيق الآمال والأحلام.